الوقت- عبرت منظمة العفو الدولية في بيان صدر عنها الأربعاء عن "قلقها البالغ جراء الانتهاكات التي تحصل في سجن جو المركزي في البحرين كضرب السجناء وتعذيبهم واستخدام الغازات المسيلة للدموع في الأماكن الضيقة"، كما لفتت المنظمة إلى إفادات عائلات بعض السجناء بشأن "انقطاع الاتصالات معهم واستجوابهم بشأن الأحداث التي وقعت في هذا اليوم".
هذا البيان ليس الأول من نوعه الذي يسلط الضوء على السياسة القمعية التي ينتهجها النظام البحريني في تعامله مع المطالب المحقة للشعب البحريني. فمنذ بدء الثورة البحرينية في شباط فبراير عام 2011م ، ونظام آل خليفة يمارس في الشعب البحريني ألوان العذاب من ضرب وشتم وصعق بالكهرباء ومنع من النوم وغيرها من الانتهاكات التي تفنن الجلاد البحريني في اختراعها.
نظام آل خليفة امتنع عن السماح لمقرر الأمم المتحدة الخاص بالتعذيب وضروب المعاملة اللا إنسانية خوان منديز بزيارة البحرين مرات عديدة والذي أعلن بدوره استعداده لزيارة البحرين في حال وافقت الحكومة على هذه الزيارة.
امتناع النظام البحريني عن السماح للسيد منديز بزيارة البحرين يعكس خشية هذا النظام من انفضاح أمره وكشف تاريخه الأسود فيما يتعلق بتعذيب السجناء خصوصاً السياسيين منهم ، حيث أضحى التعذيب في البحرين سياسة ممنهجة تعمد إليها السلطات البحرينية من أجل إسكات الأصوات المعارضة.
يقول الباحث المختص بشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة 'هيومن رايتس ووتش' نيكولاس ماك جيهان، "إن البحرين أصبحت ذائعة الصيت في مجال التعذيب والانتهاكات الإنسانية أثناء وبعد انطلاق انتفاضة 2011"، مشيراً إلى مقتل العديد من المواطنين البحرينيين تحت التعذيب. ويضيف ماك جيهان: "أن للبحرين سمعة في التعذيب اكتسبتها عن جدارة".
يرجع ناشطون في مجال حقوق الإنسان التعذيب في البحرين إلى عدة أسباب من أهمها:
- سياسة اﻻفلات من العقاب: التي تحمي الجلادين وتشد على أيديهم، فالجلادون في البحرين من أفراد جيش وشرطة وقوى أمنية لا يخشون قانوناً يحاسبهم أو قضاء يلاحقهم مما يشجعهم على التفنن في تعذيب المعتقلين الذين يقعون تحت أيديهم. وما حكم البراءة الذي صدر في حق الضابطة في وزارة الداخلية نورة آل خليفة والتي تفننت في تعذيب الشاعرة آيات القرمزي إلا ترجمة عملية لهذه السياسة، حيث تقول الشاعرة آيات القرمزي فيما يتعلق بهذا الحكم: "ويل للشرطة الشهود الذين شهدوا تعذيبي ونفوا أنهم شهدوه، ويل لمن عذبني ظلماً وجوراً دون رحمة، وويل لقاضي الأرض من قاضي السماء".
- التمييز بين جموع الشعب البحريني: والذي يتغذى بدوره من سياسة الإفلات من العقاب حيث أصبح التعذيب متنفساً للجلادين الموالين للنظام والذين يغدق عليهم النظام من عطاياه ويحوطهم برعايته مما يدفعهم إلى الانتقام والحقد على كل من يعارض هذا النظام أو يشير إليه بإصبع الانتقاد أواللوم.
سياسة التعذيب مستمرة:
قامت القوات البحرينية مدعومة بالدرك الأردني باقتحام سجن جو المركزي في العاشر من الشهر الحالي واعتدت على المعتقلين فيه بالضرب المبرح وبالغازات المسيلة للدموع مما سبب حالات اختناق شديد بين المعتقلين والذين لا مكان لهم يفرون إليه من هذه الغازات السامة، ولم تكتف السلطات البحرينية بما فعلت بل عمدت إلى منع اتصال السجناء بالعالم الخارجي فلا اتصالات ولا زيارات، وفي هذا الإطار يؤكد الأمين العام لحركة حق البحرينية الأستاذ حسن مشيمع والمعتقل بدوره في سجن جو المركزي أنهم " لازالوا يسمعون أصوات الشباب المعتقلين، وأن التعذيب مستمر حيث يتعرض المعتقلون للتعذيب في سجن 10" .
يشير رئيس مركز البحرين لحقوق الانسان نبيل رجب إلى أن التعذيب في سجون النظام البحريني " يشمل الضرب والتعليق والصعق الكهربائي والتحرش الجنسي والإجبار على الوقوف مقيد الايدي ومعصوب العين والنوم بالقيود والشتم، وغالبية هذه الممارسات تمارس بالأيام السبعة الاولى من إخفاء الموقوف قسرياً وإبعاده تماماً عن اي تواصل مع العالم الخارجى، ولكي لا يصنف المعتقل كمخفي قسرياً حسب القوانين الدولية يتم السماح له بالاتصال لدقائق وترديد بعض الكلمات الملقن بها تحت التعذيب".
صمتٌ مريب:
في الوقت الذي تعلن فيه أكثر من 1100 أسرة بحرينية أن أبناءها المعتقلين في خطر وتشير إلى استمرار تعرضهم للتعذيب والإهانات والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية بشكل ممنهج من ضرب وشتم الدين والحرمان من استخدام دورات المياه والحلق الإجباري وغيرها من الممارسات الحاطة بالكرامة الإنسانية، نشاهد صمتاً مريباً من دول العالم الغربي، فأمريكا وشركائها الغربيون الذين دائماً ما تغنوا بحقوق الإنسان وادعوا حرصهم على العدالة والحرية والديمقراطية، لا يريدون اليوم رؤية هذه الانتهاكات في البحرين، فالنظام البحريني بعلاقاته الوطيدة مع هذه الدول وبولائه المطلق للسعودية الحليف الاستراتيجي لأمريكا في المنطقة، فوق أي قانون وفوق أي محاسبة. وحكومة البحرين وملكها هم مثالٌ للحكومة العادلة والدولة الديمقراطية ومطالب الشعب البحريني المظلوم لا ترقي إلى درجة يراها زعماء هذه الدول. وإذ بملف حقوق الإنسان قد أصبح سلاحاً بين أيدي هذه الدول تشهره في وجه من تشاء وتبعده عن من تشاء.