الوقت - على الرغم من أن الحرب في غزة تُخاض بوسائل عسكرية وأسلحة حديثة، إلا أن وراء كواليس هذه الحرب واسعة النطاق واللاإنسانية عشرات شركات التكنولوجيا والحاسوب الأمريكية التي قدمت خدماتها للكيان الإسرائيلي في الحرب والإبادة الجماعية في غزة، سيلقي هذا التقرير نظرة على مشاركة شركات التكنولوجيا الأمريكية في حرب غزة.
عقد جوجل بقيمة 45 مليون دولار
وقعت شركة جوجل الأمريكية مؤخرًا عقدًا بقيمة 45 مليون دولار مع مكتب بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، لنشر إعلانات لمصلحة "إسرائيل". وُقعت اتفاقية الإعلانات التي تستمر ستة أشهر مع مكتب نتنياهو في أواخر يونيو، وستسمح لتل أبيب بنشر إعلانات على منصات مثل يوتيوب وفيسبوك، يُقال إن الصفقة بين جوجل ونتنياهو تهدف إلى الترويج لحملة تل أبيب وإنكار الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة على مدار 700 يوم الماضية، والتي أدت إلى واحدة من أطول المآسي الإنسانية وأكثرها وحشية في العصر الحديث.
في الشهر الماضي، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن قسم الحوسبة السحابية في جوجل قد منح الجيش الإسرائيلي إمكانية الوصول إلى خدماتها القائمة على الذكاء الاصطناعي، في يناير 2024، رفعت شركة الذكاء الاصطناعي OpenAI القيود المفروضة على الجيش الإسرائيلي من استخدام خدماتها في الأنشطة "العسكرية والقتالية"، ما سمح للجيش الإسرائيلي باستخدام خدمات الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة دون قيود.
3 ملايين دولار.. اتفاقية مع شركة تويتر السابقة
في السابق، دفعت السلطات الصهيونية 3 ملايين دولار لشركة X الأمريكية المعروفة سابقًا باسم تويترو2.1 مليون دولار لمنصة Outbrain الإسرائيلية مقابل الإعلانات المخصصة لحرب غزة، تُعد شبكة X واحدة من أكثر المنصات زيارةً في العالم، حيث نُشر فيها هاشتاج دعم غزة كثيرًا، والآن من المفترض أن يوجه المسؤولون التنفيذيون في الشركة الإعلانات لمصلحة "إسرائيل".
مايكروسوفت.. وكر الفاسدين
تُظهر وثائق مسربة أخرى أيضًا أن الجيش الإسرائيلي استخدم على نطاق واسع تقنية مايكروسوفت السحابية وأنظمة الذكاء الاصطناعي خلال حرب غزة وقصفها، واعتمد على مايكروسوفت لإطلاق إعلاناته الهادفة إلى تبرير حرب غزة.
تُثبت هذه الإعلانات الروابط الوثيقة لمايكروسوفت مع الجيش الإسرائيلي بعد الـ 7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتُظهر أن شركة مايكروسوفت الأمريكية زودته بخدمات الحوسبة والتخزين التي يحتاجها الجيش الإسرائيلي، وأن توفير هذه الخدمات كان بناءً على عقد بقيمة 10 ملايين دولار بين الكيان الصهيوني ومايكروسوفت.
بعد بدء الهجوم على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، واجه الجيش الإسرائيلي طلبًا هائلًا على مساحات التخزين للأنشطة الحسابية والخوارزميات المدعومة، ما دفع الكيان الصهيوني إلى إبرام عقد واتفاقية مع الشركة الأمريكية لاستخدام مساحة مايكروسوفت السحابية.
بالإضافة إلى مايكروسوفت؛ أبرم الجيش الإسرائيلي أيضًا اتفاقيات مع شركات أمريكية أخرى مثل أمازون وجوجل لتخزين وتحليل البيانات والمعلومات الاستخباراتية، استُخدمت منتجات وخدمات شركات الحواسيب هذه من قِبل وحدات مختلفة في سلاح الجو والجيش والبحرية الإسرائيلي، بالإضافة إلى مديرية الاستخبارات التابعة لها.
