الوقت- تتوالى ردود الأفعال العربية على فوز المرشّح الجمهوري دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية حيث توزّعت ردود الأفعال على متفاءل ومتشائم، في حين وجد آخرون أن لا تغييرات في السياسة الأمريكية. فيما يلي مواقف أبرز الصحف العربية:
الرئيس ترامب وأصبعه على زر السلاح النووي
جهاد الخازن، اعتبر في مقال له في صحيفة "الحياة" أن كل هفوات وتصرفّات ترامب العنصرية لم تمنعه من الوصول إلى البيت الأبيض، حتّى أن حملتة الانتخابية جعلت رابطة مكافحة التشهير باليهود تهاجم ترامب بحدة وشدة وتتهمه باللاساميّة، إلا أنه وصل إلى البيت الأبيض، وإصبعه على زر السلاح النووي.
وأوضح الكاتب أن الذين لم يتلقوا دراسة جامعية، ومعهم ملايين المتطرفين من "حزام التوراة" في الولايات الجنوبية من البلاد، والعاطلين من العمل في "حزام الصدأ" في ولايات ما يُسمّى وسط الغرب الأمريكي قد انتخبوا ترامب.
وختم الكاتب بالقول: الديموقراطية الأمريكية أنجبت رؤساء مثل جورج واشنطن وجون ادامز وتوماس جيفرسون وجيمس ماديسون بعد الاستقلال في القرن الثامن عشر. ورأيناها تهبط الى مستوى رونالد ريغان وجورج بوش الابن والآن دونالد ترامب في أيامنا هذه مع سيطرة جمهورية على مجلسي النواب والشيوخ. هل تنهض من كبوتها؟ لا أعرف".
لا تفرطوا في التشاؤم.. وسنوات ترامب أكثر حسما
وبخلاف الخازن كان الكاتب الصحفي عبد الرحمن راشد أكثر تفائلاً، فقد خاطب في مقال له في صحيفة "الشرق الأوسط" المتشائمين بالقول " لا تفرطوا في التشاؤم"، وأضاف: لا تنظروا إلى الرئيس المنتخب ترامب، انظروا إلى الولايات المتحدة، بوصفها دولة مؤسسات.
وتابع راشد: ترامب فاز بالرئاسة الأمريكية وبذلك انتهى السجال الانتخابي ولن تسمعوا لاحقًا أحاديث عن المسلمين والأجانب.
الشعب ملّ من نخبه الحاكمة.. ترامب هو "أمريكا"
من جانبه، اعتبر الكاتب الصحفي "عبد الباري عطوان" أن " الشعب الامريكي، ومثلما اوضحت هذه الانتخابات، اصيب بحالة من الملل من نخبته الحاكمة، وانفصام الشخصية الذي تعانيه، وانفصالها عنه وهمومه، ومشاكلة، وطموحاته، ولذلك انحاز الى هذا "المتمرد" على مؤسسة الحكم، ليتساءل قائلاً: عنصري، يميني، يحتقر المرأة، ويتحرش بالنساء، وكاره للاسلام والمسلمين، يريد اغلاق حدود بلاده في وجههم وغيرهم من فقراء المكسيك وامريكا اللاتينية؟ اي المفاجأة؟ اليست هذه هي امريكا؟ اليست هي التي تأتي الينا بدباباتها وقاذفاتها وعملائها، وتقتل الملايين منا؟
وختم قائلاً: علينا أن نتخلص من عقلية التبعية للكفيل الامريكي الذي يريد فرض "الجزية" علينا، ونهب ما تبقى من ثرواتنا.
مناخ أمريكي ودولي يميل إلى اليمين المتطرف والشعبوية
وأما صحيفة "العرب" اللندنية، فقد اعتبرت أن صعود ترامب لا يعود إلى نجاح حملته في الاقتراب من الناخبين عبر وسائل الإعلام الأكثر شعبية مثل فيسبوك وتويتر، ولكن لأن الأفكار التي يطرحها تلتقي مع مناخ أمريكي ودولي يميل إلى اليمين المتطرف والشعبوية.
وأشارت الصحيفة إلى الناخبين الباحثين عن قيادة صدامية ضد ارتباك الدور الأمريكي في قضايا كثيرة صوتوا له بكثافة لتدارك عيوب استراتيجية سلفه باراك أوباما التي أظهرت أن واشنطن عاجزة عن الحفاظ على زعامتها للعالم.
