الوقت- تعزز الحديث اعلامياً في الآونة الآخيرة اكثر من اي وقت مضى حول ارسال قوى خاصة عسكرية لدول تمثّل ثقلاً على الساحة السوريّة، وهو بطبيعة الحال يعكس اهميّة المعركة هناك، فقد بات معلوماً ان الأحداث على الأراضي السوريّة ليست كما اريد لها ان توحي بأنها ثورة شعب على دولته، بل واقع الأمر مؤامرة عالميّة ضد محور شعبي تُشكّل فيه سوريا جزءاً اساسياً فيه، ولهذا فالقوى الموجودة على الساحة السوريّة هي بين القوى المتآمرة والقوى الشعبيّة وأخرى تلعب وفق مصالح خاصة وقوى تقوم بدور الآداة بيد الغرب، ومنه فإن كل طرف يسعى ليقود الأمور لصالحه، ولأن خمس سنوات على بداية الواقع السوري لم تفلح في احراز تقدم لأي طرف على الآخر فإن خيار هذه القوى يذهب تدريجياً على ما يبدو نحو تعزيز القوى الخاصة لديها هناك لتدخل في دوامة اللامحدود، فهل ستؤدي هذه الدوامة لحرب مباشرة بين هذه القوى بعد ان كانت بالوكالة او الذهاب الى نقطة بداية الحل والخروج من المأزق؟
قوى خاصة جديدة تدخل الاراضي السورية
تحدث مسؤولون امريكيون عن ان الإدارة الأمريكية تدرس خطة لزيادة عدد القوات الخاصة الامريكيّة التي ارسلت الى سوريا بشكل اكبر بكثير مما كانت عليه، ومع غياب التقديرات الدقيقة لهذه الزيادة فقد تحدثت معلومات عن ان الزيادة قد تصل الى خُمس اضعاف عن ما هي عليه الآن، تجدر الإشارة الى ان عدد الجنود الأمريكيين المتواجدون حالياً على الأراضي السوريّة يُقدر ب 50 جندياً. يشار الى ان قائد الفرقة العسكريّة الروسيّة في سوريا الجنرال "الكسندر دفورنيكوف" تحدث مؤخراً أن موسكو لديها وحدة قوات خاصة في سوريا تقوم بأعمال الإستطلاع و مهام خاصة أخرى.
من جانب اخر، فقد تحدثت مصادر كرديّة من وحدة حماية الشعب بأن اكثر من 100 عنصر للقوات التركيّة الخاصة قد دخلت مؤخراً الى سوريا عبر نقطة التفتيش "باب الهوا" في محافظة ادلب. كما وكانت مصادر بريطانية قد تحدّثت عن تفاصيل لإجتماع ضم "عبدالله الثاني" حاكم الاردن وقيادات من الكونجرس الأمريكي واخرى اسرائيليّة، وقد نتج عن الإجتماعات ان تم تشكيل قوات خاصة دخلت سوريا عن طريق الاردن للسيطرة على مواقع مهمة على الحدود مع العراق. وكان "عبدالله الثاني" تحدث في وقت سابق عن ان الاردن يدير فرقتين عسكريّتين داخل الأراضي السورية، واحدة منهما تتکون من مقاتلین من أبناء القبائل فی جنوب سوریا وهي فرقة تتلقى الدعم من بریطانیا، يشار وفق المصادر البريطانيّة ان رئیس الموساد التقى الملک الأردنی فی إطار التنسیق حول التدخل الروسی فی سوریا مشیراً أن هناک تعاوناً إسرائیلیّاً واسعاً وان طائرات من البلدین نفّذت مناورات مشترکة في أمریکا.
ماذا تريد القوى الخاصة من سوريا؟
الجميع في سوريا يبحث عن كيفيّة الحفاظ على مصالحه او تعزيزها بوجه المحور الشعبي، فأمريكا ترى في محور المقاومة والممانعة الذي اشتدّ عوده اكثر مع احتلالها العراق، الخطر الأكبر على مصالحها، هذا المحور والذي يمتد من العراق فسوريا ولبنان الى اليمن والذي صار يشكل اليوم النواة لتعميم انموذج حكم وإرادة الشعب، هو ما تتلمّسه امريكا من خطر، وهو ما يفسّر الكثير من تحركاتها في المنطقة، لأن إرادة الشعب من شأنها ان تضرب كل المطامع الأمريكيّة ومخططاتها التدميريّة.
في المقلب الآخر ترى روسيا في الأحداث الجارية على الأراضي السوريّة والمخططات الهادفة الى دعم خيار الجماعات الإرهابية منطلقاً لتهديد مصالحها وموقعها الاخير في منطقة الشرق الأوسط، فلروسيا مصالح اقتصاديّة وعسكريّة كبيرة مع الجانب السوري وخصوصاً القاعدة العسكريّة التابعة للبحريّة الروسيّة في مدينة طرطوس، والموجودة هناك منذ فترة الإتحاد السوفيتي، ولذلك فهي تعمل على تعزيز هذا الموقع لتتلاقى توجهاتها مع توجهات وتطلعات الشعب السوري بوجه الفكر الإرهابي.
هذا وهناك دول اخرى لديها مصالح خاصة كتركيا والتي تبحث عن فضاء جديد ممتد من تركيا الى الوطن العربي كاملاً، وتبحث عن دور تعوض به النقص الذي يعتريها، فلم تجد غير حالة الفوضى التي تعم العالم العربي، وجارتها سوريا، وهي تريد بذلك ايضاً البحث عن ستار يودي بها لتعزيز خيار الإنضمام الى الإتحاد الاوروبي والذي جاء ملف اللاجئين فيه كخيار داعم، الى تعزيز واقع يسمح لها بفرض منطقة عازلة وضرب المشروع الكردي واسقاطه كورقة قد يستفاد منها مستقبلاً ضدها.
القوى الخاصة الى اين؟
الوقائع المترافقة مع تعزيز القوى الخاصة للدول المتصارعة في سوريا يرافقه جو من التنسيق والتعاون من خلف الستار، وهو ما يقود الى خلاصة مفادها ان القوى الخاصة المرسلة الى سوريا لا يراد منها الوصول الى مرحلة الإصطدام المباشر، بل الهدف العمل وفق آلية تحفظ تحقيق كل طرف لأهدافه في سوريا بل والمنطقة دون الإصطدام والتعارض مع اهداف الطرف الآخر. بالإنطلاق من هذه النتيجة فإن القوى الخاصة لا يراد لها معالجة قضية الشعب السوري، بل انها جاءت على حسابه لضرب تطلعاته، لأن الحل لا يكون الا سورياً خالصاً بأيدي من لم يتآمرو عليها ودون تدخلات خارجيّة.