الوقت- لاشك ان تسارع الاحداث في المنطقة العربية, يظهر حجم المؤامرة الغربية الصهيونية التي تعصف بالدول العربية.
منذ اندلاع ما يسمى بالربيع العربي والذي ظاهره صراع على الديمقراطية فيما هو في الحقيقة حرب مدمرة لكل القوى العربية التي وقفت وتحاول الوقوف بوجه دولة يهودية على كامل التراب الفلسطيني. فمن الواضح انها لاتستثني اي بلد بعدما وصلت اثارها مؤخرا الى الاردن, ذلك البلد الذي وقف على الحياد السلبي من الازمة في سوريا فهو بالظاهر وقف على الحياد لكن تحت الطاولة مد يد العون للجماعات الارهابية المدعومة من السعودية وامريكا وسمح سرا باقامة غرفة عمليات امريكية على اراضيه لادارة المعركة ضد سوريا وحلفائها, في موقف ملتبس نتاج احساس بخطورة الوضع على الداخل الاردني وفي الوقت ذاته على علاقاته بالمحيط , ما جعل الاردن في موقف مربك وضع البلد بين نارين.
هذا الموقف لم ينج الاردن من تداعيات اللهيب الذي تشهده المنطقة من احداث وحروب والتي ادت الى حرق الطيارالاردني حيا والذي كان قد سقط بطائرته وهو يحلق في سماء المنطقة التي تسيطر عليها داعش ما ادى الى وقوعه في الاسر وبالتالي الى قتله بهذه الطريقة الوحشية.
إن موقف الاردن منذ بداية الحرب على سوريا كان يتميز بالالتباس والتذبذب، فاذا نظر الاردن الى واقعه الداخلي وبنيته الاجتماعية اضطر الى اخذ موقف الحياد حفاظا على تماسك الواقع الشعبي وبخاصة ان الشعب الاردني تتجاذبه عدة تيارات منها القومي والاسلامي والعلماني بالاضافة الى التركيبة القبلية والعشائرية والبدوية.
واذا ما نظرنا الى محيطه العربي والنار التي تقف على حدوده اضطر الى التنسيق الامني السري مع النظام والجيش السوري من ناحية وهذا ما ظهر من خلال بعض التعاون الاستخباراتي الذي افشل بعض العمليات او من خلال الوقوف بوجه بعض تسلل لمجموعات مسلحة عبر حدوده الى سوريا, ولكن في نفس الوقت يدعو الملك الاردني جهارا الى استقالة الرئيس الاسد مع معرفته الاكيدة بأن عنقه الامني بيد سوريا واستقرارها ضمانة لاستقرار حكمه.
هذا من ناحية ومن ناحية اخرى يمد يده للكيان الصهيوني من خلال اتفاقية السلام الموقعة معه, والتي بموجبها يتم التنسيق واعداد مؤامرات ضد سوريا خاصة فيما يجري في الجنوب السوري على جبهة درعا والجولان حيث شكلت اسرائيل وامريكا في الاردن غرفة عمليات خاصة لادارة الازمة هناك.
ازدواجية في السياسة الاردنية, بقي فيها البلد المتخبط في صراع مفروض عليه نتاج علاقاته وتحالفاته, فبين المعارضة الداخلية وتنامي التيارات المتشددة المهددة للحكم من جهة، والضغوط الامريكية والاسرائيلية من جهة اخرى, كان لا بد للملك الاردني الذي بات في مرحلة حساسة, مراعاة مصلحته التي تستوجب على الاقل الحياد.
لكن ما يثير الاستغراب هو ان الاردن بقي يعتمد سياسة ادارة الظهر للازمة السورية والمنطقة، ما يزيد على السنتين حيث كانت معالم الجماعات المسلحة تظهر، فاذا به يتورط في الحلف الغربي الذي يدعي محاربة داعش متناسيا كل الاعتبارات التي الزمته بالموقف السابق.
وبلمحة متفحصة نجد ان ضرورات هذه المشاركة تكاد تنعدم حيث ان هذه الجماعات كانت تعتبر الاردن جبهة دعم لوجستي لها, مستفيدة من ضغط الشارع الاردني السلفي المتعاطف مع حركة التيارات الاسلامية في اغلب دول المنطقة.
فما الذي طرأ من ضرورات امنية تستوجب هذه المشاركة والانقلاب على سياسة المهادنة التي اعتمدها مع المتشددين, هذا الدور المهادن الذي برز منذ ما قبل الحرب السورية متجليا بتأجيل تنفيذ حكم الاعدام بساجدة الريشاوي وخالد كابولي اللذين قاما بتفجير في الاردن بمجموعة سوريين واردنيين في حفل زفاف ادى الى مقتل العشرات ومنهم المخرج السوري مصطفى العقاد.
ان ضغوطات اميريكية وبريطانية وفرنسية اوقعت الاردن في ازمة تناقض، من جهة تفرض عليه فتح حدوده امام هذه الجماعات للعبور الى سوريا والمشاركة في الحرب ضد الجيش السوري طمعا في قلب موازين القوى لصالح حلفائه من الامريكيين والخليجيين، ومن جهة اخرى تفرض عليه المشاركة في تحالف دولي بقيادة امريكا لمحاربة داعش ... في حين انه يكفي الاردن ان يغلق حدوده لاضعاف هذه الجماعات ليكون الاغلاق بمثابة خطوات اكثر تأثيرا من استخدام طيرانه كي يعطي الشرعية لعمليات القصف التي يقوم بها التحالف الدولي.
اسئلة كثيرة تفرض نفسها لماذا الان وبعد ما يقارب العشر سنوات على اعتقال ساجدة الريشاوي يبرز في الواجهة طلب الافراج عن ساجدة و... هل حقا المطلوب الافراج عن هؤلاء ام ان هناك قطبة مخفية, واذا كانت عملية اسر الطيار فرصة ذهبية للافراج عن الإرهابية ساجدة ومثيلاتها الدواعش, فلماذا قتلوه قبل الدخول في المفاوضات, ولماذا بهذا الشكل الاعلامي المفت ؟؟!!
ان عملية الاسر وان كانت مجرد صدفة اوغنيمة غير متوقعة فإن ما تبعها من الاستعجال في القتل وعملية الحرق والتصوير الملفت تشير الى ان هناك مخططا خطيرا يرمي الى احداث ردات فعل غير محسوبة بهدف اشاعة مشاكل عشائرية دموية في الاردن تبدأ بالاقتصاص من العشائر السلفية وتنتهي بعملية عرقنة وتونسة او سحب الواقع الليبي والجزائري على الاردن وما يتبع ذلك من مكاسب يجنيها الكيان الاسرائيليي الذي لطالما اعد لهذا البلد مشروع وطن بديل لشعب اقتلعته ( اقتلعه ) من ارضه.
فما هي المكاسب الاسرائيلية في الاردن, وما ستحمله قادم الايام لهذا البلد, في شعلة لم تحرق جسد الطيار الكساسبة فقط بهذه الصورة الوحشية, انما هي شعلة لحرق بلد قد حان فتح ملفاته بالتوازي مع مصر التي يبدو ان دورا ما مطلوب منها لا بد لدفعها عبر رسائل سيناء لفعله ..!!
في الجزء الثاني, ماذا يحضر للأردن؟؟