تغيير حاد في السياسات الأمريكية..لا تغيير
وفي مصر، أشارت صحيفة "الأهرام" في مقال للكاتب الدكتور أحمد فؤاد أنور إلى تعبير مذيعة القناة الثانية الإسرائيلية عن صدمتها لفوز دونالد ترامب التي قالت "صباحٌ قاسٍ للغاية". ويشير الكاتب في مقاله إلى الخشية الإسرائيلية من ترامب وتحركاته غير المفاجئة، وهي المخاوف التي ترتبط في الواقع باحتمالية التضحية بإسرائيل، حيث يرغب ترامب في إظهار المدن الأمريكية وبنيتها التحتية في حالة أفضل كهدف قوي، مع تعزيز التبادل التجاري مع آسيا وأمريكا اللاتينية، بدلا من سياسة إسقاط الأنظمة ودعم المتطرفين التي اتبعتها الإدارة الديمقراطية بقيادة أوباما هيلاري على مدى السنوات الماضية.
ويتابع الكاتب: ورغم أن زوج ابنة ترامب يهودي وأن ترامب صرح علنا بأنه سينقل السفارة الأمريكية إلي القدس، وسيعترف بضم المستوطنات لحدود الـ 48 فإن المحللين يرون أنها مجرد وعود انتخابية، في مقابلها قال ترامب أن على الدول التي تحصل على معونات عسكرية بما فيها إسرائيل من الولايات المتحدة أن تقوم بدورها.
ويضيف الكاتب: وتتزايد وتيرة مخاوف الحكومة الإسرائيلية كذلك نظراً لأن ترامب تعرض لحملة إعلامية شرسة وتشويه ممنهج وتلاعب في كشوف الانتخابات دون أن يثنيه هذا عن سياساته وخططه، مما يعني أن الابتزاز والضغط عن طريق الإعلان لن يجدي معه كما لم يمل كفة هيلاري كلينتون في المنافسة مما يتيح لترامب حرية أوسع في المناورة والضغط علي إسرائيل".
وفي صحيفة المصريون، يقول محمود سلطان، بما يكون المزاج العام الأمريكي قد تغير، ورأوا أن الديمقراطيين أضاعوا هيبة أمريكا وأنها تحتاج إلى طبعة اقوى من أوباما".
من جانبه اعتبر رئيس تحرير جريدة "الوطن" الكاتب الصحفي محمود مسلم، أن الإعلام بكل انحيازاته الفجة لا يستطيع التغيير، وفق درس الإنتخابات الأمريكية. ويضيف: من المتشائمين الذين يرون أن أمريكا تحكمها المؤسسات وليس الرئيس.. الرئيس الأمريكي القادم جمهوري ومجلس النواب جمهوري، ومجلس الشيوخ جمهوري، وبالتالي يجب توقع تغيير حاد في السياسات الأمريكية، حيث سيكون الاهتمام بالداخل الأمريكي أكبر بكثير من تصدير المفاهيم أو الثورات للشعوب.
وبخلاف مسلم، اعتبر الدكتور حسن سلامة، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن فوز "ترامب" لن يُغير من الواقع كثيراً فى التعامل مع الإخوان، لا سيما أن أمريكا دولة مؤسسات، لا يتحكم من يأتى رئيساً فيها كما هو متصور، وفى النهاية من فاز لن يُحقق إلا ما هو فى مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية".
خطاب شعبوي فائق الجدوى
وأمّا الباحث المتخصِّص في الشؤون الأوروبية، حسام شاكر، اعتبر في مقال له على موقع "الجزيرة نت" أن العالم يحتاج قسطا من الزمن كي يستوعب حقيقة فوز شخص اسمه دونالد ترامب برئاسة أمريكا، وعلى أوروبا تحديدا أن تتعايش مع الصدمة والدهشة والزلزال، مشيراً إلى أن أوروبا الموحدة سترى على الجانب الآخر من الأطلسي أمريكا أخرى غير التي ترغب في رؤيتها.
وأوضح الكاتب أن حملة ترامب اتبعت منهجية استعمال الفزاعات وتأجيج المشاعر وإذكاء المخاوف والتلاعب بالعواطف وتوظيف العنصرية، وتبيّن للجميع أن هذا الخطاب الشعبوي فائق الجدوى ".
ورغم دعوة الكاتب "للعالم العربي، أو بعضه بصفة أخص، أن يضع يده على قلبه، إلا أنّه أكّد أن ترامب شخصية يصعب تقدير مسارها، أو تخمين المدى الذي يمكن أن يذهب إليه.
