الوقت-عندما نشبت الأزمة السورية في عام 2011 تسببت بحدوث أضرار عديدة لكل الأشخاص والأطراف المعنية وغير المعنية، وتحولت الى خطر حقيقي يهدد محور المقاومة والممانعة في المنطقة على وجه الخصوص وحسب تقرير ما يسمى المرصد السوري لحقوق الإنسان أدت الحرب السورية حتى الآن الى مقتل أكثر من 320 ألف شخص ومليون نصف مليون جريح مع العلم بأن 11439 من القتلى هم من الأطفال.
وإضافة الى الخسائر البشرية عانت سوريا أيضا من خسائر مادية وإقتصادية وتدمير للبنى التحتية مثل تدمير 12 مصفاة للنفط وحقول نفطية وهنا يمكن القول ان هدف الغرب من التسبب بهذا الدمار الكبير في سوريا يكمن في إضعاف الدول الإسلامية وجعلها تابعة للغرب تحت ذريعة إعادة الإعمار وإستغلال هذه الحاجة ومن ثم إجبار الدول الإسلامية على تغيير سلوكها عبر العلاقات التي تبنى لاحقا.
لكن الأزمة السورية التي شكلت خطرا عسكريا على محور المقاومة والممانعة في المنطقة ساهمت من جهة أخرى في خلق فرص سياسية وإستراتيجية مثل بقاء وانتشار وتوسع محور المقاومة والممانعة في المنطقة كما ونوعا وإلحاق خسائر مادية ومعنوية كبيرة لجبهة الأعداء وإضعاف مكانة الدول العربية التابعة للغرب في المنطقة وتوفير فرصة لإيجاد الألفة والوحدة بين ايران والعراق وسوريا ولبنان بشكل أكبر من الماضي وإضعاف مكانة الكيان الإسرائيلي في المنطقة بشكل عام وتعزيز المكانة الإقليمية والدولية للجمهورية الإسلامية الايرانية وإنكشاف الفضيحة العلنية للدول العربية المنقادة للغرب مثل السعودية وقطر وغيرهما.
وفي الوقت الذي تتناول معظم التحليلات الأزمة السورية من بعدها السياسي والعسكري من ناحية الاخطار والتهديدات يجب علينا ان ننظر ايضا الى البعد الثقافي لهذه القضية أيضا وبشكل أكبر وأعمق وتبيين الفرص الثقافية التي وجدت جراء هذه الازمة.
ويمكن القول ان أهم الفرص الثقافية التي خلقتها المواجهة بين محور المقاومة والممانعة وبين جبهة التكفير والإرهاب والتبعية للغرب والصهيونية في سوريا هي إشتداد عود ثقافة الجهاد والتضحية فهذه الرائحة الطيبة ينجذب نحوها جميع الأحرار والرجال المؤمنين بقضيتهم العادلة في المنطقة.
وهناك فرصة الآن لتعميم ثقافة الجهاد والدفاع عن العتبات المقدسة كرافعة ثقافية بين شعوب المنطقة وخاصة بين شعوب دول محور المقاومة والممانعة حيث يسعى مسؤولو هذه الدول الى القيام بواجباتهم في هذا المجال ولا ننسى الدور الهام والتاريخي الذي يقوم به علماء الدين والمسؤولون الثقافيون في شحذ الهمم والحث على الإقتداء بالشهداء المدافعين عن العتبات المقدسة في وجه الكفر والتكفير والطغيان والتبعية للغرب وللصهيونية.
ومن جهتهم تبادر الفئات الشعبية في دول محور المقاومة والممانعة وبشكل طوعي الى توحيد ورص الصفوف والنهوض نحو أداء الواجب في مواجهة الإرهابيين وحماتهم الإقليميين والدوليين وعندما تتحرك الجماهير الثورية فعندئذ لايمكن لأحد ان يقف بوجهها مهما كانت قدراته المالية والمادية من دولارات النفط والأسلحة الغربية وأجهزة المخابرات والتجسس الغربية والإسرائيلية.
ان من يجول بين أوساط مجتمعات دول محور المقاومة والممانعة اليوم يكتشف أن الهجوم الغربي التكفيري على سوريا الذي كان يراد منها كسر ظهر دول محور المقاومة والممانعة أدى على العكس الى نشر ثقافة التضحية والفداء والجهاد والتعبئة العامة بين مجتمعات وشعوب دول محور المقاومة للدفاع عن العتبات المقدسة في سوريا وإبقاء راية المقاومة مرفوعة من كشمير وأفغانستان وباكستان مرورا بإيران والعراق وصولا الى سوريا ولبنان وفلسطين.