الوقت -شهد العراق خلال الأيام القليلة الماضية تطورات مهمة على الصعيدين السياسي والعسكري، أبرزها تقديم لائحة بأسماء المرشحين لشغل مناصب وزارية إلى البرلمان من قبل رئيس الوزراء "حيدر العبادي"، وتحقيق إنتصارات مهمة على تنظيم "داعش" الإرهابي في مناطق مختلفة من البلاد.
ويعتقد المراقبون إنّ "العبادي" تمكن من خلال تقديمه لائحة المرشحين لتشكيل الحكومة الجديدة من نزع فتيل الأزمة السياسية التي كادت أن تتفجر بسبب التظاهرات والإعتصامات الجماهيرية التي قادها التيار الصدري بزعامة السيد "مقتدى الصدر" والتي تبلورت بشكل واضح في إعتصام الصدر داخل خيمة في المنطقة الخضراء التي تضم مباني البرلمان والحكومة وعدد من السفارات الأجنبية بينها الأمريكية والبريطانية.
ويرى الكثير من المحللين بأنّ "العبادي" تمكن عبر تقديم قائمة المرشحين التكنوقراط لشغل المناصب الوزراية في الحكومة القادمة من إلقاء الكرة في ساحة البرلمان، فيما يرى آخرون في هذه الخطوة بأنها أدخلت العراق في أتون بلبلة سياسية جديدة تمحورت حول أمرين:
الأول: يتعلق بمدى قبول الكيانات السياسية المؤثرة في البرلمان بالأسماء المطروحة من قبل "العبادي" لتشكيل الحكومة، في وقت ظهرت فيه الكثير من الإعتراضات على الآلية التي إختارها رئيس الوزراء لحسم هذا الموضوع.
الثاني: الشكوك التي راودت الكثير من السياسيين بشأن مدى أهمية وجدّية هذا الإجراء في تنفيذ الإصلاحات الشاملة التي وعد بها العبادي من أجل تسوية الأزمة السياسية المتفاقمة في البلد.
ويعتقد الكثير من المتابعين إن الخطوة الأخيرة التي قام بها "العبادي" يوم الخميس الماضي تهدف في الأساس إلى إمتصاص نقمة الجماهير من جانب، وكسب الوقت من جانب آخر لإجراء بعض الإصلاحات التي وعد بها في وقت سابق والتي يطالب بها المتظاهرون منذ عدّة شهور ووصلت ذروتها خلال الأيام القليلة الماضية.
ومن الإعتراضات التي أثارها العديد من الشخصيات والكتل السياسية المؤثرة في العراق حول لائحة المرشحين التي قدمها "العبادي" لتشكيل الحكومة هي الخروج عن المحاصصة السياسية والقومية والطائفية.
ومن أبرز المعترضين على لائحة "العبادي" هو التحالف الكردستاني العراقي لإعتقاده بأنه لم يحصل على حصته من الحقائب الوزراية في الحكومة القادمة. فيما إتهم عدد من النواب الكرد الممثلين عن هذا التحالف في البرلمان رئيس الوزراء بمحاولة توظيف الظروف الإستثنائية التي يمر بها البلد لتحقيق أهداف سياسية على حساب المكونات الأخرى.
كما رفض بعض النواب الكرد أن يكون "هوشيار رسول أمين" الذي قدمه "العبادي" كمرشح لتولي حقيبة وزارة "الإعمار والإسكان والبلديات" ممثلاً عن التحالف الكردستاني في الحكومة القادمة.
من جانبه أعرب "علي العلاق" عضو إئتلاف دولة قانون في البرلمان العراقي عن إعتقاده بأن قائمة الوزراء التي قدمها "العبادي" لمجلس النواب ستواجه عقبات كثيرة قبل أن تنال ثقة البرلمان بسبب الخلافات الكبيرة في وجهات النظر بين الكيانات السياسية الرئيسية حول العديد من الأسماء التي وردت في القائمة المذكورة.
من جانب آخر يعتقد معظم المراقبين بأنّ المدة المقررة للتصويت على هذه القائمة من أجل نيل الثقة داخل البرلمان والبالغة 10 أيام غير كافية لإتمام هذا الأمر نظراً للظروف السياسية المعقدة التي يمر بها البلد والتي إنعكست سلباً على التفاهم بين المكونات الأساسية لحسم هذا الموضوع، خصوصاً وإن الحكومة القادمة ينبغي لها أن تكون مؤلفة من وزراء تكنوقراط وخارج سياق المحاصصة السياسية.
في هذه الأثناء أعلن "نزار محمد سلیم" المرشح من قبل "العبادي" لتولي حقيبة وزارة النفط إنسحابه من التشكيلة الوزارية القادمة، مشيراً إلى أن ترشيحه كان يجب أن يتم بموافقة رئاسة إقليم كردستان وبوجود توافق سياسي، وقد إنسحب لعدم تحقق ذلك.
على الصعيد الميداني حققت القوات العراقية إنتصارات مهمة على الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم "داعش" خصوصاً في منطقة "العلَم" شرق مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، والمناطق الواقعة خلف مرتفعات حمرين، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات من الإرهابيين وتدمير آلياتهم ومعداتهم، بالإضافة إلى الإنتصارات التي حققتها هذه القوات في محافظة الأنبار وخصوصاً في قضاء "هيت" الذي يبعد نحو 70 كيلومتراً شمال غرب مدينة الرمادي، رغم الصعوبات التي واجهتها هذا القوات بسبب وجود نحو 20 ألف مدني في داخل القضاء، بالإضافة إلى الألغام والعبوات الناسفة الكثيرة التي زرعها الإرهابيون في هذه المنطقة ذات التضاريس الجغرافية الصعبة.
وأدت العمليات العسكرية للقوات العراقية في المناطق التابعة لقضاء هيت ومن بينها "السن الصغیر" و "تل المرج" إلى مقتل 13 إرهابياً على الأقل وجرح آخرين وتدمير عدد من مستودعات الأسلحة والأنفاق التي يستخدمها الإرهابيون في هذه المناطق. كما تمكنت هذه القوات من تحرير منطقة "الجمعیة" شرق هيت ومناطق أخرى من العناصر الإرهابية بعد قتل عدد كبير بينهم المدعو "أبو صالح" المسؤول عن التنسيق بين "الإنتحاريين " في قضاء الرطبة غرب العراق والمدعو "أبو مسلم الکبیسي" أحد قادة الإنتحاريين في هذه المنطقة.