الوقت – في وقت تعتبر الدول الاوروبية وخاصة فرنسا نفسها مهدا للديمقراطية وحقوق الانسان وتريد فرض سياساتها على الدول الاخرى مثل سوريا والدول الافريقية، تحدث في هذه الدول الاوروبية تجاوزات خطيرة على حقوق الانسان ناهيك عن الممارسات الاستعمارية للاوروبيين في الخارج.
وتشهد القارة الاوروبية منذ حدوث ازمة اللاجئين التي كشفت حقيقة الممارسات اللاانسانية الاوروبية وفضحت زيف شعارات هذه الدول والمجتمعات، قضية في غاية الخطورة وهي مسألة الاطفال اللاجئين الذين انفصلوا عن ذويهم اثناء رحلة الهجرة واللجوء في اوروبا والتجاوزات والاعتداءات التي تحدث بحق هؤلاء الاطفال في داخل الدول الاوروبية واستغلالهم بشتى اشكال الاستغلال من قبل العصابات والمافيات وسط غياب ابسط انواع الحماية والرعاية الاجتماعية.
وما يزيد من مرارة هذه المأساة هو الاجراءات التعسفية للحكومات الاوروبية ضد اللاجئين والسعي لترحيلهم والتضييق عليهم دون رحمة ودون ان يتم استثناء الاطفال وهي حقيقة مؤلمة يصعب تصديقها.
وفي آخر فصول هذا المشهد المأساوي انتقدت المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان الثلاثاء فرنسا بسبب سياستها القائمة على احتجاز اطفال لايام عدة في مراكز احتجاز اداري قبل ترحيلهم.
واعتبر القضاة الاوروبيون الذين تلقوا ملفات خمس اسر اجنبية خضعت لمثل هذا الاجراء، ان حرمان الاطفال وذويهم من حريتهم، هو أشبه بمعاملة غير انسانية او مهينة، ويتعارض بالتالي مع الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان.
وفي الحالات الخمس التي بتت بها الثلاثاء محكمة حقوق الانسان الاوروبية، كان الاطفال تحديدا من صغار السن. ففي عام 2012، وضع طفل ارمني يبلغ 4 سنوات لمدة 18 يوما داخل مركز اعتقال اداري مع والديه. وفي العام نفسه، قضت فتاتان شيشانيتان تبلغ احداهما سنتين ونصف سنة، والثانية اربعة أشهر، ثمانية ايام داخل مركز اعتقال اداري مع والدتيهما.
وتبلغت المحكمة ايضا بحالات طفل روماني يبلغ 4 سنوات احتجز 7 ايام، وطفلين شيشانيين يبلغان 7 اشهر و15 شهرا احتجزا تسعة ايام داخل مركز اعتقال اداري.
وقالت المحكمة انه كان على العدالة الفرنسية أن "تنظر في ما إذا كان هناك اجراء قهري أقل حدة من احتجاز عائلة.
وأمر القضاة الأوروبيون الحكومة بأن تدفع للعائلات التي تقدمت بشكوى، مبالغ تتراوح بين 1500 و9 الاف يورو تعويضا عن الضرر المعنوي الذي لحق بها.
ورحبت بهذا القرار منظمة "لا سيماد" غير الحكومية التي تساعد الاجانب في نصف اعداد مراكز الاحتجاز الاداري في فرنسا الـ 24.
وقالت المنظمة ان عمليات احتجاز القاصرين داخل مراكز احتجاز اداري في فرنسا قد شهدت ارتفاعا بعد ان كانت تراجعت في السنوات الماضية، مشيرة الى احتجاز 105 اطفال هذا العام، مقابل 45 في عام 2014.
وحدد قانون جديد حول حقوق الاجانب، تم التصويت عليه في اذار/ مارس، أطرا لشروط وضع الأحداث في مراكز الاحتجاز.
واعتبرت "لا سيماد" ان "هذا النص لم يقم سوى بتشريع ممارسة يجب ألا تكون موجودة.
وشدد المدافع عن حقوق الانسان "جاك توبون" الثلاثاء على ضرورة اصلاح هذا القانون "المخالف للاتفاقية الأوروبية لحقوق الانسان".
وقالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية ان الانتقاد الشديد لفرنسا من قبل المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان بسبب الاحتجاز الاداري للاطفال الاجانب يأتي في وقت كانت الجمعيات الانسانية التي تقدم المساعدات للاجئين تدين مثل هذه التصرفات منذ عدة سنوات.
ويقول قضاة المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان والذين بتوا في 5 ملفات تتعلق بشكاوى العائلات الاجنبية من سياسات وتصرفات الحكومة الفرنسية ان حرمان الاطفال من الحرية بهذا الشكل هو شكل من اشكال السلوك اللاانساني والاذلال وهذا يتعارض مع الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان.
ويؤكد "جون كلود مس" الامين العام لمنظمة لاسيماد التي تُعنى بشؤون المهاجرين واللاجئين الآتين من كافة مناطق العالم وخاصة افريقيا والشرق الاوسط ان منظمته ترحب بالرأي الصادر من المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان، ويضيف "جون كلود مس": نحن كنا ندين دوما عمليات الاحتجاز لأن الاحتجاز الاداري هو سجن كامل فيه الاسلاك الشائكة والقضبان والابواب المغلقة مع مراقبة قوات الشرطة، فهذا النوع من الاحتجاز لاشخاص لمجرد وجود خلل قانوني في اوراق اقامتهم يلحق اضرارا بهؤلاء الاشخاص لكن هذا الأذى والضرر يعتبر اشد وقعا على الاطفال من الكبار وان احتجاز الاطفال حتى ليوم واحد او يومين يعتبر ممارسة للعنف ضدهم.