الوقت- يصادف اليوم الأحد 21 اب / أغسطس الذكرى السنوي لقيام الصهاينة بإحراق المسجد الأقصى المبارك في عام 1969 وكان منفذ هذا الإعتداء الخطير المتطرف اليهودي البريطاني مياكل روهان، وبإقتراح من ايران سمّت منظمة المؤتمر الإسلامي هذا اليوم بإسم اليوم العالمي للمسجد لكي تبقى هذه الذكرى حية وتظل البوصلة بإتجاه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
جريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك قبل 47 عاما، لم تنتهي وكانت فصلا من فصول معركة يشنها الاحتلال الإسرائيلي على المسجد، تستهدف تقسيمه زمانيا ومكانيا، وإعادة بناء الهيكل المزعوم مكانه، وقد أدرك الصهاينة ان مقاومة الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والمسلمة لهم ولمشروعهم التلمودي سببها ليست الأراضي الفلسطينية المسلوبة والمحتلة رغم قيمة هذه الأرض وما تمثله، بل السبب الرئيسي هو وجود المسجد الأقصى المبارك الذي ورد ذكره في القرآن الكريم حيث أشار الباري تعالى إلى قداسة وعظم شأن هذا المسجد المبارك في محكم كتابه.
ولايختلف إثنان على صحة ما إستنتجه الإسرائيليون لأن من يعرف الدين الإسلامي الحنيف وتاريخه المجيد يعلم بأن المسجد كان مقرا ومركزا للحكم الإسلامي الذي أقامه النبي الأعظم (ص) ففيه كانت تقام الصلاة وتلقى الخطب الدينية والسياسية وتصدر القرارات الهامة فكيف إذا كان هذا المسجد هو الأقصى الشريف الذي يعتبر كل مسلم مستعدا للتضحية بنفسه وأمواله وأولاده وكل ما يملك في سبيل الدفاع عنه سواء أمام اليهود أو أمام الصليبيين كما سجّل التاريخ ذلك.
لقد أدرك الفلسطينيون أبعاد المخطط الصهيوأمريكي الخطير في بلادهم لتدمير المسجد الأقصى عبر حرقه تارة وحفر الأنفاق تحته تارة أخرى، ولذلك نجد بأن الفلسطينيين المنتمين لمختلف الأحزاب والفصائل يتوحدون في التضحية بدمائهم عندما يتعلق الأمر بالمساس بالأقصى المبارك.
ان تجاسر الإسرائيليين المدعومين بالمسيحية الصهيونية في العالم الغربي مستمر على مسجد الأقصى المبارك وإن هذا التجاسر يشكل أساسا لتجاسر الآخرين على المساجد في العالم وقد رأينا كيف تقوم الجماعات الإرهابية التي ترفع إسم وراية الإسلام جزافا وهي عميلة لأسيادها الغربيين والإسرائيليين بالإعتداء على المساجد وتفجيرها في المناطق التي تسيطر عليها في العراق وسوريا.
ولا شك ان تجاسر هؤلاء على المسجد يدل على الدور الحيوي للمساجد في مواجهة نظام الهيمنة والسلطة والاستكبار العالمي الذي يخطط للتفرقة والنفوذ والتغلغل بشكل دائمي في المنطقة الإسلامية والعربية بالاستفادة من الدول والجماعات العميلة التابعة التي تقدم الخدمة المجانية لمن يريد اجتثاث الإسلام والمسلمين من جذورهم.
في يومنا هذا الذي تتكالب فيه الأطراف الدولية المعادية للقضايا العادلة على المسلمين وهم يستخدمون شتى الأساليب العسكرية والناعمة والغزو الثقافي وغسيل الأدمغة للقضاء على الرسالة الإسلامية وعلى المسلمين من دون التفريق بين سني وشيعي تعتبر المساجد أفضل مكان وقاعدة للأخوة والاتحاد والبصيرة والصمود وإن أفضل وصفة لوحدة الأمة الإسلامية التي يحلم الجميع بتحقيقها، هي الاهتمام بالمسجد ومكانته ودوره وأهميته.
ان اعلان هذا اليوم كيوم عالمي للمساجد يأتي في إطار الجهود التي تبذلها الجمهورية الإسلامية الإيرانية لإحياء قضايا الأمة الإسلامية باستمرار وقد أشار قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي يوم الأحد في طهران خلال لقائه مع أئمة المساجد الى فلسفة تعيين هذا اليوم كيوم عالمي للمساجد قائلا: ان تعيين هذا اليوم كانت خطوة ثورية تمت بإصرار وطلب الجمهورية الاسلامية الايرانية في داخل منظمة المؤتمر الاسلامي بسبب احراق الصهاينة للمسجد الاقصى المبارك وكان الهدف من هذه الخطوة مواجهة الأمة الاسلامية للكيان الصهيوني ويجب النظر الى هذه القضية من هذا المنظار.
واعتبر سماحته المسجد "نواة المقاومة" وخاصة المقاومة الثقافية مؤكدا انه "اذا لم يوجد سور ونبراس ثقافي فإننا سنخسر كل شيء" وقال "ان المسجد قاعدة للتجمع والشورى والمقاومة والتخطيط والحركة الاجتماعية والثقافية" مؤكدا ضرورة تعزيز وتقوية الايمان الديني عند الشعب كركيزة أساسية للثورة والنظام الاسلامي.
واضاف قائد الثورة الإسلامية ان اليوم العالمي للمسجد يمثل فرصة قيمة لهذا الاجتماع السنوي وكذلك فرصة للتفكير وتكريم الأمة الإسلامية حول المساجد وبيوت الله، وعلينا ان نعرف دور المساجد في وحدة الأمة الإسلامية، ونفكر في تطوير القيم الإسلامية ونقوم بالتخطيط لعمران المساجد.
وأخيرا يجب القول ان للمساجد مكانة قدسية وتوحيدية وبسبب هذه المكانة في صفوف المسلمين، يمكن للمساجد ان تؤدي دورا في تنظيم المؤمنين ووحدة المسلمين وتضامنهم، وبإمكان الدول الإسلامية وفي علاقة منسجمة مع المساجد ان يقدموا صورة جديدة من الوحدة الإسلامية التي تمكّن المسلين من وأد فتن اليهود والتكفيريين والغرب المتصهين، وتساعدهم على بناء أجيال تضع خدمة المجتمعات الإسلامية نصب أعينها وتوحد صفوفها لتحرير المقدسات الإسلامية وخاصة الموجودة منها في فلسطين وكذلك كل التراب الفلسطيني.