الوقت - هل حققت السعودية نصراً ام هزيمة؟ هو السؤال الذي يطرح بعد اعلان جزيرة مالديف مقاطعة ايران دبلوماسياً، فقد سبق ذلك ان اعلنت جيبوتي ايضاً قطع علاقتها الدبلوماسية مع ايران وكذلك فعلت البحرين، وقد سبق خطوة جزيرة المالديف بشهر تقريباً حديث لرئيسها عبدالله يمين مع السفير الايراني لمنطقة جنوب المحيط الهادي اثناء استقباله اياه، عبّر فيه عن رغبة بلاده ان تتوطد العلاقات بين المالديف وايران، وأمله ببدء استيراد بلاده للنفط الايراني.
عدد سكان المالديف يبلغ 340 الف نسمة، وتتلقى الجزيرة مساعدات مالية من الدول الخليجية وبالخصوص السعودية، آخر هذه المساعدات التي كانت مقررة هي عبارة عن 50 مليون دولار كانت السعودية منذ نحو شهرين قد تعهدت بمنحها، هذا وهناك توجه لدى حكومة جزيرة المالديف للطلب من الجانب السعودي بمنح الجزيرة مبلغاً يقدر ب100 مليون دولار اضافية علاوة على ال50 المقررة لتخصيصها في مشاريع انمائية.
قرار جزيرة المالديف ومن قبلها البحرين وجيبوتي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع ايران، سبقه الخطوة السعودية في 3 يناير 2016 بقطع العلاقات الدبلوماسية وسحب اعضاء سفارتها في ايران، وفي سياق الإجابة عن السؤال المطروح سنعرض مجموعة من النقاط التالية:
اولاً: كل التأثير المالي السعودي في المنطقة سواء من خلال المنح التي تهبها لبعض الجزائر كمالديف او روابطها الاقتصادية مع الدول باعتبارها إحدى اهم الدول المصدرة للنفط في العالم، لم يفلح هذا التأثير الا بالضغط على جزر كالمالديف والتي يبلغ عدد سكانها ال340 الف نسمة، كما البحرين وجيبوتي، فلا نرى هذا التأثير على دول عربية كمصر وتونس مثلاً. فماذا يعني هذا؟
وقائع الامور تشير الى ان دول العالم والمنطقة اصبحوا يدركون جيداً الدور الايراني المحوري والمركزي من بين الدول، فالدبلوماسية الايرانية من جهة والتركيبة السياسية فيها والقائمة على اسس الديمقراطية وارادة الشعوب، اكسبت دول العالم الكبرى الاوروبية منها والغربية والعربية الثقة في التعامل معها، والرغبة في التعاون بالذهاب نحو معالجة القضايا العالقة في المنطقة، وعليه فلا مكان لإدعاءات الجانب السعودي في عقلية حكومات الدول.
ثانياً: اللجوء الى وسيلة الضغط المالية على حكومات الجزر يعني بامتياز فقدان منطق الإقناع، فإذا كان الجانب السعودي فعلاً يعتقد بخطر ايران، ويمتلك الأدلة والوثائق المقنعة التي بإمكانها اثبات هذه القناعة، فلا شك انه بغنى عن اللجوء للضغط من بوابة المنح المادية التي يعطيها، ولاستطاعت السعودية اقناع العالم بخطر ايران، ولوجدنا دول العالم وحكوماتهم تتسارع فيما بينها للإعلان عن قطع علاقاتها مع ايران، فما نراه مخالف لذلك سوى من الدول الجزيرية.
ثالثاً: يمكن ملاحظة الآلية التي تطرح فيها السعودية نفسها امام العالم ومقايستها مع الآلية الايرانية، فهي ومع اقرب المقربين منها وهي امريكا، وفي سياق الضغط على اوباما وحكومته لإقناعه بعدم الذهاب في مجلس النواب الامريكي وطرح مشروع القانون الذي يتيح لضحايا احداث 11 سبتمبر مقاضاة السعودية والمطالبة بتعويضات مالية- بعد الكشف عن وثائق تثبت تورط الأخيرة بهذه الأحداث-، وللضغط لجأت الى التهديد بسحب ودائعها المالية لدى امريكا، اذن المنطق المستخدم هو منطق المال.
في المقابل نرى الجانب الايراني ودعوته المتكررة للحوار والعمل السياسي لحل كافة القضايا العالقة، هذا المنطق والعقلية الدبلوماسية التي يتمتع بها الجانب الايراني اثمر عن الاتفاق بين الدول الست الكبرى حول الملف النووي على سبيل المثال لا الحصر.
هذا ويلاحظ المراقبون التوجه السعودي الاخير في انشاء علاقات مع الكيان الاسرائيلي بشكلها العلني، وهو الكيان المختلق الذي زرع في المنطقة ليحتل فلسطين ويطرد اهلها منها، ويثير القلاقل، وشواهد ذلك ليست خافية على احد وادلتها غنية عن الذكر، اما مع ايران التي لا يوجد دليل عليها يدينها سوى الحديث والتصريح الاعلامي بحقها، فنرى ان التوجه لمقاطعتها هو المنطق.