الوقت ـ قل مانجد تصريحا اعلاميا واحدا من قبل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وسائر الزعماء الاتراك يتماشی مع سياسة تركية العملية والواقعية علی ارض الواقع تجاه سوريا والعديد من قضايا المنطقة الاخری من ضمنها القضية الفلسطينية.
اننا نجد الكثير من الكلام والتصريحات لزعماء تركيا التي يدعون من خلالها بانهم يبحثون علی احلال السلام في سوريا والمنطقة لكن الواقع يشير الی أن تركيا تتخذ نهجا مغايرا لمصالح شعوب المنطقة خاصة الشعب السوري، ويتهم الكثير انقرة نظرا لسياساتها الخاطئة بانها السبب الرئيسي في استمرار الازمة السورية ومعاناة الشعب السوري منذ بدء هذه الازمة قبل حوالی اربعة أعوام ليومنا هذا.
الرئيس التركي يدعي انه يعارض الارهاب في سوريا لكنه فتح الباب علی مصراعيه منذ بداية الازمة السورية لدخول الارهابيين الی الاراضي السورية من شتی بقاع العالم عبر الحدود التركية ـ السورية. وفي مكان آخر نجد ان السيد اردوغان يدعي أنه يدعم فك الحصار المفروض من قبل داعش علی مدينة عين العرب (كوباني) لكنه يمانع وبشراسة كبيرة دخول القوات الكردية لهذه المدينة لفك الحصار عن أهلها، وهذا موقف ثاني يشير الی الازدواجية الاعلامية والعملية في سياسات تركيا.
الكثير يعتقد أن اردوغان والعديد من الساسة الاتراك مصابون بارباك ودوخة واخطاء في المحاسبات ولهذا لايعرفون کیف يتصرفون بشكل صحيح إزاء الازمات التي تشهدها المنطقة خاصة في سوريا. حيث يتهم الكثير انقرة بانها تسعی الی الوصول الی أهداف سياسية واقتصادية علی حساب اراقة دماء شعوب المنطقة.
والحقائق التي تشير الی ذلك كثيرة، أهمها دعم الجماعات الارهابية في سوريا بالمال والسلاح، التعامل الوثيق بين تركيا وكيان العدو الصهيوني احد الامور الاخری التي تشير الی ازدواجية انقرة بانها تريد الخير لشعوب المنطقة وحل القضية الفلسطينية. من جهة نری اصرار السيد اردوغان بانه لم يوافق علی تطبيع العلاقات بين بلاده والكيان الصهيوني إلاّ في حال انهاء هذا الاخير حصاره علی غزة، ومن جهة ثانية نری التعاون الاقتصادي والتجاري بين انقرة وتل ابيب يتنامی يوما بعد يوم.
هذه المواقف المزدوجة وغير المتزنة من قبل زعماء تركيا جعل الكثير ينظر بعين الريبة الی تصريحات قادة تركيا خاصة رجب طيب اردوغان.
وفي العراق ايضا تتبع تركيا نفس هذه الازدواجية، حيث اننا نری وزير الخارجية التركي والرئيس التركي نفسه يدينون عمليات الارهاب التي تقوم بها جماعة داعش الارهابية، لكن في المقابل نری ان تركيا تشتري النفط العراقي من هذا التنظيم حيث احتج العراق لدی المنظمات الدولية خلال الشهور الماضية تجاه الانتهازية التي تصدر من قبل تركيا في مجال شراء النفط العراقي من جماعة داعش.
كما نری خطوات التدخل التركي في مصر واضحة جدا حيث اثارة هذه التدخلات احتجاج الحكومة المصرية في اكثر من مرة بعد سقوط النظام السابق الذي كان الاخوان المسلمين قادته الرئيسيين.
وتستمر تركيا بهذه السياسة العدائية تجاه العديد من دول المنطقة خاصة مصر والعراق وسوريا من خلال تعاونها مع النظام القطري. حيث تحظی تركيا بدعم واضح من قبل دولة قطر خاصة في مجال دعم الارهاب في سوريا.
وبسبب هذه السياسات العدوانية التي انتهجتها تركيا خلال الاعوام الماضية نجد أن اعداءها في المنطقة قد اصبحوا كثيرين بشكل ملحوض خلال هذه الفترة حيث يمكن ان نشير الی العديد من الجهات في ليبيا التي اصبحت منزعجة بشكل كبيرمن التدخلات التركية في شؤون هذا البلد،لدعمها التيار الاخواني في ليبيا علی حساب سائر الاحزاب والتيارات الاخری. ويعتقد خصوم حزب العدالة والتنمية في تركيا أن سياسات اردوغان اضرت كثيرا بسمعة هذا البلد في المنطقة خاصة بين الشعوب الاسلامية وهذا ماسيلحق اضرارا اقتصادية كبيرة بها. لان انقرة فقدت الكثير من معاملاتها التجارية مع كثير من دول المنطقة خاصة العراق ومصر وسوريا ولبنان ودول اخری بسبب عدم امكان انتقال البضائع التركية من الاراضي السورية.
جميع هذه الخسائر في الاقتصاد التركي حصلت بسبب اصرار زعماء تركيا الحالیين علی اسقاط النظام الشرعي في سوريا والمجيء بالمعارضة الموالیة للغرب والكيان الاسرائيلي. لكن بالرغم من جميع المساعي الحثيثة التي قامت بها تركيا ضد سوريا والعراق ودول اخری، فان هذه المساعي وصلت الی طريق مسدود وفشلت فشلا ذريعا خاصة في سوريا، ولهذا نری تخبطا واضحا في تصريحات القادة الاتراك و في مواقفهم وسياساتهم علی ارض الواقع.
وفي المحصلة يجب الاشارة الی أنه في حال استمرت تركيا علی نفس الازدواجية في المواقف الاعلامية والكلامية من جهة والاخطاء الجسيمة علی الساحة تجاه دول المنطقة من جهة اخری، فان هذه الازدواجية ستؤدي الی عزلة تركيا عن العالم العربي والاسلامي ويجعلها اكثر عرضة للضغوطات الغربية خاصة الامريكية في المرحلة القادمة، لذا الافضل لانقرة تغيير سياساتها العدائية تجاه العالم الاسلامي والعودة الی صفوف الامة الاسلامية ونبذ الاقتراب من الصهيونية والدول الغربية.