الوقت- يبدو أنه و رغم كل ما قامت وتقوم به السعودية وحلفائها من أجل الضغط على حزب الله في الداخل اللبناني باء بالفلشل وذهبت مفاعيله أدراج الرياح بعد الانتخابات البلدية الأخيرة التي جرت في الثامن من أيار مايو الجاري، بل وأكثر من ذلك يبدو أن السحر قد انقلب على الساحر ففي المقلب الآخر ورغم الرافعة التي يشكلها المال السعودي لتيار المستقبل، ودخول "سعد الحريري" على رأس الحملة الانتخابية لتيار المستقبل في مدينة بيروت إلا أن النتائج لم تأت مرضية وتشير إلى ضعف في شعبية الأخير وحيثيته الشعبية التي كان يتمتع بها خلال السنوات الماضية.
هذا وقد وصف بعض المحللين اللبنانيين فوز "الحريري" بانتخابات مدينة بيروت على أنه فوز خجول بطعم الهزيمة، حيث تميزت النتائج النهائية بأمرين الأول هو نسبة المشاركة المتدنية جدا حيث بلغت حدود الـ20 بالمئة إضافة إلى أن اللائحة التي تشكلت في وجه الحريري والأحزاب الحليفة معه قد تمكنت من حصد رقم يجب الوقوف عنده مطولا.
وأما بالنسبة إلى نسبة الاقتراع التي بلغت 20.14 بالمئة في مدينة بيروت فيؤكد محللون أنها مؤشر خطير إلى تدني شعبية الأحزاب البيروتية وعلى رأسها تيار المستقبل، وعدم إهتمام الناس والشرائح الشعبية بالحملة الانتخابية الكبيرة التي كان على رأسها الحريري. حيث أن الأخير خاض الانتخابات البلدية وكأنها معركة كسر عضم بعد أن كان في السنوات الماضية يكتفي بما يقوم به تياره من نشاطات إعلامية وانتخابية.
أما المؤشر الآخر والذي يعتبر ناقوس الخطر الأكبر بالنسبة للحريري فهو مجموع الأصوات التي تمكنت اللائحة المنافسة "بيروت مدينتي" من تحقيقه، حيث تشير الأرقام إلى أن الفائز الأول في الانتخابات على لائحة الحريري نال ما مجموعه 45874 صوتا فيما نال الأول على لائحة "بيروت مدينتي" 31933 صوت. مما يؤكد أن اللائحة المنافسة والتي تشكلت من شباب وشخصيات بيروتية مدنية تُمثل شريحة كبيرة من أهالي المدينة.
أما في المقلب الآخر فقد تمكن حزب الله الذي لم يتحالف مع الحريري في مدينة بيروت والقرى البقاعية المشتركة من حصد نتيجة أفضل من الأعوام السابقة. حيث خاض الانتخابات البلدية تحت شعار التنمية والوفاء. ولا يكفي هنا الاشارة إلى نجاح الحزب في حصد كافة القرى والمدن التي خاض انتخاباتها بل الأهم من ذلك نسبة المشاركة العالية جدا في مناطقه، حيث بلغت نسبة المشاركة حدود 50 بالمئة في محافظة البقاع وتخطت 60 بالمئة في قضاء بعلبك الذي يعتبر معقل أساسي للحزب.
ومن جهة أخرى تمكن الحزب من خوض انتخابات ذات طابع سياسي في مدينتي بعلبك وبلدة بريتال، وتمكن من الفوز في كامل أعضاء البلديتين مؤكدا الصبغة الحزب اللهية الأكيدة لهتين المدينيتن.
وفي هذا السياق يؤكد "عبدو سعد" مدير مركز بيروت للأبحاث والمعلومات أن تيار المستقبل ورغم الائتلاف العريض الذي شكله في بيروت والذي يضم كل التيارات السياسية (باستثناء حزب الله) قد حقق فوزا ضعيفا أمام اللائحة المنافسة المتشكلة من نشطاء في المجتمع المدني.
ومقايسة مع ما حققه تياره عام 2010 في نفس الانتخابات فان الأرقام تؤكد تضاؤول شعبية الحريري بيروتيا، فنسبة الاقتراع الضعيفة إضافة إلى الفاصلة الغير كبيرة حسب العادة بين الفائزين والخاسرين تؤكد أن وضعية الحريري البيروتية لا تبعث على التفاؤول ولذلك كان واضحا أن التيار لم يكن سعيدا بالنتائج التي حققها.
ويؤكد "عبدو سعد" أن تيار المستقبل ورغم التحالفات القوية التي حاول نسجها في البقاع الشمالي، لم يتمكن من استعادة مكانته السابقة، وبالتأكيد هو أضعف من السابق على المستوى البلدي في قرى البقاع المتواجد فيها.
هذا يؤكد مراقبون للانتخابات أنه لو ارتفعت نسبة الاقتراع في بيروت لكانت الهزيمة ستكون من نصيب آل الحريري والسبب أن كل من فضل عدم الادلاء برأيه إنما ناقم على سياسة البلدية السابقة وغير راض عن أداء تيار المستقبل سياسيا وانمائيا.
وفي مقابل ذلك يؤكد سعد أن حزب الله قد تمكن من تشكيل لوائح قوية مع العائلات في كل مناطق البقاع، وكانت سياسة الحزب هي التوفيق بين آراء العوائل المتواجدة في كل بلدة، وهي استراتيجية أثبتت نجاعتها في الانتخابات البلدية. مضيفا أن الانتخابات التي حصلت تشكل حجر الأساس للانتخابات النيابية.