الوقت- بدأت الجولة الجديدة من التحركات السياسية لجماعة أنصار الله الیمنیة قبل بضعة أشهر بإدارة الاحتجاجات ضد أسعار الوقود في هذا البلد ، وقد حققت حتى الآن مكاسب جيدة للحوثيين الشيعة.
لقد سیطر الحوثيون الشيعة في سبتمبر علی العاصمة اليمنية صنعاء ، وانسحبوا منها بعد الاتفاق علی تشكيل حكومة وحدة وطنية .
هذا في حين أنه على الرغم من التحركات الواسعة النطاق للمخابرات السعودية والأمريكیة لخلق انعدام الأمن وتشجیع القاعدة علی إیجاد اشتباكات عرقية ودينية في اليمن، مازالت نجاحات الحوثيین الشيعة تسجل مستوی مناسب .
وعلی هذا الأساس رسم زعيم حرکة أنصار الله اليمنیة ثلاث استراتيجيات للمرحلة المقبلة .
ففي رسالة نشرتها وسائل الإعلام قال عبدالملك الحوثي إن الشعب اليمني یصر على مواصلة ثورته ، واضعاً ثلاثة خطوط عریضة کخطط مستقبلية وهي "مواصلة مكافحة الفساد، إیجاد الأمن والاستقرار والمشاركة في صنع القرار" .
وتعدّ هذه التصریحات في الواقع ثلاث استراتيجيات لأنصار الله للمستقبل السياسي لليمن ولهذه الحرکة أیضاً . وفي الوقت نفسه يعتقد الخبراء أن اتخاذ الاستراتيجيات الدقیقة يمكن أن تقرّب الثورات إلی النصر النهائي بشکل کبیر جداً . وحول هذه الاستراتيجيات الثلاث تجدر النقاط التالية بالملاحظة:
الف – علی الرغم من أن الهیکل الأولي والأصلي لأنصار الله یتکون من الحوثيين الشيعة ، إلا أن قیادات هذه الحرکة استطاعت من خلال الاستناد إلی احتياجات وتطلعات الشعب الیمني والتأکید علی شعارات العدالة والحرية ومحاربة الفساد ، استطاعت أنتجتذب الغالبية العظمى من الشعب اليمني إلیها . وبعبارة أخرى، إن من أهم إنجازات الثورة اليمنية هي محاربة الفساد في هذا البلد ، الأمر الذي جعل العدید من الجماعات السياسية والشعبیة مستعدة للتعاون مع أنصار الله .
یأتي هذا في حین أن زعيم الحوثيين الشيعة عبد الملك بدر الدین الحوثي قد كشف مؤخراً أن التقييمات تشير إلی فقدان أكثر من 500 مليار دولار في قطاع النفط فحسب ، ولم یستخدم لتحسين البنی التحتية للبلاد ورفع مستوى معيشة المواطنين .
ب - أنصار الله من خلال تشكيل اللجان الشعبية لإیجاد الأمن في أجزاء عديدة من البلاد وإضفاء الطابع الشعبي علی إدارة الأمن ، حاولت تجنب الصراعات العرقية والدينية في البلاد .
ووفقاً لما قاله عبد الملك الحوثي فإن مهمة اللجان الشعبية هي حماية الناس وحماية ثورتهم، وتعزيز دعائم الأمن والاستقرار في البلاد والتصدي للمجرمين الفاسدین والمستبدین الذین یعملون ضد الوطن والثورة.
هذا في حین أعلن وزير الدفاع اليمني عن وجود اتفاقيات مع حرکة أنصار الله لاستيعاب عدد من عناصر الحرکة في القوات المسلحة والأمنیة للبلاد لخلق "التوازن الوطني المطلوب". ولا شك أن إضفاء الطابع الشعبي علی الأمن في الیمن یشکل ضماناً للأمن المستدام في هذا البلد في المستقبل.
ج - بالإضافة إلى مكافحة الفساد وبناء إجماع وطني حول هذه المسألة، فإن إثارة موضوع المشاركة في صنع القرار من قبل أنصار الله بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية في اليمن، والتي تم اتخاذ خطواتها الأولی، وضعت الحوثيین الشيعة على طريق التحوّل إلی عنصر من عناصر القرار في هذا البلد .
وقد أصبحت الشيعة في اليمن من خلال تبني هذه التدابير وبعد سنوات من کونهم مجموعة مؤثرة ، على وشك أن یصبحوا حرکة مشارکة في صنع القرار في تركيبة السلطة في هذا البلد . وطبعاً تجدر الإشارة إلى أن الثورة اليمنية لم تصل بعد إلی الانتصار الكامل ، ولکن الإصرار علی هذه الاستراتيجيات الثلاث یمکن أن یضع الثورة اليمنية علی طریق الانتصار النهائي .