الوقت- تبقى كلمة الحق هيا العليا دائماً في نهاية كل مطاف، إذ أنه وبعد الظلم الذي لحق بالعديد من وسائل الإعلام اللبنانية لاح بصيص أمل من بعيد في نهاية النفق المظلم الذي عاشته وتعيشه تلك الوسائل بسبب إهمال المعنيين في الدولة وتخاذلهم بالقيام بواجباتهم في حماية الإعلام والإعلاميين والمؤسسات الإعلامية في وجه أي ظلم قد يلحق بهم من الداخل أو الخارج.
وفي هذا الإطار يبدو أن القضاء اللبناني قد استفاق لينتصر لقناة المنار إذ أصدر قاضي الأمور المستعجلة في جبل لبنان حسن حمدان قراراً بإعادة بث قناة “المنار” على “عربسات”.
القرار وصفه المدير العام للمحطة بـ “المنصف”، وبـ”المنتصر لحرية الرأي والكلمة في لبنان”، بعدما فُسخ العقد مع قناة “المقاومة” من جهة واحدة، في مخالفة واضحة للعقد المبرم بين الطرفين، ومن “دون وجه حق”، مع التزام القناة “لحدود حرية الإعلام” على حد وصف فرحات، واستطاعتها طيلة هذه المدة تقديم دفاع مقنع للقضاء اللبناني.
الدعوى التي رفعتها القناة منذ عام تقريباً، حصدت ثمارها اليوم مع هذا القرار الذي ينتظر التنفيذ من الطرف الآخر أي “عربسات”. إذن الكرة في ملعب الأخيرة، وعلى ضوئها يتم الإستئناف أو عدمه. هذه الخطوة فتحت بالطبع باب الحديث عن حجب القناة ايضاً عن قمر “نايل سات” المصري منذ نيسان (أبريل) الماضي.
وعن هذا الموضوع سئل "فرحات" مدير قناة المنار وعن أية بوادر تلوح في الأفق، شبيهة بالتي حصلت مع “عربسات”، إلا أنّه نفى أي “كلام مباشر” مع الشركة المصرية، من دون أن يدخل في التفاصيل. علماً أن “المنار” تعاطت بشكل مختلف مع قطع بثها عن قمر “نايل سات”، على اعتبار أنّ قرار الحجب لم تتخذه الشركة المصرية بقرار ذاتي مباشر بل خضعت لمجموعة ضغوط معروفة الإتجاهات، فظل التعاطي معها من قبل المحطة يعتمد قاعدة التفاهم والإيجابية.
من جهته، اعتبر “المجلس الوطني للإعلام” على لسان رئيسه عبد الهادي محفوظ أن هذا القرار القضائي يؤكد “سلامة رأيه في أن حجب “المنار” كان عملاً تعسفياً وغير قانوني” ويمثل “إنتهاكاً للأصول التعاقدية والقانونية”. كما طالب محفوظ السلطات اللبنانية بتنفيذ التدابير التي تفرض على “عربسات”، وحث شركة “نايل سات” على التراجع عن قرارها بحجب “المنار”.
والجدير بالذكر أنه منذ عام تقريباً، حجبت شركة “عربسات” بث قناة “المنار” عن قمرها، بعدما فعلت الأمر عينه مع “الميادين” من دون إنذار مسبق ولا تبرير قانوني. لكن الأسباب السياسية والجهات التي تقف خلف هذا القمع، معروفة وهي بدون شك تتمثل بالسعودية.
كما أن وسائل إعلامية أخرى عانت من إجراءات تعسفية من نوع آخر كقناة الجديد وجريدة الأخبار اللتان تم محاكمتهما من قبل المحكمة الدولية التي تعدت على صلاحيات الدولة اللبنانية الغائبة عن السمع دائماً وقامت بهذه الخطوة، هذا فضلاً عن التعديات المادية أو الجسدية أو المعنوية الدائمة التي يتعرض لها الإعلام والإعلاميين والصحافة من قبل أشخاص أو مسؤولين أو حتى من بعض المؤسسات في غياب أي خطوات عملية على أرض الواقع من قبل الدولة ومؤسساتها لحمايتهم.
فهل تشكل خطوة القضاء اليوم بريق أمل للإعلام في لبنان الذي يعتبر مهداً لحرية التعبير ومركزاً للإعلام الحر تاريخياً؟ أم أن الخطوة ستقتصر على كونها إقدام فردي شجاع قام به القاضي حمدان؟