الوقت -بعد توقيع اتفاق السلام بين الحكومة الأفغانية والحزب الإسلامي برئاسة قلب الدين حكمتيار، وقبيل انعقاد مؤتمر بروكسل حول موضوع افغانستان باشرت جماعة طالبان بشن عمليات بشن هجمات على ولايات ومدن أفغانية هامة وقد إشتدت هذه الهجمات في الأيام الأخيرة وتسببت بتشريد الكثير من أهالي مدن مثل لشكرغاه وقندوز وفراه.
في هذه الأثناء أدلى الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي بتصريحات أثارت قلق الكثير من المسؤولين في أفغانستان وخاصة الرئيس التنفيذي للحكومة عبدالله عبدالله، وقد قال كرزاي خلال مقابلات صحفية الشهر الماضي "ان جماعة طالبان هم جماعة أفغانية ويحق لهم السيطرة على قسم من الأراضي الأفغانية لكن القوات الأمريكية والناتو والقوات الأجنبية هم أجانب ويجب عليهم مغادرة أفغانستان فورا.
ان تصريحات كرزاي جاءت قبل توقيع إتفاقية السلام بين أشرف غني وقلب الدين حكمتيار وجوبهت برد فعل قوي من قبل عبدالله عبدالله، ان مثل هذه التصريحات الطائشة تجاه القضايا الأمنية الحساسة يمكن ان تساعد طالبان وتشجعهم على مهاجمة المدن الأفغانية.
وكانت الحكومة الأفغانية قد أنذرت طوال السنين الماضية باكستان مرارا وتكرارا بضرورة مكافحة الجماعات الارهابية ومنها شبكة حقاني التي تعتبر من فروع جماعة طالبان الباكستانية وتشن هجمات على المدن الأفغانية وتقوم بعمليات إرهابية وتلعب دورا أساسيا فيها.
وقد قدم المشرف على مجلس الأمن القومي الأفغاني "رحمة الله نبيل" إستقالته من منصبه احتجاجا على إستمرار تعاون الحكومة الأفغانية مع باكستان وكان نبيل يؤكد على ضرورة تنفيذ حكم الإعدام بحق اعضاء شبكة حقاني الإرهابية الموجودين في السجون الأفغانية.
ان علاقة جهاز الاستخبارات الباكستاني "آي اس آي" مع شبكة حقاني يثير قلق المسؤولين الأفغان، وهناك من الخبراء من يعتقد ان الإستخبارات الباكستانية والتي تتبع الجيش الباكستاني لديها علاقات مباشرة مع جماعة طالبان الباكستانية وان شبكة حقاني تشارك الآن في الهجمات تشنها طالبان الأفغانية على ولاية هلمند الأفغانية.
ان مدينة لشكرغاه عاصمة ولاية هلمند الأفغانية قد تعرضت قبل أيام قليلة الى هجوم عنيف من طالبان قتل فيها عدد من القوات الامنية، ورغم قيام قوات الأمن بشن هجوم مضاد واجبار طالبان على التراجع لكن قرابة 3 آلاف من أهالي لشكرغاه أصبحوا مشردين ولجأوا الى مدن مجاورة. وتعرضت مدينة فراه ايضا الى هجوم شنته طالبان التي سيطرت ايضا على مدينة غورماج في ولاية فارياب وهذا يزيد الشعور بالإحباط لدى المواطنين الأفغان.
وهناك مشكلة أخرى تواجهها حكومة الوحدة الوطنية في أفغانستان وهي عودة اعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين الأفغان الذين عادوا خلال الشهور الماضية الى البلاد من باكستان والدول الاوروبية وهذا يزيد من قلق الحكومة المركزية في كابول.
ان هذه الهجرة العكسية جاءت بفعل ضغوط المجتمع الدولي وخاصة الدول الاوروبية وباكستان والذين أجبروا وزارة الهجرة الافغانية على توقيع مثل هذه الإتفاقية لعودة المهاجرين والتي تلزم الحكومة الافغانية أيضا بتهيئة الظروف لعودة المهاجرين الأفغان اذا أرادت ان تحصل على مساعدات المجتمع الدولي في السنوات القادمة.
وكانت الدول المشاركة في مؤتمر بروكسل قد تعهدت بمنح أفغانستان 15 مليار دولار خلال السنوات القادمة ويمكن ان يؤدي ذلك الى تحسين الاوضاع الإقتصادية في أفغانستان على المدى القريب لكن في الحقيقة ان ما يزيد الفوضى في أفغانستان هو استمرار التواجد العسكري للدول الأجنبية ومنها أمريكا ودول الناتو والذي يهدد عملية السلام بين الحكومة الافغانية وجماعة طالبان فأفغانستان لن تشهد الهدوء والإستقرار مازالت القوات الاجنبية موجودة على أراضيها ومازالت التدخلات الامريكية وتدخلات دول الناتو وتدخلات باكستان مستمرة في أفغانستان.
ان إنطلاق المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وجماعة طالبان بمشاركة دول المنطقة ومنها الهند وباكستان وروسيا وايران يمكن ان يساعد على احلال السلام في أفغانستان، ويمكن وضع حد للفوضى السائدة حاليا في أفغانستان عبر اجراء مفاوضات بناءة مع جماعة طالبان لأن الدول التي لديها حدود مشتركة مع افغانستان وتدرك ثقافة الافغانيين أكثر من غيرها يمكنها ان تقدم حلولا مناسبة من اجل احلال السلام وإرساء الإستقرار والسلام في هذا البلد.