الوقت – وصف مفتي السعودية عبدالعزيز آل الشيخ مؤخرا الايرانيين بأنهم مجوس وهذا ما كان يصف العرب به الايرانيين الزرادشتيين قبل الإسلام والذين كانوا يشكلون معظم سكان ايران حين فتح المسلمون هذا البلد أثناء الفتوحات الإسلامية، وقد أصدر المفتي السعودي بيانا قال فيه ان الايرانيين ليسوا مسلمين.
ان هذا التهجم ليس بالأمر الجديد ولايقتصر على السعوديين أو الوهابيين لكن حتى الان لم يسمِّ أية شخصية أو قائد اسلامي الايرانيين علنا بانهم ليسوا مسلمين، لكن بعض الشخصيات غير الدينية والعلمانية قد فعلوا ذلك من قبل فعلى سبيل المثال كان صدام حسين يصف مرارا وتكرارا الايرانيين اثناء حربه التي شنها على ايران، بأنهم مجوس كما كان يصف الايرانيين بأنهم حشرات يجب إبادتهم بمبيد الحشرات وفي الحقيقة نفذ صدام هذا التهديد طوال الحرب حينما استخدم الأسلحة الكيميائية ضد الايرانيين.
ان الذين يعتقدون ويقولون بأن الايرانيين ليسوا مسلمين يدّعون ايضا بأن الايرانيين لم يدخلوا الاسلام بشكل كامل بل نشروا المذهب الشيعي الذي هو مذهبهم القديم المغطى باللون الإسلامي، كما يقول هؤلاء ان الايرانيين قاموا بهذا الفعل بهدف إسقاط الإسلام الحقيقي والأصيل وإضعافه.
ومنذ سنين مديدة يدعم بعض الشخصيات المذهبية في السعودية وقطر ومنهم الشيخ يوسف القرضاوي طبع ونشر الكتب التي يكون فحواها حول "خطر الشيعة على الإسلام" و"خطط ايران لتغيير مذهب السنة نحو التشيع".
ومن المؤكد ان القول بأن التشيع هو صنيعة يد الايرانيين هو كذبة تاريخية لأن الخلاف وقع بين المسلمين العرب مباشرة بعد وفاة النبي الأكرم (ص) وحصل هناك تباعد بين الشيعة والآخرين منذ ذلك الوقت وهذا حصل بين العرب وقبل فتح ايران فلايمكن القول ان الايرانيين هم من جاؤوا بالتشيع كما يدعي المفتي السعودي الان.
لكن ما هو هدف السعوديين من نعت الايرانيين بأنهم غير مسلمين؟ ان هؤلاء حينما يقولون بأن الايرانيين ليسوا مسلمين فإنهم يريدون القول بأن الحكم الإسلامي القائل بحرمة دم المسلم على المسلم لاينطبق على الايرانيين ولذلك يمكن لهم قتل الايرانيين الشيعة مثل أي كافر آخر ودون وخزة ضمير! وهكذا يتضح لنا ان بث مثل هذه الإدعاءات والإفتراءات وإثارة هذه الأقاويل في الأجواء المتوترة السائدة بين السعودية وايران في الوقت الراهن لها تبعات سياسية هامة، فعلى سبيل المثال يساعد هذا الأمر السعودية ان تطلب العون والمساعدة من باقي المسلمين للحرب العلنية والخفية مع ايران مع العلم بأن هناك جماعات مثل طالبان وداعش والقاعدة تتبنى الآن الفكر السعودي وتعتبر الايرانيين كفارا.
دور الايرانيين في الحضارة الإسلامية
رغم محاولات النيل من الايرانيين فهذا الشعب ساهم بقوة في بناء الحضارة الإسلامية فالمسلمون استخدموا لـ 300 عام نظام الضرائب وباقي أساليب ادارة الحكم التي كانت متبعة في عهد الساسانيين الايرانيين، ان القوانين واساليب القضاء وادارة الحكومة التي كانت متبعة عند الساسانيين أصبحت أنموذجا لمن يسمون بالخلفاء المسلمين ومن ثم الحكام الأتراك من السلاجقة حتى العثمانيين.
وكان كتاب مؤسس سلالة الساسانيين "أردشير بابكان" أنموذجا لمعظم الكتب ما بعد الإسلام في مجال السياسة مثل كتاب "سياست نامه" للخواجة نظام الملك وزير السلطان السلجوقي "ملكشاه" والكتب التي تمت كتابتها فيما بعد.
وهناك ايرانيون كثيرون مثل البرامكة كانوا وزراء للخلفاء العباسيين ومن بعدهم الحكام الأتراك.
وتم بناء "دار الحكيم" في بغداد على نسق "بيت المعرفة" الساساني وكان الفن الايراني في الرسم والنحت والموسيقى يشكل الفن الاسلامي من بين النهرين حتى الهند.
وكما قال البروفسور رومان غيرشمن فإن الوارث الحقيقي للفن الساساني كانوا المسلمين الذين نشروا هذا الفن في كل مكان ذهبوا اليه وانتشروا فيه، ويعتبر البروفسور "آدا بوزه مان" هذا النفوذ بمثابة فتح للايرانيين فسيبويه الايراني كان اول من صاغ النحو العربي كما قام الايرانيون برفقة المسيحيين بترجمة الكلمات اليونانية الى العربية وهذه كلها مساهمات في الحضارة الإسلامية فيا للعجب كيف يسمي مفتي السعودية الايرانيين بالمجوس؟