الوقت- قبل 4 سنوات من الآن دخلت سوريا في حرب داخلية، وقد بدأت هذه الحرب بعد احتجاجات كان يتوقع انها ستقود الى الحوار بين الحكومة والمعارضة لكن اقدام المعارضة على تنفيذ هجمات ارهابية وضعت الحكومة السورية امام حرب مع ارهاب داخلي.
وقد توجهت المعارضة التي كان تحركها في بداية الأزمة يتسم بالهدوء نحو العمليات الارهابية عندما دعمتها حكومات اقليمية ودولية معادية لمحور المقاومة، واعتبر المحور العربي الغربي الاحتجاجات الداخلية في سوريا فرصة مناسبة لاضعاف حكومة الرئيس بشار الأسد وقام هذا المحور بدعم المعارضين بالسلاح منذ البداية ما ادى الى دعم الارهاب في الشرق الاوسط ونتج من ذلك تنظيم داعش كأهم جماعة ارهابية في المنطقة.
وقد خلفت الحرب السورية منذ بدايتها حتى الآن اكثر من مئتي الف قتيل واكثر من تسعة ملايين ونصف مليون مهجر وازمة انسانية قل نظيرها، وبعدما كانت الحكومة السورية تحذر مرارا الدول الغربية من مغبة دعم الارهاب قال وزير الخارجية الامريكي في احدث تصريحاته بان امريكا لاترى بدا من الحوار مع حكومة بشار الأسد القانونية من اجل مواجهة الارهاب والاصولية.
ويأتي هذا الاعتراف الامريكي في وقت كانت الحكومة السورية تذكر دوما جميع الاطراف بأن ما يسمى بالمعارضة في سوريا ما هي الا جماعات ارهابية ومتشددة وان دعمها سينشر الارهاب في المنطقة ككل وليس في سوريا فقط.
ويأتي اعلان وزير الخارجية الامريكي جون كيري ايضا بعدما نجحت سوريا في الصمود امام هذه الحرب الكونية التي شنت ضدها واستطاعت التغلب على الجماعات الارهابية في العديد من المناطق واستعادة مناطق هامة وبسط سيطرة الحكومة الشرعية عليها ويمكن القول هنا بأن الامريكيين قد ايقنوا الآن باستحالة اسقاط النظام السوري واختاروا التعامل معه.
ومن الممكن ايضا اعتبار كلام وزير الخارجية الامريكي اعترافا بفشل محاولات الدول العربية والاقليمية التي كانت تكن العداء لسوريا طيلة سنوات الحرب الاربعة حيث كانت هذه الدول كلها ومن خلفها الدول الاوروبية والغربية تقول بأن رحيل النظام السوري يعتبر شرطا من شروط الحل للأزمة السورية.
ان الدعم التسليحي واللوجستي والمخابراتي الهائل التي قدمتها الدول الغربية للجماعات الارهابية والمتطرفة في سوريا تحت ذريعة دعم المعارضين في سوريا كان كبيرا الى درجة كان من الممكن ان تسقط اية حكومة أخرى تواجه حربا شرسة من هذا النوع، ولولا الدعم الايراني والروسي للنظام السوري وابتعاد الشعب السوري عن الجماعات التكفيرية الارهابية لكانت سوريا قد انضمت منذ وقت بعيد الى المحور الغربي الامريكي.
وهناك اسباب اخرى يمكن ان تضاف الى الاسباب التي ذكرناها لكي يغير الامريكيون الان رأيهم من الموضوع السوري ومن هذه الاسباب تنامي الجماعات الارهابية التكفيرية وانتماء العديد من حاملي الجنسيات الغربية لهذه الجماعات حيث يمكن ان يعود هؤلاء الى الغرب ويشكلوا كارثة لايمكن السيطرة عليها بالنسبة للدول الغربية وامريكا.
وترى امريكا يوما بعد يوم تنامي قدرات الجماعات الارهابية في المنطقة حيث كان الدعم الذي تتلقاه هذه الجماعات في سوريا من قبل الاطراف الاجنبية السبب الاكبر لتعاظم قدرات الارهابيين وازدياد اعدادهم في المنطقة حتى بات هؤلاء يهددون حتى مشاريع الدول الغربية وامريكا في المنطقة ويهددون مصالحهم وسفاراتهم وما شابه ذلك ومن الممكن ان يكون صناع القرار في واشنطن قد وصلوا الى نتيجة مفادها بان التعامل مع الحكومة السورية هو اقل كلفة للبيت الابيض من التعامل من الجماعات التكفيرية الارهابية.
وينبغي على اية جهة تريد التخلص من الجماعات التكفيرية السلفية في سوريا وغيرها ان تعمل على قطع خطوط امداد هذه الجماعات بشتى انواعها وهكذا يمكن من الآن وصاعدا اختبار صدق النوايا والاقوال الامريكية تجاه الاوضاع في سوريا ومعرفة هل ان الامريكيين هم جادون في تغيير مواقفهم ازاء سوريا ام هناك مخططات وأجندات أخرى تدور في رأس اصحاب القرار في البيت الأبيض؟
ان الحوار الذي يطرحه وزير الخارجية الامريكي مع الحكومة السورية لايمكن ان تنجح في مجمل الاحوال الا اذا اعترفت امريكا بأن الشعب السوري هو وحده من يحق له ان يختار ممثليه وحكامه وحينها فقط يمكن القول بان هناك تغيير في السياسة الامريكية تجاه سوريا.