الوقت- منذ بدء الألفية الجديدة وحتى الان لم يستطع اي حزب في تركيا ان يكون منافسا قانونيا قويا لحزب العدالة والتنمية رغم قول كافة الاحزاب المعارضة لحزب العدالة والتنمية للناخبين الاتراك بأن هذا الحزب يشكل خطرا على الديمقراطية والحرية، وتركز كافة احزاب المعارضة في تركيا على شخص اردوغان وتصوره عدوا اول للحرية والمجتمع المدني لكننا نرى ان ذلك لم يشكل خطرا وتحديا امام حزب العدالة والتنمية و اردوغان.
ان الانتخابات التي جرت في السابع من يونيو 2015 شكلت أملا بحصر سلطة حزب العدالة والتنمية الممتدة منذ عام 2002 و اصبحت هناك امكانية لمنع حزب العدالة والتنمية من تشكيل الحكومة بمفرده لكن الانتخابات المبكرة التي جرت بعد ذلك في الاول من نوفمبر 2015 غيرت كل المعادلات واصبح هذا الحزب مرة اخرى صاحب السلطة المطلقة بعد ان منيت احزاب المعارضة بهزيمة كبيرة في تلك الانتخابات.
واذا اردنا ان نذكر اسباب عدم قدرة احزاب المعارضة على منافسة حزب العدالة والتنمية فيمكننا ان نشير الى سبيين رئيسيين، هما:
اولا- ان كافة الاحزاب المعارضة لحزب العدالة والتنمية لم يقدروا حتى الان تقديم مشروع لتعبئة شرائح الشعب التركي والحقيقة هي ان الاحزاب المعارضة الثلاثة الرئيسية تركز جهودها على النخب وان الحزب الوحيد الذي لديه برنامج خاص و مكتوب يخص شرائح الشعب هو حزب العدالة والتنمية وان البرامج التي تعرض في مواجهة اردوغان وحزبه اثناء الحملات الانتخابية لاتستطيع ايجاد موجة اجتماعية وسياسية وهي موجهة في الاساس الى بعض الفئات المحدودة.
ثانيا- ان الشيء الآخر الذي يسبب فشل الاحزاب المعارضة لحكومة اردوغان الممتدة منذ 15 عاما هو عدم قدرة هذه الاحزاب على تشكيل جبهة موحدة فالخلافات الحزبية والتاريخية بين هذه الاحزاب المعارضة هي كبيرة الى درجة يعتبر كل واحد من هذه الاحزاب ان التقارب مع الحزب الآخر هو انتحار سياسي، فعلى سبيل المثال اذا حصل تقارب وتحالف بين حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي تهاجم الماكينة الاعلامية لحزب العدالة والتنيمة هذين الحزبين وتنعت هذا التحالف والتقارب بتحالف الارهاب ولذلك تخسر هذه الاحزاب الكثير من مؤيديها.
ان العاملين اللذين ذكرناهما يمنحان حزب العدالة والتنمية قوة كبيرة وقد عمد هذا الحزب خلال السنوات الاخيرة الى تنفيذ برنامج شامل لكسب اصوات الحاضنات الشعبية للاحزاب المعارضة الثلاثة، ففي البداية قام حزب العدالة والتنمية بتنفيذ خطة دقيقة وطرح موضوع السلام مع الاكراد من اجل الحصول على اصوات الناخبين في المناطق الشرقية في تركيا ومن ثم طرح موضوع محاربة الارهاب والشعارت القومية لجذب اصوات القوميين الاتراك المؤيدين للحركة الوطنية والان نجد ان حزب العدالة والتنمية يستخدم 3 اقنعة هي قناع الدفاع عن الاسلام وقناع الدفاع عن حقوق الاكراد وقناع الدفاع عن القومية التركية وذلك ضمن مشروع محكم لحفظ مكانته السياسية، ونظرا الى الاوضاع الراهنة لايمكن التكهن بزعزعة هيمنة حزب العدالة والتنمية على المدى المنظور فعدم وجود تحالف بين احزاب المعارضة وعدم وجود برامج لديهم لجذب اصوات شرائح الشعب التركي حول حزب العدالة والتنمية الى جهة مسيطرة بالكامل على الحياة السياسية في تركيا.
ونظرا الى وجود خلافات داخلية في حزب العدالة والتنمية والتي ادت الى استقالة "احمد داود اوغلو" من رئاسة هذا الحزب يبدو ان الامر الوحيد الذي يمكن ان ينهي هيمنة هذا الحزب على تركيا هو حصول شرخ داخلي في صفوفه فالاوضاع الحالية تعتبر مؤاتية لقيام الرئيس التركي السابق "عبدالله غول" و"احمد داود اوغلو" لإنشاء حزب جديد منشق عن حزب العدالة والتنمية.