الوقت- بعد الكثير من الأخذ والردّ حول تدمير القوات البحرية اليمنية، ليل السبت الماضي، سفينةً إماراتية من طراز "سويفت"، أصدرت الأمم المتحدة أمس الثلاثاء بياناً كذّبت فيه تصريحات القوات الإماراتية بـ"أن السفينة التي استهدفتها القوات البحرية اليمنية في السواحل اليمنية فجر السبت الماضي مدنية وتقوم بأعمال إنسانية"، وفق ما نقلت وكالة الأناضول التركية في خبر عاجل أوردته عن نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق.
الموقف الجديد جاء ليفضح ادعاءات الإمارات والسعودية التي حاولت من خلال دعوتها الإعلاميّة في الأيام القليلة الماضية لاستدارج العديد من الدول إلى الساحة اليمنية تحت ذريعة أمن الممرات المائية ومضيف باب المندب. وبالفعل، كشفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أنها أرسلت ثلاث سفن حربية لمنطقة قرب الساحل الجنوبي لليمن. وقد أفاد مسؤولون بالوزارة الأمريكية أن مدمرتين حربيتين تابعتين للبحرية الأمريكية انضمتا إلى سفينة أخرى في الطرف الجنوبي من مضيق باب المندب.
وزير الخارجية في حكومة المنفى، حكومة الرياض، ركب الموجة السعودية- الإماراتية التي تحدّثت عن "هجمات إرهابية" فنّدها بالأمس بيان الأمم المتّحدة، حيث شن الوزير عبد الملك المخلافي حملة تحريض واسعة على اليمن داعيا العالم إلى شن حرب شاملة تحت ذريعة تهديد طرق الملاحة الدولية في مضيق باب المندب على البحر الأحمر.
وبعد سلسة من القصف التمهيدي الإعلامي، بدأت البوارج الحربية التابعة لتحالف العدوان السعودي الاماراتي جنوبي البحر الاحمر وخليج عدن بسلسلة تحرّكات مريبة تهدف لإشعال جبهة بحرية تؤدّي إلى تهديد خط الملاحة الدولي في مضيف باب المندب، وبالتالي استدارج دول من خارج التحالف إلى هناك.
العملية اليمنية، وما تلاها من أخذ وردّ، تفسره عدة أسباب، نذكر منها:
أولاً: تكشف عملية استهداف السفينة الحربية الإماراتية التي تستخدم لنقل العتاد والأفراد، والتي أدت إلى مقتل 22 جندياً كانوا على متن السفينة وتدميرها بالكامل، وما تلاها من ترويج إعلامي كاذب قدرات عسكرية جديدة للجيش اليمني. إلا أن هذه القدرات ومهما علا سقفها برّاً وبحراً وجوّاً تبقى أعمال دفاعية بحتة. لم يُسجّل حتى الساعةو أي اعتداء من هذه القوات على المدنيين حتى في الصواريخ تلك التي تطال العمق السعودي، فكيف الحال بسفن مدنية، سعودية كانت أمر غيرها؟
ثانياً: إن القوّة البحرية اليمنية، وفق ما أكّد الناطق الرسمي للقوات المسلحة العميد الركن شرف لقمان، تتولّى حماية سواحل اليمن من العمليات الإرهابية التي تنفذها التنظيمات الإرهابية مستقلة أو ضمن تحالفها مع دول العدوان برا وبحرا وجوا. بعبارة أخرى، إن التهديد الحقيقي على الممرات الملاحية الدولية يتمثّل في سيطرة ما يسمى القاعدة وداعش على أهم المناطق المطلة على البحر. تحاول الرياض استغلال الضربة النوعية اليمنية وتجييرها لصالحها عبر إشعال حرب في باب المندب، إلا أن الواقع يشي بالعكس، فقد أبعدت هذه الضربة شبح الحرب سواءً من التنظيمات التكفيرية أو من دول العدوان التي تريد الدخول إلى جبهة تعز عبر البحر.
ثالثاً: لقد أكّد الجيش اليمني في بيانه أن " الجيش واللجان الشعبية ملتزمون بأعلى قيم الاخلاق والمبادئ الصحيحة والسليمة في المواجهة العسكرية التي لا تستهدف المدنيين والأعمال المدنية والملاحة الدولية وسلامتها، وما الحملة التضليلية السعودية عبر الماكينة الإعلامية إلاّ في سياق استدراج دول أخرى، كمصر وغيرها، إلى هناك، ومحالة جديدة لشرعنة العدوان.
رابعاً: فيما يخص الحضور الأمريكي، تجدر الإشارة إلى أن هذا الحضور الفاتر لن يؤثر على المعادلة الميدانية، وفي حال أرادت السفن الإمريكية الانخراط في قصف تعز وبقيّة المدن، ستلقى المصير نفسه. فقد حذّرت القوات البحرية والدفاع الساحلي اليمنية في بيان سفن العدوان من اختراق المياه الإقليمية لأي سبب كان دون أخذ الذن المسبق من السلطات اليمنية المختصة.
خامساً: كذلك، فيما يخص الحضور الأمريكي البحري، يرى مراقبون أن الحضور يهدف للإبقاء على الثقة السعودية الإماراتية بالسلاح الأمريكي، لاسيّما أن القوات المسلحة الإماراتية، أكدت تعرض السفينة الحربية التي قالت إنها مستأجرة من القوات البحرية الأمريكية للهجوم. تخشى واشنطن التي اتهمت إيران بتزويد "الحوثيين (أنصار الله) بصواريخ يتم إطلاقها من على الكتف لمهاجمة السفن"، أن تؤثر هذه الضربة على الصفقات العسكرية لاسيّما في ظل سياسة التقشّف السعودية.
لم تكتف السعودية بالخطوات الآنفة الذكر، بل وفي إطار توتير الأجواء البحرية عمدت إلى مناروات "درع الخليج1"، التي من المقرر أن تنفذ في ثلاث مناطق بحرية، لتبحر في مياه الخليج الفارسي وصولاً إلى مضيق هرمز، وبحر عُمان.
في الخلاصة، تسعى الرياض من خلال هذه الهجمة الإعلامية لمنع الجيش واللجان الشعبية من إعادة الكرّة في استهداف بوارج أخرى، سعودية كانت أم إماراتية أو أمريكية، إلا أن بيان القوة البحرية اليمنية يشي بالعكس تماماً.