الوقت- أصدرت محكمة الاستئناف العليا البحرينية، الاثنين 30 مايو 2016، حكماً مشدداً بالسجن لمدة 9 سنوات ضد الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الاسلامية في البحرين الشيخ علي سلمان، في خطوة قد تفاقم حالة التوتر السياسي والشعبي في المملكة.
وكان القضاء البحريني قد أصدر في حزيران 2015 حكماً بسجن سلمان أربعة أعوام، لإدانته بتهم التحريض علانية على بغض طائفة من الناس، بما من شأنه اضطراب السلم العام والتحريض علانية على عدم الانقياد للقوانين وتحسين أمور تشكل جرائم، و إهانة هيئة نظامية هي وزارة الداخلية.
ونقل بيان رسمي صدر أمس عن المحامي العام "هارون الزياني" قوله إن المحكمة العليا الاستئنافية الأولى أصدرت أمس حكمها في القضية المتهم فيها الأمين العام لإحدى الجمعيات السياسية.
وقال البيان إن الشيخ سلمان متهمٌ بارتكاب "جرائم الترويج لتغيير النظام السياسي بالقوة والتهديد، وبوسائل غير مشروعة، والتحريض علانية على بغض طائفة من الناس من شأنه اضطراب السلم العام، والتحريض على عدم الانقياد للقوانين وتحسين أمور تشكل جرائم، وأهان علانية هيئة نظامية بأن وصف منتسبيها علناً بالمرتزقة".
وقضت محكمة الاستئناف "بمعاقبته بالسجن سبع سنوات عن التهم الأولى والثانية والثالثة"، وتأييد حكم السجن عامين عن التهمة الرابعة.
وعلى الفور، اعتبرت جمعية الوفاق الحكم المشدد بحق أمينها العام مرفوضا واستفزازيا، و أكدت الجمعية أن الحكم هو "سياسي صارخ يعمّق الأزمة الدستورية والسياسية في البحرين". ورأت فيه توجهاً من قبل السلطات لـ "رفض المصالحة الوطنية وإدارة الظهر لكل النداءات الدولية الصادقة التي تدعو لمعالجة الأزمة السياسية".
ورأت قوى سياسية معارضة، بينها "جمعية العمل الوطني الديموقراطي" و "الوفاق" في بيان مشترك، أن الحكم "سوف يزيد من توتير الوضع الأمني والسياسي في البحرين، ويضاعف الاحتقان المأزوم أصلا".
وبحسب موقع "جمعية الوفاق الوطني الاسلامية"، فقد أضافت قوى المعارضة أن مضاعفة الحكم على أمين عام الوفاق بالحبس من 4 سنوات التي حكمت به المحكمة الابتدائية إلى 9 سنوات الصادر عن محكمة الاستئناف، يأتي في سياق مواجهة الحراك السلمي الذي يتمسك به سلمان والقوى الوطنية الديمقراطية المعارضة، ويزيد من تدهور الاوضاع في البحرين التي هي بحاجة لاستقرار سياسي يؤسسه انتظام حوار جدي يخرج بلادنا من عنق الزجاجة ويتمخض عنه نتائج تنعكس ايجابا على كل مكونات الشعب البحريني.
وشددت على ان استمرار هذه السياسة لن يوصل البلاد إلى بر الأمان بل سيزيد من تعقيد الأزمة ويضاعف من الام شعبنا وسيقود إلى تناسل الكثير من الأزمات والاحتقانات التي من شأنها تعطيل عملية التنمية المستدامة.
وأكدت قوى المعارضة على ضرورة مغادرة الحلول الأمنية التي دفعت بلادنا ولا تزال تدفع ثمن الامعان في انتهاجها والسير فيها، والبدء في الحل السياسي والانفراج الامني بإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية الازمة السياسية الدستورية، لافتة الى ان نهج السلطة الحالي لن يقود الى مخارج ولا الى استتباب الأمن بل سيعقد المشهد السياسي، خصوصا في ظل الازمات التي تعاني منها دول الاقليم التي تعيش احتراب واقتتال داخلي وتدخلات خارجية، مؤكدة على تمسكها بحراكها السلمي الحضاري ورافضة جر الساحة المحلية الى مستنقع العنف.
وطالبت قوى المعارضة، السلطة في البحرين بالتخلي عن النهج الامني الذي يصادر حرية الرأي والتعبير ويتناقض مع روح ميثاق العمل الوطني وكل المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان وبالحريات العامة.
من جهته قال مركز البحرين الشبابي التابع لجمعية الوفاق إن تغليظ الحكم على الشيخ علي سلمان لتصل إلى 9 سنوات هي محاولة يائسة لتغييب رؤاه النيرة وفكره الوطني ونهجه السلمي.
وأضاف بأنه لا يمكن اعتبار الأمين العام لجمعية الوفاق إلا سجين رأي وضمير، وأن سجنه لن يزيدنا إلا تمسكاً بمبادئه، ولم يزدنا الا يقينا بأحقية مطالب شعبنا، والتشبث بالسير نحو تحقيق العيش الكريم و الحياة العادلة الضامنة لمستقبل الأجيال.
هذا وقالت هيئة الدفاع عن الأمين العام لجمعية الوفاق إن الشيخ "علي سلمان" استقبل حكم محكمة الإستئناف "مبتسما ساكن النفس مستبشراً".. مشيرة إلى أن المحاكمة بدأت سياسية وهي تحاكم الشيخ سلمان على ممارسته لحرية التعبير وحقه في العمل السياسي.
