الوقت- يعد ملف «تجنيد الأطفال» في النزاعات المسلحة قديم قدم ظاهرة العنف المجتمعي والحروب التي مرت على جميع حقب التاريخ البشري، إلا أن تقدم ادوات التحقيق والمتابعة الآن و توثيق هذه الصور من قبل الموجة الجديدة للإرهاب الفوضوي التي يقودها داعش الارهابي بامتياز أعاد فتح القضية بعد انتقال الظاهرة الى حيز المنظمات الحقوقية وعلى الأخص تلك التي تعنى بشأن الطفل.
ففي هذا السياق اتهمت منظمات حقوقية دولية عديدة، الجماعات المسلحة في سوريا باستخدام أطفال تصل أعمار أصغرهم إلى 14 عامًا في القتال بالمعارك مثل تنظيم داعش الارهابي الذي يجند الأطفال تحت غطاء تقديم التعليم لهم.
وبحسب تقرير تلك المنظمات، فان تلك الجماعات الإسلامية المتطرفة، ومنها تنظيم داعش الارهابي، جنّدت الأطفال من خلال حملات تعليمية شملت التدريب على الأسلحة، وكلفتهم بمهامَّ خطرة، منها عمليات تفجير انتحارية.
وکانت عدة منظمات حقوقية وعلى رأسها "منظمة هيومن رايتس وتش" قد وثقت تجارب عدة أطفال في سوريا والعراق تم تجنيدهم سابقًا للقتال في الحرب على سوريا. وقابلت هذه المنظمات أطفالًا قاتلوا في صفوف " الجيش " السوري الحرّ وفي الجبهة الإسلامية، وفي جماعات تکفيرية اخرى مثل داعش الارهابي وجبهة النصرة.
وتؤكد هذه المنظمات تزايد ظاهرة تجنيد الأطفال من قبل تنظيم داعش الارهابي مؤخرا وزجهم في معسكرات تدريب يطلق عليها دورات الأشبال، فيما يرى ناشطون أن الظاهرة بدأت في التزايد بعد تردي الحياة الاقتصادية وانتشار الجوع والفقر في المناطق التي يسيطر التنظيم عليها من جهة ومن جهة أخرى أن التجنيد يكون في بعض الأحيان دون علم الأولياء حيث يجري تجنيد الأطفال القاصرين من خلال الترغيب أو الترهيب في حالات الاختطاف.
اما الدور الذي يلعبه ولعبه الأطفال في تلك المعارك فيشمل كافة انواع القتال، حيث استخدموا بأدوار القناصة، الحراس في نقاط الأمن، التجسّس على القوات المعادية، معالجة الجرحى في ساحات المعارك، ونقل الذخائر وإمدادات أخرى إلى الجبهات أثناء استعار القتال. مروراٌ بالتدريب العسكري والتدريب على رمي الرصاص وصولاٌ الى عمليات انتحارية بعد الضحك عليهم واقناعهم بان الله اختارهم لنصرة "دينه "و... .... وبحسب شهادات بعض الأطفال فأنهم انضموا للجماعات المسلحة لأسباب عدة؛ حيث ذهب الكثيرون منهم للقتال مع أقاربهم وأصحابهم، في حين كان آخرون يعيشون في مناطق معارك لا توجد بها مدارس مفتوحة أو خيارات أخرى. وأوضح بعض المجندين الصغار السابقين أيضاٌ كيف أعطاهم قادة هذه التنظيمات مهامَّ مختلفة وخطرة وشجعوهم على التطوع للقيام بعمليات انتحارية.
لمحة عن معسكرات داعش:
ويرى كثير من المحللين أن تنظيم داعش الارهابي كان أكثر التنظيمات المسلحة استهدافًا للأطفال بالتجنيد.. حيث قام هذا التنظيم المتطرف في سوريا وخصوصاً في الرقة، بإنشاء المعسكرات للأطفال دون سن الـ16 عاماً، و " أشبال العزّ " هو اللقب الذي أطلقه على معسكرات التدريب والقتال الخاصة بالأطفال المجندين، وتتحدث تقارير تابعة لمؤسسات دولية عن انتساب المئات من الأطفال إلى هذا المعسكر الذي يقع في غرب الرقة، وتحديدا في مدينة الطبقة بسوريا التي تبعد 55 كم عن مدينة الرقة باتجاه الغرب و التي تقع تحت سيطرة «داعش الارهابي»، وتتراوح أعمار هؤلاء الأطفال بين الـ7 والـ14. وبعد أن يتخرج الأطفال في هذه المعسكرات، يتم تشكيلهم عسكريا من جديد لينخرطوا في مجموعات قتالية حيث يحوي في كل دفعة ما بين 250 و350 طفلاً، يقوم داعش بتجنيدهم وتدريبهم على استخدام السلاح والقنابل، وإعداد المفخخات والمتفجرات، إضافة إلى إعداد وتهيئة العديد من الأطفال الانتحاريين.أو جواسيس، بسبب قدرتهم على التنقل والتخفي ومعرفة الطرق على الأرض.
