الوقت - دأب النظام السعودي على إستخدم المدارس للترويج للمذهب الوهابي وبث روح الحقد والكراهية لدى طلاب المدارس وتغذيتهم بالمفاهيم الهدّامة التي يتم تلوينها بمقولات دينية لخدمة أغراض سياسية من خلال التحريف والتحريض على الفتنة.
وتغرس هذه المناهج في نفوس الطلاب كل ما من شأنه تكفير الأديان المختلفة مع الفكر الوهابي، والتعامل مع المخالفين على أنهم كفار، والذي يؤدي بدوره إلى تكريس العنف والتطرف وقمع الآخر لدى هؤلاء الطلاب.
ومن خلال نظرة سريعة على نماذج من المناهج الدراسية السعودية تتكشف بوضوح أيديولوجية الكراهية ضد المسلمين الذين لا يتبعون المذهب الوهابي.
و من أخطر الوسائل التي إنتهجها النظام السعودي للنيل من المسلمين خصوصاً الشيعة هو الإيعاز إلى ما يسمى "علماء الدين" بإصدار فتاوى تدعم الجانب السياسي، وأخرى تحجم دور المذاهب الإسلامية ذات الإمتداد التاريخي الذي بدأ منذ زمن الظهور الأول للرسالة الإسلامية وفي طليعتها الإمامیة والمعتزلة والصوفیة، إلى جانب إيجاد مناهج دراسية تحض الطالب على ممارسة العنف ضد الآخرين، وغرس الإعتقاد لديه بأن حماية المذهب الوهابي تكمن في إستئصال كل من يخالف هذا المذهب الذي ترعرع في ظل حكم مستبد تهيأت له أسباب القمع والتنكيل ووسائل أعلام حرّفت الحقيقة لتظهرها بصورة مغايرة للرأي العام العالمي والمحلي.
ويدرك النظام السعودي أن أهمية هذا المشروع لا تقل عن أهمية المشاريع الأخرى السياسية والعسكرية والإقتصادية، فقام بتحشيد طاقاته لإصدار "فتاوى دينية" وتغيير المناهج المدرسية لخدمة هذا الغرض.
وقام النظام السعودي بإستغلال جميع القنوات لترسيخ سياسة التمييز الطائفي من خلال إطلاق يد الأقلام المأجورة التي كان لها الإستعداد للعب هذا الدور، فامتلأت المكتبات بكتب سلفية متطرفة تنشر ثقافة الكراهية ضد المسلمين من المذاهب الأخرى، وبالخصوص المذهب الشيعي، ولغير المسلمين أيضاً.
فالكتب الدينية في المدارس السعودية تستمد مضامينها من كتاب "التوحيد" الذي صاغه محمد بن عبدالوهاب والتي تتهم مختلف الفرق الإسلامية المخالفة بالشرك والكفر. وينشأ الطفل السعودي على هذه المفاهيم منذ السنوات الدراسية الأولى من المرحلة الإبتدائية. ولايكاد الطالب يصل إلى سن البلوغ الشرعي حتى يبدأ بتوزيع أحكام الكفر على كل من لا يشاطره بهذه الأحكام.
وفي هذا الخصوص أظهرت دراسة إستطلاعية أجراها المستشار التربوي والمدير السابق بمدارس الرياض الدكتور "عبدالمجيد بن عبدالله الغامدي" أن 60 بالمائة من الأطفال السعوديين لديهم القابلية للإنزلاق في غياهب الإرهاب، وذلك من خلال التأثر بدعاة الضلال من التكفيريين عبر إستخدام التقنيات الحديثة.
كما أكدت دراسة أكاديمية بعنوان (مناهج العلوم الدينية في التعليم السعودي) أعدّها فريق من الجامعيين والخبراء التربويين بإشراف المحامي "عبد العزيز القاسم" إن اضطراباً شديداً يموج بمحتويات هذه المناهج في قضايا جوهرية تمس طمأنينة الطالب، وحقوق المسلمين، وأصول التعامل مع غير المسلمين، وقواعد التعامل مع المعارف والحضارات، وهو إضطراب يخالف أصول الشريعة.
ومن النتائج التي توصلت لها هذه الدراسة هي إختلال تنظيم القيم في المقررات الدينية للمرحلة الإبتدائية في المدارس السعودية، خاصة ما يتعلق بموضوعي المسؤولية والإعتدال، ما يؤسس في الطالب معرفة جدلية لا يتخلق معها بمكارم الأخلاق، ويساهم في إنقطاعه عن محيطه الإنساني ويفقده التوازن في إدارة الإختلاف والتنوع. وتشير هذه الدراسة إلى أن الواقع العملي يبرهن على صدقية ما خلصت إليه.
وتُركز المناهج الدراسية في السعودية على أمور بينها زيارة القبور وتشييد القباب على مراقد الأنبياء والأولياء والصالحين وطلب الشفاعة والتقرب إلى الله من خلال تقديم النذور، وإحياء المناسبات الدينية، وإقامة المآتم على الأموات وبذل الأطعمة وغيرها، وتصف هذه الأمور بأنها موجبة للشرك والكفر، في تناقض صريح مع أحاديث نبوية كثيرة يجمع عليها المسلمون في هذا المجال.
وهكذا صارت التربية في المدارس السعودية مشحونة بمهاجمة معتقدات المذاهب الإسلامية من خلال التلاعب وتحريف النصوص الدينية وفق المنهج الوهابي الذي يبيح قتل كل من يخالفه والإستحواذ على ممتلكاته تحت عناوين الشرك والتكفير وبدواعي "طاعة ولي الأمر"!
خلاصة القول إنّ الوهابیة التی تحولت إلى أداة بید آل سعود من أجل تبریر حکمهم وإضفاء صبغة شرعیة على ممارساتهم المعادیة للإسلام والبشریة هي التي جعلت الشعوب الإسلامية تعاني من مشاکل ومصائب جمّة على كافة الأصعدة. ولايخفى على أحد إنّ السخاء السعودي في تقديم الدعم المالي للمدارس "الدينية" سواء في السعودية أو في باكستان أو غيرها من الدول لاتهدف سوى إلى تغذية التطرف ونشر الفكر الوهابي ودعم الجماعات الإرهابية والتكفيرية وشراء الذمم خصوصاً في البلدان التي تعاني من تدهور إقتصادي وترتفع فيها نسبة الأمية والتي تشكل أرضاً خصبة لنمو هذه الأفكار الهدّامة التي تهدف إلى زعزعة الأمن والإستقرار في هذه البلدان.