الوقت – اعتبر الخبير والمحلل السياسي سعدالله زارعي في ندوة اقيمت في طهران بمناسبة ذكرى الاستيلاء على وكر التجسس الامريكي، تحت عنوان "الأوكار والمتاريس التي تم الإستيلاء عليها"، ان الاستيلاء على السفارة الامريكية في طهران كانت نقطة تحول تاريخي على صعيد المنطقة برمتها أدت الى حدوث تغييرات كبيرة فيها ولذلك اسماها الإمام الخميني الراحل (رض) "الثورة الثانية".
وقد أكد الدكتور زارعي ان من يراقب الصحافة الأمريكية والبريطانية يرى ان هؤلاء يولون اهتماما كبيرا بهذه الذكرى وليس هناك أحد نسي ما حصل في تاريخ 3/11/1979 ، مضيفا بأن هذا الحدث كان حدثا دوليا ولم يكن حدثا حقوقيا وقانونيا وقد أدى الى زيادة الوحدة والإنسجام في داخل ايران وزاد من ثقة الايرانيين بالنفس.
وتابع الخبير والمحلل السياسي ان الإستيلاء على وكر التجسس الأمريكي نقل ايران وثورتها الاسلامية من الإطار الوطني الى الإطار الإقليمي والدولي وباتت ايران محط إهتمام العالم الاسلامي.
التأثيرات الدولية
وفيما يتعلق بالتأثيرات الدولية للإستيلاء على وكر التجسس الأمريكي قال زارعي ان ذلك قوض الهيمنة الأمريكية في العالم بشكل كبير وشكل خطرا كبيرا عليها وان فشل وهزيمة العملية العسكرية الامريكية في صحراء طبس الايرانية لاطلاق سراح الرهائن الامريكيين وجه ضربة موجعة وأقوى الى الأمريكيين من ضربة الإستيلاء على سفارتهم والمصائب التي لاحقت أمريكا بعد ذلك هي أكبر بكثير من المشاكل التي كانت تواجه هذا البلد قبل ذلك وقد اعتبر وزير الخارجية الأمريكي آنذاك سايروس فانس في أحد كتبه ان الإستيلاء على السفارة الأمريكية كان بداية لقصة أليمة لأمريكا وإحدى أعقد المشاكل السياسية الخارجية الأمريكية، كما يشير هميلتون جوردن في كتابه "الأزمة" الى الإذلال الذي تعرضت له أمريكا قائلا لانستطيع تحمل ذلك الإذلال.
واعرب زارعي عن اعتقاده بأن الاستيلاء على وكر التجسس الأمريكي قد زعزع الهيمنة الأمريكية بشدة وقد عجز الأمريكيون بعد ذلك عن إدارة أي ملف خاص بالمنطقة كما تتطلب مصالحهم، وقد ذكر زارعي على سبيل المثال الملف الفلسطيني الذي عجز الامريكيون عن "هضمه" منذ خسارة سفارتهم في طهران بذلك الشكل رغم كمب ديفيد واوسلو واللجنة الرباعية ومفاوضات التسوية وما شابه ذلك حتى يومنا هذا.
وقال المحلل السياسي ان الامريكيين فشلوا ايضا في ادارة ملف الحرب العراقية المفروضة على ايران حيث خرجت ايران منتصرة من الحرب رغم إرادتهم ومحاسباتهم، ولم يخسر الأمريكيون هيمنتهم الدولية وحدهم بل فرنسا وبريطانيا أيضا أصيبت هيمنتهما الدولية بأضرار فادحة وتقلصت ففي لبنان الذي كان تحت تأثير فرنسا قبل الثورة الاسلامية نجد ان الهيمنة الفرنسية انتهت وبات لبنان اليوم وحتى مسيحييه خارج الهيمنة الفرنسية.
التأثيرات الإقليمية
وفيما يتعلق بالتأثيرات الإقليمية لإستيلاء الايرانيين على وكر التجسس الأمريكي أشار زارعي انه بعد هذه الحادثة كانت الشعوب الإسلامية تأتي على شكل أفواج الى السفارات الايرانية في بلدانها لتعرب عن تضامنها مع الشعب الايراني وتهديد الأمريكيين بأن هذه الشعوب ستنتقم من اي تحرك أمريكي ضد ايران.