وأوضحت في مؤتمر صحفي عقدته الاثنين بمقر جمعية الوفاق، أن المحاكمة لم تتوفر فيها أصول المحاكمة العادلة، لأن دليل الاتهام هو دليل البراءة، وأن نجنح لقلب المعاني الواضحة إلى عكسها فإن هناك الكثير من الخطأ.
وأضافت: إصرار الشيخ علي سلمان على السلمية في كل كلماته وبوضوح لا يحتاج لتفسير قاضي ولا تأويل.. من أين جيئ بهذه الإدانة بأنه قام "بالتحريض على العنف بوسائل غير مشروعة"؟!
واعتبرت منظمة "سلام" للديمقراطية وحقوق الإنسان، أن الحكم الصادر بتشديد عقوبة الأمين العام لجمعية الوفاق البحرینية المعارضة الشيخ "علي سلمان"، يعبر عن حقيقة استخدام القضاء كأداة للقمع والاضطهاد السياسي، مطالبة بالإفراج الفوري عنه وجميع المعتقلين السياسيين البالغ عددهم 4000 معتقل في البحرين.
وبحسب "المنامة بوست" فقد قالت المنظمة في بيان إنّها تابعت مجريات محاكمة أمين عام جمعيّة الوفاق، مؤكدة ما ذهبت له منظمات دولية من أن اعتقاله كان تعسفيا، وأن التهم المنسوبة إليه كيدية، وأن القضاء مسيس، والحكم الصادر يوم الإثنين 30 مايو/ أيّار 2016 الذي شدد عقوبته، يعبر عن حقيقة استخدام القضاء كأداة للقمع والاضطهاد السياسي.
المنظمة أوضحت في بيانها أن الشيخ "سلمان" قائد سياسي وطني معروف بخطابه المعتدل، والتزامه العميق بالتغيير السياسي الإصلاحي السلمي، وتمسكه بالعمل الوطني المطالب بتحقيق المواطنة المتساوية وحكم القانون، الذي يضمن حقوق أبناء البحرين، ومشاركتهم في العملية السياسية ديمقراطيا.
وطالبت المنظمة بالإفراج الفوري عن الشيخ سلمان وجميع المعتقلين السياسيين الذين ناهز عددهم الـ 4000 معتقل، وإجراء العدالة على منتهكي حقوق الإنسان، والمحرضين على الكراهية، مشددة على ضرورة فتح أفق لحوار جاد مع المعارضة يُخرج البحرين من أزمتها على قاعدة حق الشعوب في تقرير مصيرها.
وحثت المجتمع الدولي سيما الأمم المتحدة على اتخاذ موقف جاد من استخدام اسم القانون للقمع وتقنين الاضطهاد السياسي في البحرين، واتخاذ إجراءات حازمة لإلزام السلطات في البحرين بالتقيد بالقانون الدولي بما يحفظ حقوق البحرينيين، ويوقف الانتهاكات الصارخة المستمرة ضده من قبل السلطات.
دولياً
وصفت منظمة العفو الدولية في بيان الحكم بأنه "ذو دوافع سياسية واضحة". كما اعتبرت "هيومن رايتس فيرست" أن الحكم المشدد يمثل "خطوة خطرة" من قبل السلطات، ويهدد "بزيادة عدم الاستقرار".
هذا و قد شهدت مناطق واسعة في البحرين، الاثنين، تظاهرات غاضبة بعد ساعات من إصدار محكمة الاستئناف العليا حكما بتشديد عقوبة أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان للسجن 9 سنوات.
وبحسب "مرأة البحرين"، فقد تظاهر المئات في العاصمة المنامة ومناطق متفرقة رغم الحظر الذي تفرضه السلطات على التظاهر، فيما أحرق غاضبون علم بريطانيا التي يزور وزير خارجيتها فيلب هاموند المنامة.
وتدعم بريطانيا عائلة آل خليفة الحاكمة، في وجه مطالبات المعارضة التي تسعى لوضع حد لاستحواذها على السلطة، وقال هاموند عقب لقائه الملك، الاثنين، إنه يرحب بالتزامه باستمرار الإصلاح.
في سار غرب العاصمة المنامة رفع محتجون غاضبون شعارات منددة بالسياسات البريطانية وأحرقوا العلم البريطاني.
وخرجت تظاهرات في المنامة والبلاد القديم (مسقط رأس أمين عام الوفاق) وبلدات واسعة، رفع المتظاهرون فيها صورا لأمين عام الجمعية المعارضة ورددوا شعارات تطالب بالإفراج الفوري عنه.
وأكد المتظاهرون تمسكهم بالمطالب التي أعلنتها الثورة الشعبية التي انطلقت مطلع العام 2011.
وأطلقت قوات النظام الغاز المسيل للدموع على تظاهرات في المعامير جنوب شرق العاصمة المنامة، فيما قام محتجون بقطع شوارع رئيسية.وكتب وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند على "تويتر" أثناء قيامه بجولة في الخليج أنه "طرح" قضية الشيخ سلمان مع سلطات البحرين، مؤكداً أنه ستكون هناك "مرحلة جديدة في العملية القضائية" متعهداً بـ"متابعة القضية عن كثب".