الوقت- حقوق الإنسان، شعار رفعته العديد من الشعوب على مدار سنوات عديدة. فكان هذا الشعار الصديق الأول لكل خطاب سياسي أو اجتماعي يتفوه به زعيم هنا أو هناك. وبعد سنوات من الحديث عن هذا الشعار، قامت الأمم المتحدة بخطوة كان يعتقد أنها ستحمي العديد من الاقليات في مختلف الدول. لكن الأيام أثبتت في العديد من المواقف أن شعار "حقوق الانسان" كان ولا يزال شعارا في العديد من الدول. وبمراقبة دقيقة للدول التي تعتبر نفسها مؤسساً لما تسميه بحقوق الانسان و حفظ الاقليات وعلى رأسها امريكا، نجد أن الشعار لم يتعد كونه شعارا تتغنى به هذه الشعوب، علها تستقطب الاقليات لاستغلالهم والوصول إلى أهداف و مصالح خاصة. فهل حقوق الانسان خاصة بالامريكيين؟
تقول "اسطورة" الدستور الأمريكي إن التفرقة بين الناس، على أساس اللون أو الجنس أو الدين أو غير ذلك، ممنوعة كليا وجزئيا، إلا أن العنصرية مغروسة في قلب معظم الأمريكيين، وتبرز العنصرية بقوة عند الجيش الأمريكي، وهي نتاج للعنصرية السائدة في المجتمع، إذ يفرقون تمامًا بين السود والبيض، والمسلمين وغيرهم، وتشير التقارير إلي أن التمييز الامريكي الواضح يميز بين أحياء "البيض" النظيفة الراقية، و شوارع السود وأحياؤهم الشعبية، التي قد تكون أدنى مستوى من بعض دول العالم الثالث.
ومع أن القانون الامريكي يسمح للأسود أن يلتحق بمدارس البيض والعكس لكن الواقع غير هذا، فالواقع يقول إن الأسود يعيش غريبا وسط مجتمع البيض، فينظر إليه في كل لحظة نظرة دونية تماما.
و ينتشر التمييز العنصري في مجال تنفيذ القانون وتحقيق العدالة. وقد وردت انباء تفيد بأن الشرطة تميل الى المعاملة باسلوب أكثر رفقا مع البيض. وتشير التقارير ايضا إلي أن الامريكيين من الاقليات العرقية يعانون من التمييز في سوق العمل ونتيجة لذلك يزداد وضعهم الاقتصادي سوءا.
ويتزايد التمييز على أساس الدين بحدة مع زيادة الهجمات والإهانات الموجهة ضد المسلمين. وفي الاعوام الماضية، أثار فيلم من عمل مخرج امريكي بهدف إهانة النبي محمد عرض على الانترنت، موجة احتجاجات في العالم الاسلامي .
وذكر التقرير نقلا عن احدث استطلاعات الرأي الصادرة عن وسائل اعلام امريكية، أن اكثر من 51 بالمائة من الامريكيين يعبرون حاليا عن اتجاهات صريحة معادية للامريكيين الافارقة بزيادة واضحة عما كانت عليه في السنوات الماضية.
الواضح من التقارير ان التمييز العنصري و العرقي والديني ازداد مع استلام الرئيس باراك اوباما لمنصبه، حيث تزامن ذلك مع المواقف الهجومية له ضد الدول الاسلامية كافة وخطاباته المحرضة دائما على العمل ضد مصالح المسلمين في العراق او سوريا او غيرها. ولا يخفى على متابع الاحداث الاخيرة في بعض الولايات الامريكية التي تبرز القتل و الاضطهاد التي يتعرض له المسلمون في امريكا.
الاحداث التي ظهرت مرارا و تكرارا في امريكا، انتجت حقدا شديدا في قلوب السود ليس للبيض فقط ولكن للحياة بكاملها: للبيض وللمجتمع الامريكي والعالم كله، فأكثر من80% من السجناء في أمريكا سود، وجرائم القتل البشع والمخالفات الكبيرة للقانون يتهم بها السود او المسلمين دائما.
وبالنظر جيدا إلى الجيش الأمريكي نجده منقسماً الى قسمين فاما ابيض عنصري يحتقر كل من هم دونه، واما أسود حاقد على كل شيء، وكلاهما يستغل الفرصة لكي يخرج ما ملأ صدره من الحقد، فيجدون في تعذيبهم للمسلمين حلا لعقدهم النفسية.
وعلى الرغم من كل ذلك لا ينسى الأمريكي طريقته البارعة في تجميل الصورة وإظهار نفسه غير عنصري على الإطلاق، وذلك اعتمادا على الأفلام والإعلام، فتظهر في أفلامهم صداقة الأبيض مع الأسود، ومراعات الاديان بل و حماية المسيحيين للمسلمين و المسلمين للمسيحيين، من أجل الظهور بالمظهر الحضاري اللائق.
لا شك ان النظر بروية في هذا الأمر يطرح اسئلة من شانها ان تدحض كل الادعاءات الامريكية التي تظهر نفسها المحامي الاول و الباحث الاول عن حقوق الانسان. فاذا كان لدى الابيض الأمريكي هذه العنصرية للأَسْوَدِ الأمريكي، فماذا ينتظر من عنصريته تجاه غير الأمريكي، خاصة إذا كان الطرف الاخر يقف ضده، فيملي الإعلام الغربي على شعبه أن اعداءه الذين يحاربهم إرهابيون "مسلمون" يريدون الشر بأمريكا خاصة، وبالعالم كله عامة.