واضاف زارعي ان ايران لم تترك وحيدة على الساحة الإقليمية حيث اصدر الرئيس السوري حافظ الأسد بيانا أيد فيه الإستيلاء على السفارة الأمريكية وقال في بيانه ان اي اعتداء على ايران ستشعل برميل البارود في المنطقة، وقد اصدرت بعض الدول العربية بمحورية سوريا بيانات تأييد مثل جبهة التحرير الجزائرية والمؤتمر العام الليبي لخطوة الايرانيين وادانة لأي ضغط يمارس ضدهم وأحرقت السفارة الأمريكية في ليبيا وهذا كان حدثا هاما، كما أصدرت حركة أمل في لبنان بيانا أكدت فيه ان المؤمنين الشرفاء يقفون الى جانب ايران، وقد اعلنت حركة التحرير الفلسطينية انها وضعت قواتها في حالة التأهب لمساعدة ايران في حال دعت الحاجة، وفي جنوب افريقيا اعلن المؤتمر الوطني الذي بات يحكم البلاد في الوقت الحالي دعمه لايران في بيان اصدره، وفي باكستان ايضا اعلنت جهات واوساط حكومية دعمها لايران وأضرمت النيران في السفارة الأمريكية في باكستان بالكامل وجرت في الكويت تظاهرات ضخمة امام السفارة الأمريكية، وهذا يقودنا الى القول ان الكثير من الحكومات لم تعتبر الهجوم على السفارة الأمريكية أمرا عجيبا بل ردا طبيعيا على الأمريكيين وهذا يثبت ان مشاعر الحكومات والشعوب كانت مع ايران.
وتابع زارعي ان الإستيلاء على السفارة الأمريكية أحدث فرزا أيضا بين دول المنطقة فالدول التي سكتت إزاء ذلك مثل تركيا والسعودية ومصر وغيرها إتهمت بانها عميلة للإستعمار والإستكبار وتخلق المشاكل للعالم الاسلامي، أما الدول التي كانت صامتة قبل ذلك مثل الجزائر ودول عربية أخرى خرجت عن صمتها ودعت الى سحب الأموال العربية من البنوك الأمريكية وبعض منها اعلنت دعمها لايران كما اصدر البعض مثل ياسر عرفات أوامر بالتأهب لمساعدة ايران.
وشدد الخبير والمحلل السياسي زارعي ان هذا الحدث الهام جعل ايران محورا للجبهة المناهضة لأمريكا في المنطقة وبعد ذلك تم توسيع الثورة الايرانية التي أوجدت طاقة تعادل الطاقة التي أعدها الأمريكيون لتنفيذ سياساتهم العدوانية والآن باتت الطاقة المتولدة من الإستيلاء على وكر التجسس الأمريكي متفوقة على طاقة الامريكيين وهي التي تقرر مصير النزاع في سوريا وتضع حدا للإرهاب في العراق وتحبط المؤامرات ضد اليمن وتفشل الخطط العسكرية الأمريكية في افغانستان، فاليوم نجد ان الشعارات التي رفعت حين الإستيلاء على هذا الوكر لازالت هي الشعارات التي ترفعها الشعوب والرأي العام في المنطقة.
وختم زارعي قوله "ان امريكا تخطط للإستيلاء المجدد على كل منطقة ودولة تخرج من هيمنتها بالقوة العسكرية وشن الحروب ولولا حدوث واقعة وكر التجسس الامريكي لما وجدت تلك الطاقة التي عصفت بالأمريكيين في افغانستان ومناطق أخرى والحقت الهزيمة بهم ولذلك نجد ان أكبر قضية تزعج الأمريكيين كما يقولون بلسانهم هي وجود من يفشل مخططاتنا وهي ايران التي تعتبر محور المقاومة وتزلزل الأرض تحت أقدامنا".