بالأضافة الى عشرات المعسكرات ألاخرى خاصة بتدريب الأطفال، كان آخرها ما كشفه تقرير لصحافي أميركي نُشر في «واشنطن بوست» عن معسكرات يقيمها «داعش الارهابي» ويصور أنشطته، يظهر فيها الأطفال الصغار وهم يطلقون النار على أهداف وهم يسيرون تحت راية سوداء، وهي راية التنظيم الارهابي ويُطلق عليهم «أشبال الزرقاوي»، كما أن الأخبار التي تواترت عن إنشاء لواء باسم «طيور الجنة»، وهو الاسم ذاته لمجموعة إنشادية إسلامية خاصة بالأطفال، في محاولة للمزايدة على شرعنة هذا الاستغلال السيئ للأطفال الأبرياء.
أبرز هذه المعسكرات:
1- معسكر الزرقاوي
2- معسكر أسامة بن لادن
3- معسكر الشرعي للأشبال خاص بالأطفال دون 16
4- معسكر الشركراك
5- معسكر الطلائع
وكما يتبين من أسماء هذه المعسكرات وتنوع أدوارها، فإن ظاهرة تجنيد الأطفال تحولت من عرض مؤقت من لوازم الحروب إلى ظاهرة مستدامة يتم الاعتماد عليها، في محاولة لربط الأجيال المتطرفة بمرجعياتها الروحية والفكرية.
التجنيد واستغلال العاطفة الدينية وتدهور الحالة التعليمية:
تعد عميلة استغلال العاطفة الدينية واحدة من أهم خطوات تجنيد المراهقين ممن هم دون العشرين.
حالة العاطفة الدينية المشبوبة لصغار السن، الذين عادة ما يكونون انخرطوا في تجربة تدين حديثة، مصحوبة بتضحوية شديدة، فكثير من هؤلاء الشباب العشريني يعاني في هذه المرحلة العمرية الحساسة من اضطراب سلم القيم، كما هو معروف في علم النفس الاجتماعي، إذ تتقدم قيم إظهار الذات وتحكيم العاطفة والتضحية، والإقدام على قيم أخرى، كالعقلانية والانسجام بالبيئة المحيطة.
وبحسب عدد كبير من اعترافات الشباب المغرر بهم ممن استطاعوا الخروج من مأزق التجنيد إما عبر الاعتقال أو الفرار، فإنهم يؤكدون على أن الشاب المتدين في العشرين من العمر يُعد صيدا ثمينا لجماعات التطرف بسبب استغلال حسن نيته واندفاعه، ورغبته الملحة في تغيير الأوضاع التي يعاني منها العالم الإسلامي وفق الرؤية الساذجة التي يقدمها له إعلام جماعات التطرف، من دون مراعاة للتعقيدات السياسية التي تحيط بتلك المناطق المتوترة.
ففي سوريا مثلا فإن أكثر من 1390 مدرسة دُمرّت في النزاع السوري منذ بدايات الحرب على سوريا، فضلا عن أن ما يقارب 5000 مدرسة أقفلت أبوابها، وخصص منها 700 لإيواء النازحين، ولذلك لم تتردد منظمة «يونيسيف» في تقريرها الصادم في أن تصدِّره بأن قطاع التعليم في سوريا تدهور بشكل سريع وكارثي، ورأت أنه «الأسوأ والأسرع في تاريخ المنطقة».
والكارثة أن معدل الأعمار في الأشخاص الذين لا تتوفر لهم أي فرص حقيقية للاستفادة من التعليم ومنشآته تزداد، وتشير التقارير إلى أن ما يزيد عن 52% من الأطفال بين عمر 6 و12 سنة لا يلتحقون بالتعليم الابتدائي، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية كبرى في السنوات المقبلة على مستوى الأميّة
القانون الدولي
يذكر أنه وبحسب القانون الدولي، فإن تجنيد واستخدام الأطفال دون 15 سنة للعمل بوصفهم جنود أمر محظور ويعتبر جريمة حرب من جانب المحكمة الجنائية الدولية.
فأین المجتمع الدولي من هذه الجريمة الموصوفة الكاملة المعالم؟؟ ..ام أن دماء الأطفال في دول الشرق الأوسط ستبقى كالنفط الذي يدفي الحكومات الغربية التي صدعت رأسنا بنفاقها وبكائها الذي يشبه بكاء التماسيح.