الوقت - تأتي زيارة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف إلي السعودية بدعوة من سلمان بن عبدالعزيز، في الوقت الذي كان المسؤولون الباكستانيون قلقين بشأن الاتهامات والانتقادات التي كانت تتحدث عن الدعم السعودي للمدارس والمجموعات المتطرفة. وفي هذا السياق حاولت السفارة السعودية في إسلام آباد تبرئة بلادها من هذه الاتهامات، إلا أن ثمة تحد ظهر بين الخارجية الباكستانية والسفارة السعودية. وعلي هذا الأساس يمكن اعتبار هذه الزيارة تحقيقاً لأهداف مختلفة.
لرئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف علاقة خاصة بالسعودية و"آل سعود"، وقد قضي سنوات في هذا البلد، وقدمت المملكة مساعدات مالية ملحوظة له أيضاً. ولهذا السبب سافر نواز شريف قبل فترة إلي السعودية للاطلاع علي الحالة الصحية للعاهل الراحل الملك عبد الله رغم المشاكل العديدة في باكستان. ولكن هذه المرة جاءت زيارته بشكل رسمي وبدعوة من الملك السعودي الجديد. وبعبارة أخري إن زيارة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف إلي المملكة هي زيارة رسمية لأول مرة، وكانت زياراته السابقة إلي هذا البلد غير رسمية. وقد تركزت محادثات الجانبين علي أوضاع المنطقة، والتعاون الثنائي في مختلف المجالات، والقضاء علي الإرهاب والتطرف في باكستان، والعمليات العسكرية للجيش الباكستاني ضد الإرهابيين وخاصة المساعدات المالية للمدارس الباكستانية.
وقد أعرب نواز شريف في هذه الزيارات عن أمله في تزايد التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف الشؤون الاقتصادية والسياسية في فترة العاهل السعودي الجديد، معتبراً أن العلاقات السياسية الباكستانية السعودية لا حدود لها، ذلك أن البلدين لهما قواسم مشتركة كثيرة.
ويمكن القول بشكل عام إن السعودية في زمن الملك سلمان مضطرة إلي مواجهة تحديات مختلفة، وعلاوة علي التحديات الداخلية فإن خطر المجموعات الإرهابية علي أمن المملكة موضوع علي جانب كبير من الأهمية، وعلي الملك الجديد التعامل معه. السعودية التي هي من أكبر داعمي المجموعات الإرهابية في المنطقة، يبدو الآن أن حدودها تتعرض لتهديد الإرهابيين. وقد وجه تنظيم داعش باعتباره التنظيم الإرهابي البارز في الشرق الأوسط، تهديدات إلي السعودية قبل عدة أشهر مراراً، وهاجم مؤخراً منطقة عرعر الحدودية وقتل عدداً من الجنود السعوديين.
والتحدي الآخر للملك السلمان يتعلق باليمن، حيث كانت السعودية منذ سنوات تعتبر اليمن حديقتها الخلفية، ولكن بعد الثورة الشعبية في عام 2011 وخاصة الصيف الماضي، تري أن اليمن تخرج من دائرة نفوذها أكثر فأكثر. وتأتي هذه التطورات في حين أن الرئيس اليمني ورئيس الوزراء وهما من الموالين للمملكة قد قدما استقالتهما، وأصبح الحوثيون القوة المسيطرة علي الأوضاع في اليمن. وبالتالي فإن صعود قوة الحوثيين الشيعة في اليمن، يمكن أن يسرّع انتفاضة شيعة السعودية، ويخلق مشاكل أمنية عديدة للملك سلمان.
وإلي جانب هذه القضايا، فإن إمكانية وصول إيران إلي اتفاق نووي مع 6 من القوي العالمية مقلقة للسعودية بشكل كبير، وبناءً عليه فقد زادت السعودية علاقاتها مع باكستان أكثر فأكثر. واستضافت السعودية في وقت سابق الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" والرئيس التركي "أردوغان"، ونواز شريف هو الرئيس الثالث الذي لبّي الدعوة الخاصة للملك السعودي. وتزامنت هذه الدعوة مع وصول وزير الخارجية الأميركي "جون كيري" إلي الرياض أيضاً.
هذه التطورات تشير إلي الجهود الدبلوماسية للعاهل السعودي الجديد لمواجهة التحديات المختلفة التي تشهدها بلاده، لأن تحديات داخلية وخارجية عديدة باتت أمام سلمان، ومعالجتها تتطلب تعاون ومساعدة بقية البلدان.