الوقت- اجرى الملك سلمان خلال الساعات القليلة الماضية سلسلة من التعديلات الوزارية واسعة النطاق شملت عدداً من المناصب والاجهزة والمؤسسات في نظام حكمه، وفي سياق عرض هذه التعديلات تجدر الإشارة الى ان اجراءات كبيرة من هذا النوع لا نرى فيها اي اشراك للشعب السعودي الذي يقوم نظامه بالتدخل في شؤون البلدان تحت حجة الشرعية والديمقراطية. وفي الحديث عن اهم هذه التعديلات نذكر تلك التي تمثلت بإعفاء النعيمي وزير البترول وتعين الفالح رئيس مجلس ادارة ارامكو مكانه بعد تغير اسم الوزارة من البترول الى الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، في المقابل جرى تعيين النعيمي مستشاراً في الديوان الملكي برتبة وزير.
التعديلات ايضاً طالت البنك المركزي حيث تم تعيين أحمد الخليفي محافظا لمؤسسة النقد العربي السعودي خلفاً لفهد مبارك، والخليفي شغل من قبل منصب وكيل المحافظ للأبحاث والشؤون الدولية كما وشغل منصب المدير التنفيذي لمكتب النظام لدى صندوق النقد الدولي في واشنطن. ووفق هذا التعديل سيتم تأسيس صندوق سيادي ضخم عبر زيادة رأسمال صندوق الاستثمار العام إلى سبعة تريليونات ريال من 600 مليار ريال، وبالتالي لن يضطلع البنك المركزي في الفترة المقبلة بدور صندوق الثروة السيادي. كما شملت التعديلات إلغاء وزارة المياه والكهرباء، وتم إضافة المياه لوزارة جديدة هي وزارة البيئة والمياه والزراعة، بينما نقلت الكهرباء لوزارة الطاقة.
كما وجرى تغيير اسم وزارة التجارة والصناعة ليصبح وزارة التجارة والاستثمار وجرى تعيين ماجد بن عبد الله القصبي وزيرا للتجارة والاستثمار. هذا وجرى تعيين توفيق الربيعة وزير التجارة الأسبق وزيرا للصحة، وعيين سليمان الحمدان وزيرا للنقل، وتم ربط الهيئة العامة للطيران المدني بوزارة النقل. ودمجت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ضمن وزارة واحدة بإسم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية. وتم إنشاء هيئة عامة للثقافة وهيئة عامة للترفيه تختص بكل ما يتعلق بأنشطة الترفيه. وعين ياسر الرميان المستشار بالديوان الملكي ومحمد الجاسر المحافظ الأسبق للمركزي السعودي مستشارين برئاسة مجلس الوزراء. فما هي الاسباب التي تقف خلف هذه التعديلات.
أولاً: لعل التعديل الأهم هو المتمثل بإعفاء النعيمي، الجدير ذكره ان النعيمي هو من طلب اعفاءه من منصبه في 17 نيسان الماضي، طلب الإعفاء هذا جاء بحسب وصف المقربين منه بعد تعرضه للإهانة اثناء حضوره مؤتمر الدوحة النفطي الذي جمع وزراء نفط من دول عديدة، الى جانب وزراء دول غير عضو في منظمة اوبك مثل روسيا والمكسيك. وبحسب المصادر فإن النعيمي شعر بحرج شديد امام زملائه الوزراء عندما جاء اتصال هاتفي من محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، قبل توقيع الاتفاق الذي جرى التوصل اليه بتجميد اسعار النفط بدقائق معدودة، وطالبه بالانسحاب والوفد المرافق له من المؤتمر والعودة فورا الى الرياض، فيما كان النعيمي من مؤيدي الإتفاق، كما وكان من معارضي بيع اي حصص من شركة ارامكو التي تولى رئاستها التنفيذية لسنوات قبل ان يستلمها ابن سلمان نفسه، وبالتالي فهناك خلافات كبيرة وواضحة حول رؤية ادارة البلاد اقتصادياً.
ثانياً: هذه التعديلات كما كل التعديلات التي سبقتها منذ تولي سلمان الحكم وابنه قائمة على سياسة وضع تركيبة في ادارة السعودية تكون منسجمة ومتناغمة مع عقليّة سلمان وابنه، وبالتالي تضمن ان لا يرشَح خلافات بينها وسلمان الابن مستقبلاً، وعليه يُعمل على اعفاء وعزل كل من لا يتناغم مع هذه العقلية تحت عناوين التطوير والتحديث في الوزارات. كما لا يمكن اغفال الضغوطات والتخوفات التي يستشعرها سلمان من عدم الرضى الشعبي نتيجة الإخفاقات المتتالية في ادارة البلاد على كافة الصعد وبالخصوص الجانب الإقتصادي منها، وبالتالي برزت الحاجة لدى سلمان لإحداث هكذا تغييرات للإيحاء بأن نظام حكمه يتطلع الى تطوير البلاد وتنميتها، وفي النظر الى سياق ما يسمي بالأمر الملكي نجد التركيز على عبارات خطة التنمية التي يسير بها سلمان للعام 2030 والتي تطمح لجعل السعودية لا تعتمد على النفط بشكل كامل ورئيسي.