الوقت- بعد ان أخرج الحوثيون اليمن من بيت الطاعة السعودي عمدت الرياض مباشرة الى دعم كل من يعارض الحوثيين في هذا البلد لاحداث فوضى في اليمن وحشد التأييد الدولي للتدخل المباشر في هذ البلد وقد وصل الامر بأن يعلن السعوديون وحلفائهم الخليجيون ان الحوثيين يشكلون الآن خطرا على الأمن العالمي، وفي المقابل ظهرت حقائق في اليمن تؤكد ان الحوثيين هم الذين يحافظون على الأمن والاستقرار وان هناك تنظيم القاعدة الذي يحارب الحوثيين ويشكل خطرا على الأمن والاستقرار وذلك باعتراف دولي وغربي، فهل الخلاف بين الغرب وتحديدا امريكا وبين السعودية مرحلي أم انه بداية لمرحلة من تعارض وتداخل السياسات بين الرياض وواشنطن في المنطقة، أم انه ليس هناك تعارض من هذا النوع؟
تنظر السعودية دوما الى اليمن كحديقة خلفية لها وتملي السياسات على حكامه منذ عقود وقد عمدت السعودية الى افشال ثورة الشعب اليمني خلال السنوات الـ 4 الماضية عبر ما يسمى بمبادرة دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي، وللسعودية مآرب كثيرة في اليمن مثل الاستحواذ على مناطق يمنية غنية بالنفط وغيرها، وتستغل الرياض الحالة القبلية في اليمن من أجل شراء الذمم عبر صرف الاموال الطائلة والدعم التسليحي لقبائل يمنية لكن هناك نظرة امريكية الى اليمن تختلف عن النظرة السعودية الى هذا البلد حيث كانت امريكا تريد جعل اليمن احدى اكبر قواعدها في المنطقة بعد فشل المخطط الامريكي للبقاء في العراق وجعل العراق اكبر قاعدة امريكية بالمنطقة.
ورغم محاولات بعض الاطراف اتهام الحوثيين بالتنسيق مع الامريكيين في حرب الحوثيين مع القاعدة الا ان المعلومات التي افسح عنها الجانب الامريكي تؤكد بأن الامريكيين هم من يريدون التحدث مع الحوثيين وقد اوضحت امریکا قبل ایام أنها دعت جماعة الحوثيين في اليمن لمحادثات وأنها تنسق حالياً مع ممثلين للجماعة من أجل إنهاء الازمة والصراع في اليمن، وذكر جون كيربي المتحدث بإسم وزارة الدفاع الامريكية أن هذه المباحثات لا تتعلق بأي تبادل معلومات إستخباراتية عن تنظيم القاعدة في اليمن وتحركاته ونشاطه .
ولایخفى على احد بان الحوثيين يكنون العداء لامريكا والكيان الاسرائيلي وهذا واضح من خلال شعاراتهم الاساسيسة والرئيسية لكن التصريحات الامريكية الاخيرة حول الاتصال مع الحوثيين تبرهن ان امریکا اختارت السيئ بين السيء والأسوا لها في اليمن حيث تعتبر امريكا ان تنظيم القاعدة هو أسوأ خيار من بين باقي الخيارات وهذا على العكس من السعودية التي مستعدة للتحالف مع أية جهة وحتى القاعدة ضد الحوثيين من أجل اشعال حرب داخلية في اليمن.
ولیس الحوثیون من السذاجة بمكان يثقون فيه بالاتصالات التي تجريها امريكا معهم ان كانت هناك اتصالات من هذا النوع في الوقت الحالي حيث ان هناك من المحللين من يعتقد بأن تحرك الحوثيين نحو العاصمة صنعاء والسيطرة على زمام الامور في اليمن كان بهدف الحؤول دون تنفيذ المخططات السعودية والامريكية في آن معا في اليمن ولقطع اتصال السعودية مع تنظيم القاعدة من جهة ومنع امريكا من بناء قواعد عسكرية كبيرة في اليمن الا أن الفرق بين الامريكيين والسعوديين هو ان امريكا تريد التعامل مع الوضع القائم حاليا في اليمن فيما السعودية تريد قلب الطاولة واحداث الفوضى الشاملة في هذا البلد.
وهناك خطة امريكية غير معلنة ايضا في الآونة الأخيرة تقضي بتخفيف الغارات الجوية الامريكية التي تستهدف عناصر تنظيم القاعدة في اليمن بذريعة نقص المعلومات المخابرتية لكن من الواضح ان امريكا تريد ان يشعر اعضاء تنظيم القاعدة في اليمن ببعض الارتياح ويصعدون من عملياتهم ضد الحوثيين وهذا ما سيفيد الامريكيين في التعامل مع الحوثيين مستقبلا.
الخلاف السعودي الامريكي في اليمن اذا حصل فانه سيكون فقط حول اسلوب التعامل مع الحوثيين واعادة رسم الخارطة السياسية في اليمن من جديد حيث ان امريكا والغرب ليسوا مع الديمقراطية أو تحقيق مصالح الشعب اليمني وقد رأى الجميع كيف اتحدت امريكا وبريطانيا مع السعودية ازاء مطالب الشعب البحريني وشاركوا جميعهم في قمع الشعب البحريني.