الوقت - ظن البعض أنه بإزاحة أمريكا الستار عن الصفحات السرية الـ28 من تقرير هجمات 11 سبتمبر/ أيلول، سوف تقوم الدنيا ولن تقعد وسيحدث توتر علني بين السعودية وأمريكا جراء التورط الكبير لمسؤولين سعوديين في هجمات البرجين في أمريكا، الا أنه على ما يبدو أن أمريكا قد قبضت ثمن هذا التقرير وأتى بشكل ضعيف لا يحمل المصداقية ليبرئ السعودية من التهم المنسوبة لها في هذه الوثائق.
ولم تتمكن الاستخبارات الأمريكية من اثبات التهم على السعودية رغم الصيت القوي الذي لديها من القدرة على كشف الأمور، واكتفت بالظنون والشكوك وجاء في التقرير الأمريكي: "كان بعض المختطفين المشاركين في هجمات 11 سبتمبر خلال تواجدهم في الولايات المتحدة على صلة بأشخاص "ربما" مرتبطين بالحكومة السعودية وحصلوا على دعمهم أو مساعدتهم".
وحدد التقرير هوية الشخصين المذكورين، وهما "عمر البيومي وأسامة بسنان".
وكشف التقرير الأمريكي قائمة بأشخاص آخرين، الذين يمكن أن يكون لهم يد في الهجوم عبر تقديم الدعم والتخطيط وتمويل الهجمات، وتضم هذه القائمة كلا من عبد الله بن لادن، الأخ غير الشقيق لأسامة بن لادن، الذي كان يعمل في السفارة السعودية لدى واشنطن، وصالح الحسين، المسؤول السابق في الداخلية السعودية، وكذلك شيخ الثميري، الدبلوماسي السعودي السابق المعتمد لدى أمريکا.
وكانت الصدمة في التقرير ذكر اسم بندر بن سلطان السفير السعودي في أمريكا وقتها، وصاحب شركة ASPCOL في أمريكا والتي ارتبط اسمها بتقديم الدعم المادي للمنفذي الهجوم حيث جاء في التقرير: "في 28 مارس/آذار من العام 2002، الولايات المتحدة والقوى المتحالفة وصلت إلى دفتر الأرقام الهاتفية لأبي زبيدة، الذي حددته الحكومة الأمريكية ككبير منسقي العمليات للقاعدة". وأضافت الوثيقة أن أحد الأرقام في دفتر كان يتعلق بشركة "ASPCOL"... وهي "الشركة المظلة التي تقوم بإدارة أعمال مقر الأمير بندر في كولورادو".
وذكر التقرير اسم الأميرة هيفاء، زوجة الأمير بندر بن سلطان، والتي كان لها دور بارسال الأموال بقيمة 75 ألف دولار أمريكي الى بسنان، في حين جرى تحويل جزء من هذه الأموال الى عمر البيومي، الذي ساعد الحامزي والمحضار في الحصول على أوراق الأمن الاجتماعي والمعلومات بشأن دورات الطيران في أمريكا.
ويتسائل محللون سياسيون عن أهمية نشر هذه الوثائق في مثل هكذا توقيت، ويفند آخرون أهداف نشرها تحت مجهرين:
الأول اقتصادي:
مارس الأمريكيون نوعاً من الضغط السياسي على السعودية من أجل حثها على عدم سحب أصولها من البنوك الأمريكية التي يعتمد عليها الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير، حيث قالت السعودية في وقت سابق على لسان وزير خارجيتها إن السعودية سوف تسحب أرصدة بقيمة 750 مليار دولار أمريكي في حال اصدار قانون من قبل الكونغرس الأمريكي يدين به السعودية بأحداث 11 سبتمبر/أيلول. أيضاً من أجل منعها من المطالبة بالدين الكبير الذي اقترضته أمريكا في السابق من السعودية من أجل سد العجز والازمة الاقتصادية التي ضربت أمريكا بين عامي 2007-2008.
الثاني داخلي:
تعرضت الحكومة الأمريكية في الأشهر الماضية الى ضغط كبير خصوصاً من الكونغرس الأمريكي الذي طالب الـ سي أي أي بالافراج عن هذا التقرير الذي يدين السعودية، وذلك من أجل محاسبة المتورطين، وذلك لاعتقادهم بأن هذه الوثائق مدعومة بشهود وقرائن، الا أن هذه الوثائق أتت على شكل صدمة لهم لما ليس لها أهمية وذلك بسبب افتقارها للمصداقية. واستطاعت الحكومة بهذه الطريقة اسكات المناوئين للسعودية الحليف الأساسي لها في الشرق الأوسط وابعادهم عن استهدافها سياسياً قدر الامكان في الوقت الراهن وذلك لما تمر به السعودية من أزمات خصوصاً في اليمن وسوريا والعراق.
من جهتها، رحّبت السعودية على الفور على لسان "عبد الله آل سعود" السفير السعودي في أمريكا، والذي أوضح في بيان، "أنّ الصفحات أكدت أنه لا الحكومة السعودية ولا أي مسؤول سعودي كبير أو أي شخص يعمل نيابة عن الحكومة السعودية قدم أي دعم أو تشجيع لتلك الهجمات في العام 2001". وأعرب عن أمله في أن يساعد الكشف عن هذه الصفحات في تبديد أي تساؤلات أو شكوك متبقية بخصوص تصرفات السعودية أو نياتها أو صداقتها الطويلة الأجل مع الولايات المتحدة.
اذاً، على ما يبدو فإن السعودية استطاعت أن تمر مرور الكرام على جثث ضحايا أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، وذلك باتفاق واضح وصارخ مع امريكا التي باعت دماء مواطنيها مقابل أموال وأرصدة في البنوك الأمريكية.