كشريك موثوق لوزارة الدفاع الإسرائيلية، غالبًا ما تُكلَّف مايكروسوفت بالعمل في مشاريع حساسة وشديدة السرية، ووفقًا لتقرير صادر عن صحيفة "العربي الجديد"، يعمل موظفو مايكروسوفت بشكل وثيق مع مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك وحدة المراقبة الخاصة بها، الوحدة 8200، خلال العدوان على غزة، دعم مهندسو مايكروسوفت وحدات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية ووحدة تجسس سرية أخرى تُسمى الوحدة 9900، والتي تجمع وتحلل معلومات الفيديو الاستخباراتية، في الأشهر الأخيرة، منحت مايكروسوفت الجيش الإسرائيلي وصولًا واسعًا إلى نموذج GPT-4 من خلال شراكة مع أدوات الذكاء الاصطناعي من OpenAI.
ووفقًا لوثائق نشرتها مجلة 972+ الإسرائيلية، تلقت وزارة الدفاع الإسرائيلية 19,000 ساعة من الدعم الهندسي والخدمات الاستشارية من مايكروسوفت بين بداية حرب غزة في أكتوبر 2023 ويونيو 2024، أي قبل عام، ويُعتقد أن هذه الخدمات قد ولّدت لمايكروسوفت حوالي 10 ملايين دولار، يستخدم النظام الذي تستخدمه قوات الأمن الإسرائيلية لإدارة تسجيل وحركة الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، والمعروف باسم "رولينج ستون"، تقنيات مايكروسوفت أيضًا، خلال العدوان على غزة، استخدمت وحدة سلاح الجو الإسرائيلي المسؤولة عن إدارة قواعد بيانات الأهداف المحتملة للهجمات القاتلة، والمعروفة باسم "بنوك الأهداف"، أنظمة مايكروسوفت للاتصالات والرسائل.
كيف يُحرّف التقرير؟
أكدت صحيفة الغارديان البريطانية المدفوعات المالية الضخمة التي دفعها الصهاينة لشركات التكنولوجيا الأمريكية، وذكرت أن هذه الإجراءات نُفذت في محاولة لنشر الرواية الإسرائيلية على نطاق واسع حول الأزمة الإنسانية في غزة، بالإضافة إلى تعزيز الإعلانات الإسرائيلية على جوجل لتحييد تحذيرات الأمم المتحدة (الأونروا).
رغم الأزمة الإنسانية في غزة، صدرت العديد من التصريحات والتقارير من مصادر عبرية ينكر فيها الصهاينة وجود مجاعة في غزة، من بينها فيديو على يوتيوب لوزارة الخارجية الإسرائيلية انتشر بين المستخدمين مرارًا، يدّعي: "هناك طعام في غزة، وأي ادعاء آخر هو كذب".
كما أظهر تقرير نشرته منظمة "مسبار" العربية لتدقيق الحقائق قبل نحو شهرين، مستشهدةً بمعلومات مسربة من بوابتي الشفافية المالية جوجل وميتا، أن سلطات تل أبيب شنت "حملة دعائية واسعة النطاق لمصلحة إسرائيل"، وذكر "مسبار" في تقريره أن هذه الحملات الدعائية تُبث بهدف تبرير الهجمات على غزة.
الفشل في حرب الروايات
على الرغم من جهود الكيان الصهيوني للترويج لنفسه من خلال اتفاقيات بملايين الدولارات مع شركات أمريكية، إلا أن الحقيقة هي أن الكيان الصهيوني هو الخاسر في حرب الروايات في حرب غزة، كتبت صحيفة معاريف العبرية في أحدث تقرير لها أن "إسرائيل" مُنيت بـ"هزيمة نكراء" على الساحة الدولية في الرأي العام والإعلام، وتؤكد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قال إن "إسرائيل تخسر حرب العلاقات العامة العالمية"، هذه الهزيمة.
في الواقع، ربما يكون الكيان الصهيوني قد حقق بعض التقدم العسكري في غزة، لكنه فشل فشلاً ذريعاً في الرأي العام الدولي، والحقيقة أن الحرب الحالية، بعد قرابة 700 يوم، لم تحقق أي نصر للصهاينة، وأن عجز "إسرائيل" عن التقدم في غزة يعود إلى هزيمتها في معركة الرواية، لأن تل أبيب لم تتمكن من كسب الرأي العام الدولي بشأن "شرعية حرب غزة".
