الوقت- تم التوقیع علی نص معاهدة كابل - واشنطن الأمنیة في مقدمة و26 مادة في الثامن من أكتوبر لهذا العام بین ممثل الحكومة الأفغانیة مستشار الأمن القومي الأفغاني "حنیف أتمر" والسفير الأمريكي في كابول "جيمس كانينجهام" وبحضور الرئيس الأفغاني "محمد أشرف غني".
وعلى الرغم من مضي ثلاثة أشهر علی معاهدة كابل - واشنطن الأمنیة، فإن هناك مؤشرات علی أن أمريكا لم توقع على هذه المعاهدة لتحقيق الازدهار والسلام في أفغانستان.
وجاء في الجزء التمهيدي من هذه المعاهدة الأهداف الرئيسية منها وهي: الرغبة في مواصلة تعزيز التعاون في مجال الدفاع والأمن لتدعیم الأمن والاستقرار في أفغانستان، والمشاركة في السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي، ومكافحة الإرهاب، والوصول إلى منطقة لم تعد ملاذاً آمناً لتنظيم القاعدة والمجموعات التابعة له، وزیادة قدرة أفغانستان علی درء الأخطار التي تهدد أمنها وسيادتها الوطنية . ومع الأخذ في الاعتبار أن الولايات المتحدة لا تسعى إلی إیجاد قواعد عسكرية دائمة في أفغانستان ولا تطالب بحضور يشكل خطراً على الدول المجاورة لأفغانستان، وکذلك التزام الولايات المتحدة بأنها لن تستخدم أراضي أفغانستان أو منشآتها لشن هجمات ضد بلدان أخرى.
هذا في حین أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية "جون كيربي" مؤخراً: إن الإدارة الأميركیة لا تريد منع نشاط طالبان وغيرهم من الإرهابيين، إلا إذا استهدفوا أمن أميركا. وبعد عام 2014 ، لن یکون طالبان هدفاً لهجمات القوات الامريكية.
هذه التصریحات تأتي في حین أنه بناءً علی معاهدة كابل-واشنطن الأمنیة إذا طلبت الحكومة الأفغانیة التعاون من القوات الأجنبية لمهاجمة الإرهابيين في أفغانستان ، فإن علی أمریکا أن تساعد هذا البلد فوراً .
وجاء في الفقرة 3 من المادة 2 من معاهدة كابول - واشنطن الأمنیة: بناءً علی طلب أفغانستان، فإن أمريكا ستقدم على الفور دعماً لمساعدة قوات الأمن والدفاع الأفغانية لغرض إزالة التهديدات التي تستهدف أمن هذا البلد.
إن الهدف والدافع لحركة طالبان من 13 عاماً من الحرب ضد الحكومة الأفغانیة هو إعادة السیطرة علی هذا البلد، وانسحاب القوات القتالية الأجنبية یوفر فرصة لتحقیق هذا الهدف .
ونظراً لقرب نهاية عام 2014 وإن القوات الأجنبية ستعود إلی بلادهم تدريجياً، فإن عمليات وأنشطة طالبان قد تكثفت ووصلت هذه الأنشطة الإرهابية إلی كابل عاصمة هذا البلد بشکل رهيب.
ویأتي هذا التصاعد في أنشطة طالبان الإرهابية في حين تعهدت أمريكا في الفقرة 4 من المادة 2 من هذه المعاهدة الأمنیة: يقر الطرفان بأن العمليات العسكرية للولايات المتحدة لهزيمة القاعدة وفروعها قد تكون مقبولاً في إطار المعركة المشتركة ضد الإرهاب.
لقد انتهكت أميركا التزاماتها في الاتفاقية الأمنية مع حكومة كابول، لأنها تعهدت بالتعاون مع قوات الأمن والدفاع الأفغانية ،بناءً على طلب أفغانستان، بهدف إزالة التهديدات التي تستهدف أمن هذا البلد.
ومن ناحية أخرى، لا یمکن عدم أعتبار أهداف طالبان في أفغانستان والمتمثلة في القضاء على نظام الحكم فيها ، خطراً على أمن هذا البلد.
ومع ذلك، وقّعت الحكومة الأفغانية الجديدة على هذه المعاهدة الأمنية مع أمريكا بتفاؤل علی أمل أن تحترم أمريكا أحكام هذه المعاهدة وتفي بالتزاماتها.
والآن بعد مضي ثلاثة أشهر علی توقيع المعاهدة، اتخذت أمريكا طريقاً آخر، وهي تحاول تحقیق أهدافها الرئيسية المتمثلة في خلق الإرهاب في أفغانستان والمنطقة، وتهديد الدول القوية في المنطقة وکذلك حصد الفوائد الاقتصادية من وراء زراعة المخدرات في أفغانستان.
وتسعى أمريكا إلی تعزيز الأسس والقواعد الأيديولوجية والعقائدية لطالبان وغيرها من الجماعات الإرهابية، لتکون من جهة ذريعة لاستمرار وجودها في أفغانستان ولا سيما بعد عام 2024، ومن جهة أخرى یشکل هؤلاء الارهابيون عائقاً أمام تطور الدول الإقليمية وتقدمها کي لا تجد فرصة للتنافس مع أمريكا.
وفي السنوات الثلاث عشرة الماضية، کان طعم مليارات الدولارات الحاصلة من بیع المخدرات في أفغانستان حلواً سائغاً في مذاق أمريكا ، وهي ترید من خلال هذا الحضور استمرار جني هذه العائدات التي تصل إلی مليارات الدولارات.
ومع ذلك يمكن القول بوضوح إن أميركا لم تبرم الاتفاقية الأمنية لدعم أفغانستان، بل هي تعتبر المعاهدة وعداً كاذباً للحكومة الأفغانیة وتتابع الأهداف المذكورة أعلاه.