الوقت ـ حملت زیارة "علي لاريجاني" إلى سوريا ولقائه بالرئيس السوري في دمشق العديد من الرسائل والمضامین للدول الغربية التي تعدّ أهم الأطراف الداعمة للإرهاب في المنطقة وخاصة سوريا.
اللقاءات المتبادلة بین المسؤولين السوريين والإيرانيين تظهر التحرکات الواسعة النطاق التي تقوم بها طهران ودمشق للحصول على حل سياسي للأزمة السورية، مع الحفاظ على العمليات التي يقوم بها الجيش السوري لمحاربة الجماعات الإرهابية التي تشکل خطراً كبيراً ليس بالنسبة لسوريا والمنطقة فحسب بل للعالم أجمع.
الرئيس السوري "بشار الأسد" أكد في لقاء رئيس البرلمان الإيراني "علي لاريجاني" أن سوریا ستواصل سياستها العسكرية في مكافحة الإرهاب، وتتمسك في الوقت نفسه بتحقيق حل سياسي للأزمة.
وفي الواقع تحاول دمشق التأكيد للمجتمع الدولي أن بدء العملية السياسية في سوريا مع وجود الإرهاب أمر غیرممکن ومستحيل، وأن المجموعات التي یشکل القتل والذبح وسيلتها الوحيدة للتعبيرعن آرائها ومعتقداتها، لا يمكنها الجلوس على طاولة المفاوضات بغض النظر عن المکان الذي تنعقد في هذه المفاوضات أو القوة التي تريد دعمها.
وبهذه الطريقة تکون دمشق قد أعلنت مرة أخرى تمسكها بمبدأ السلامة الإقليمية ووحدة هذا البلد، وأکدت أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة، وأن المساعي الدبلوماسية لجمهورية إيران الإسلامية باعتبارها أحد أهم حلفاء سوريا وشريكتها في محاربة الکیان الإسرائیلي والتصدي لنفوذ أميركا في المنطقة، تأتي في هذا السیاق.
في هذه الأثناء یحمل تأکید الأسد في لقاء لاريجاني علی تعهد دمشق بمواصلة عملية المصالحات الوطنية في هذا البلد، رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن مخطط المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلی سوريا "ستيفان دي ميستورا" الداعي إلی وقف إطلاق النار في سوريا وفي حلب أولاً، ناجم في الواقع من التجربة السورية في مجال المصالحات الوطنية وتحقيقها، وقد أظهر العمل في هذه القضية أنه إن لم تكن هناك العقبات والعراقیل التي یضعها الإرهابيون الأجانب وغيرالسوريين، فإن تحقيق المصالحات الوطنية في مختلف المناطق السورية سيكون سهلاً.
وأخيراً إن تأکید الأسد على ملف المصالحات الوطنية یظهر للمجتمع الدولي أن دمشق لیست هي الطرف الذي یضع العقبات أمام وقف إطلاق النار، بل إن العامل الأكثر أهمية في هذا السبيل هو الأطراف الداعمة للمجموعات الإرهابية المسلحة، وإذا أنهت هذه الأطراف تدخلاتها واستفزازاتها، فإن سوريا لا تحتاج إلى خطة دولية لإقامة مناطق وقف إطلاق نار.
لكن الظروف الحالية تشیر إلی أن سوريا تحتاج عملیاً إلی جهود صادقة ومخلصة کتلك التي تبذلها جمهورية إيران الإسلامية وروسيا لحل الأزمة في هذا البلد. ووجود لاريجاني في دمشق له العديد من الرسائل إلى الغرب، من بینها أن طهران بهذه الطريقة تؤکد للغرب أنها مازالت ملتزمة بعلاقاتها مع دمشق والحفاظ على سلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنیة.
وتأتي زيارة لاريجاني إلى سوريا بعد أيام قليلة من زیارة رئيس الوزراء السوري "وائل الحلقي" إلی طهران. ومازال خافیاً علی الجمیع ما هي الرسالة التي حملها الوائلي من الأسد إلی روحاني والرد الأخیر علیها. لكن توافق الآراء في هذا البلد المؤثر علی المستوی الإقليمي والاجتماعات المنتظمة بین المسؤولين السوريين والإيرانيين، یحمل إلى الغرب الراعي للإرهاب رسالة تقول إنه لم یطرأ هناك أي تغییر في علاقات طهران - دمشق العميقة والواسعة، وإن اختراق محور المقاومة عن طریق الخداع والوعود الاقتصادية أو السياسية لکلي البلدين أمر مستحیل ولا سبیل إلی تحقیقه.
وبناءً على ذلك، فلا طهران مستعدة للتفاوض والمساومة مع الغرب في الملف السوري بسبب ملفها النووي، ولا سوریا مستعدة لتدخل في الحوار والتفاوض مع الغرب بخصوص محور المقاومة للخروج من أزمتها الراهنة.
فإذن حملت زيارة لاريجاني إلى دمشق هذه الرسالة الهامة جداً أن "سوريا لا تزال خطاً أحمر بالنسبة إلی طهران".