الوقت- بعد تعزيز روسيا لقواتها العسكرية في سوريا خلال الأسابيع الماضية بشكل لم يسبق له مثيل منذ انهيار الاتحاد السوفيتي السابق مطلع تسعينات القرن الماضي، أشارت مصادر أمريكية إلى أن موسكو أرسلت حتى الآن أكثر من 28 طائرة مقاتلة إلى سوريا وبدأت التنسيق بشكل واسع مع طهران ودمشق في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والأمنية لمواجهة خطر الإرهاب، فيما ذكرت مصادر مقربة من الكرملين ان روسيا بدأت بإعداد وتدريب نحو 100 ألف من جنودها لهذا الغرض.
وقبل مدة أشارت تقارير غربية إلى أن روسيا أرسلت طائرات مقاتلة من نوع (ميغ 31) إلى سوريا وزودتها بمنظومة صواريخ مضادة للطائرات من طراز (اي- ٢٢) وقامت بإنشاء قاعدة عسكرية جديدة في اللاذقية غرب سوريا تضم 20 طائرة هلیكوبتر هجومية، إضافة إلى معدات عسكرية ولوجستية اخرى، فيما أشار مسؤولون أمريكيون إلى أن عدداً من طائرات الاستطلاع الروسية حلقت في الأجواء السورية خلال الأيام الماضية.
كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها ستجري مناورات عسكرية شرقي البحر المتوسط في وقت لاحق من هذا الشهر وفي تشرين الأول. ويشارك في المناورات طراد صواريخ موجهة، ومدمرة حاملة لصواريخ موجهة، وسفينة إنزال، وسفن أخرى.
وتأتي هذه الاستعدادات في إطار تحالف غير معلن يضم كلاً من إيران وروسيا والعراق وسوريا وحزب الله(لبنان) للبدء بهجوم كاسح ضد الجماعات الإرهابية المنتشرة في الشرق الأوسط لاسيما تنظيم (داعش) الإرهابي.
واستناداً إلى معلومات موثقة تشعر روسيا بأن خطر الإرهاب قد يقترب من حدودها ويهدد أمنها واستقرارها خلال الأشهر القادمة خصوصاً في منطقتي آسيا الوسطى والقوقاز.
وفي وقت سابق وتحديداً في آذار/مارس 2015 أعلن مدیر جهاز الأمن الفیدرالي الروسي (الکسندر بورتنیکوف) ان أكثر من 1700 شخص من أصول روسية انضموا إلى الجماعات المسلحة والتكفيرية المتطرفة لتنفيذ عمليات إرهابية في العراق وسوريا، فيما أكد نائب وزير الخارجية الروسي (أوليغ سيرومولوتوف) ان هذا العدد زاد إلى أكثر من 2200 شخص في آب/أغسطس من العام الجاري.
ودفعت هذه التطورات الجانب الروسي إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات الاحترازية في إطار استراتيجية جديدة تهدف إلى منع وصول الإرهاب إلى أراضيها والتنسيق مع الدول الاخرى لمواجهة هذا الخطر لاسيما العراق وسوريا.
وخلال الأشهر القليلة الماضية أعرب الكثير من المسؤولين الروس عن خيبة أملهم ازاء عدم جديّة وفاعلية ما يسمى بـ "التحالف الدولي” الذي تقوده واشنطن لمحاربة الإرهاب في الشرق الأوسط.
وقبل نحو اسبوعين أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان بلاده تملك أدلة دامغة تثبت ان أمريكا لا تسمح بضرب مواقع ومقرات محددة تابعة لتنظيم (داعش) الإرهابي في العراق وسوريا، مشيراً إلى أن هذا الأمر عمّق الشكوك لدى موسكو حيال مصداقية وجديّة "التحالف الدولي" في محاربة الإرهاب، معرباً في الوقت ذاته عن اعتقاده بأن هذا التحالف تشكل لتحقيق أهداف أخرى لاعلاقة لها أصلاً بمحاربة الإرهاب.
وتعتقد موسكو ان إيران والعراق وسوريا جادّون في محاربة تنظيم (داعش) وهي تعمل حالياً على تعزيز التعاون معهم للقضاء على هذا التنظيم الإرهابي لوجود مصالح مشتركة يمكن تحقيقها من خلال هذا التعاون.
وكان مستشار قائد الثورة الاسلامية في إيران علی أكبر ولایتي قد أكد في أواخر حزيران/يونيو الماضي على وجود تنسيق وثيق بين طهران وبغداد ودمشق وموسكو لمحاربة الإرهاب. ورجح مراقبون أن يتطور هذا التعاون لتشكيل تحالف اكبر يضم أيضاً حزب الله (لبنان) ويشمل كافة الجوانب السياسية والعسكرية والاستخبارية.
ولم يعلن حتى الآن عن تشكيل هذا التحالف (4+1)، فيما يعتقد المتابعون لشؤون المنطقة ان التنسيق السياسي والعسكري والأمني بين أطراف هذا التحالف سيتواصل حتى وإن لم يتم الاعلان عنه بشكل رسمي.
في سياق متصل شددت المستشارة الألمانية (انغيلا ميركل) على ضرورة إشراك الرئيس السوري بشار الأسد وإيران في أي محادثات تهدف لإنهاء الازمة السورية، فيما دعت وزارة الخارجية الروسية إلى تشكيل تحالف واسع لمواجهة تنظيم (داعش) بفاعلية على أساس القانون الدولي والدور المركزي للأمم المتحدة.
وأعلنت مصادر مطلعة عن استعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتنفيذ ضربات جوية من جانب واحد ضد تنظيم (داعش) في سوريا إذا رفضت أمريكا اقتراحه بتنسيق جهودهما سويا.
وفي وقت سابق أكدت إيران على لسان نائب وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ترحيبها بمبادرة الرئيس الروسي حول تشكيل جبهة مشتركة لمحاربة الإرهاب، معربة عن استعدادها للتعاون التام لتنفيذ هذه المبادرة، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه لا بديل عن الحل السياسي لتسوية الأزمة السورية، وأن السوريين هم وحدهم مَنْ يجب أن يقرر مستقبل بلادهم.