أمريكا بحاجة ماسّة إلى السعوديّة
الكاتب الصحفي، جميل الذيابي، اعتبر في مقال له على موقع "العربية نت" أن الرئيس المنتخب بدا تصالحيا كما لم يعهده أحد من قبل في كلمته عقب إعلان فوزه مباشرة، مشيراً إلى أن موقف ترامب من إيران يتطابق مع الموقفين السعودي والخليجي بنسبة كبيرة جدا. قد لا يتمكن من إلغاء الاتفاق النووي مع طهران، لكن من المؤكد أنه لن يتيح لها فرصة للاستفادة منه كما تروم. وحول العلاقة مع السعودية أوضح الكاتب: لن يستطيع أن يغلق باب التعاون الأمني مع السعودية، لأنه تعاون يحمي أمريكا وحلفاءها من الإرهاب والتطرف العنيف في منطقة مضطربة، وهي بحاجة ماسة إلى السعودية فيها.
جنون ترامب لا يُخرجه من "بيت الطاعة"
صحيفة الأخبار اللبنانيّة، اعتبرت أن "ترامب ليس من خارج المنظومة، يمكن معرفة ذلك من اللحظة الأولى، حينما أعلن مرة أنه سيكون محايداً في القتال بين إسرائيل والفلسطينيين، ثمّ غيّر موقفه لاحقاً بتأكيده أنه سيدافع عن إسرائيل مهما كلّف الأمر. ولكن التعمّق في التفاصيل الأخرى يمكن أن يشير أيضاَ إلى أن جنون ترامب لم يخرجه من "بيت طاعة" النظام.
غرب معتل وشرق منهار
من جانبها، اعتبرت صحيفة النهار في مقال للكاتب سمير عطا الله، أن دونالد ترامب أهم ظاهرة سياسية منذ الحرب العالمية الثانية، وأضافت: نعيش الآن نسخة مشابهة تماماً لنهايات الحرب العالمية الثانية.
وأوضح الكاتب "أننا كنا دائماً ننتظر نهاية عهد رئاسي أمريكي، متأملين بالعهد التالي. وكنا نتوقع من الرئيس العتيد ما لم يعرضه الرئيس العتيق. لكن "مطلبنا" كان محصوراً بـ"القضية المركزية". اتسعت القضية الآن إلى أن اصبحت الوجود العربي كأمة قابلة للبقاء والحياة، ناهيك بالنمو والتطور والمكانة العالمية. من "قضية مركزية" إلى مجموعة قضايا مستعرة ويائسة. ومن حرب واحدة في وجه اسرائيل إلى مجموعة حروب مريعة ومحرقة في الداخل.
نظام جديد أم تدوير الزوايا؟
وأما صحيفة السفير، فقد اعتبرت أن زلزال 8 تشرين الثاني 2016 لم يوفر أحداً، وأضافت: أن يصل دونالد ترامب، إلى سُدّة الحكم في الولايات المتحدة، لم يكن أمراً يجوز فيه الكثير من الغرابة، بعدما لقي خطابُه الشعبوي آذاناً صاغية لدى شريحةٍ "صامتة"، وربما تشبهه. وتساءلت الصحيفة: هل نحن أمام "نظام عالمي جديد"، و "أمريكي داخلي"، تفرضه تعهدات ترامب الانتخابية أولاً، لو نفذها؟ أم سيعاد تدوير الزوايا للحفاظ على المنظومة السياسية والعسكرية بنسختها وتوجهاتها الحالية التي تحكم العالم؟
وأوضحت الصحيفة في مقال آخر أنه بعد الفوز "المُفاجئ" لدونالد ترامب، لا شكّ بأن الرياض ستُعيد حساباتها وسط شعورها بأن العلاقة مع الرئيس الجديد ستكون "صعبة"، بعد سقوط المُرشّحة "التي راهنوا على فوزها" هيلاري كلينتون.
إنّه عصر اليمين
من جانبه، اعتبر مدير الميادين أونلاين، علي هاشم، أن "العالم يتجه يميناً، وفي هذا تكرار مقيت لعصر سابق تنامت فيه مشاريع عرقية وقومية وأثمرت في نهاية المطاف حروباً أفنت عشرات الملايين من البشر". واعتبر هاشم أنّ صحوة اليمين لم تبدأ مع ترامب، ليضيف: اليمين الصاعد في بلدان أوروبا هو شكل من أشكال الترامبية المقنّعة. الإستفتاء على الخروج من الإتحاد الأوروبي في بريطانيا هو أفضل تجلّ لها.
مرحلة غموض قصوى
تقول صحيفة العرب القطرية: "تمكن الملياردير الأمريكي الشعبوي دونالد ترامب الذي لا يملك أي خبرة سياسية من الفوز،الأربعاء، في الانتخابات الرئاسية، في زلزال سياسي غير مسبوق يغرق الولايات المتحدة والعالم في مرحلة غموض قصوى".