الوقت- علینا التريث حتی إنتهاء العدوان السعودي علی الیمن لمعرفة حجم الجرائم التي خلفها هذا العدوان، في الجانب الإنساني والمادي، ومن المحتمل ستنكشف مجازر عديدة إرتكبها النظام السعودي ضد الابرياء هناك، لم تتضح معالمها حتی الیوم بسبب تهاون المنظمات الدولية خاصة الإمم المتحدة إزاء العمليات العسكرية التي ينفذها الائتلاف السعودي. عندما تمتنعا الإمم المتحدة ومجلس الأمن من الضغط علی السعودية لايقاف عدوانها علی الیمنيين، وتمتنعا حتی الآن عن محاسبة الرياض بسبب إستهداف المدنيين بالاسلحة المحرمة دوليا، فهذا يعني أن هاتان المنظمتان يرغبان في استمرار الانتهاكات السعودية ضد المدنيين العزل في الیمن. ولهذا السبب فلا يمكن الاعتماد علی الاحصائيات التي تنشرها هذه المنظمات حول عدد الضحايا في الیمن جراء الدمار الهائل الناجم عن عشرات آلاف من الغارات التي نفذتها طائرات اف"15و16" للائتلاف السعودي. القضية الأهم من أعداد الشهداء والجرحی، هم المسؤولون عن إستمرار سقوط الضحايا في اليمن بغض النظر عن السعودية باعتبارها المسؤول الاول والاخير، فمن هم أولئک المسؤولون الآخرون عن مأساة اليمنيين؟.
قبل أيام كشفت رويترز عن رسالة بعثتها السعودية للإمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الانسانية، طالبت من خلالها هذه المنظمات بسحب قواتها من المناطق الواقعة تحت سيطرة اللجان الشعبية. وبررت الرياض هذا الطلب بانه ياتي في سياق مساعيها للحفاظ علی أرواح كوادر هذه المنظمات بسبب احتمال تعرضهم للقصف من طائرات الائتلاف السعودي. السوال الذي يطرح نفسه هنا هو: إذا ما كانت مثل هذه الكوادر الدولية المدربة جيدا علی العمل في ظروف قاسية، من المحتمل أنها سوف تقتل بسبب القصف الكثيف الذي تنفذه السعودية في الیمن، فماذا سيكون مصير الاطفال والنساء والشيوخ الیمنيين الذين لا حول ولا قوة لهم للاحتماء من قنابل الطائرات السعودية؟، ومن سيكون المسؤول علی حفظ أرواح هؤلاء المدنيين؟. بالطبع الجواب واضح فان هؤلاء الابرياء المدنيين الیمنيين لا أحد يحسب لهم حساب ومصيرهم لا يعني شيء بالنسبة للسعودية والإمم المتحدة ومجلس الامن، سواء قتلو أم بقوا علی قيد الیحاة!. لهذا كانت رسالة الرياض موجهة فقط الی المنظمات الدولية وليست للشعب الیمني.
وبينما تحاول الرياض وحلفائها إخفاء عدد الشهداء والجرحی في الیمن، والذي تجاوزت أعدادهم 24 الفا، هنالك الآلاف من الاطفال الذين تيتموا، فضلا عن آلاف النساء الواتي أصبحن ارامل بسبب فقدانهن أزواجهن إثر العدوان السعودي. وبالاضافة الی هذه المأساة الإنسانية المريرة، هنالك مئات الآلاف من الیمنيين فقدو أعمالهم والتي معظمها كانت في الاساس فرص عمل بدائية، كانو يوفرون من خلالها لقمة العيش لعوائلهم. البنة التحتیة تدمرت ومراكز الخدمات الطبية أصبحت شبه معدمة في الیمن والامراض صارت تفتك بشعب هذه الدولة. أنها حقا كارثة إنسانية أوجدتها السعودية للشعب الیمني، بدعم مباشر من أمريكا والدول الغربية والمنظمات الدولية خاصة، الإمم المتحدة ومايسمی زورا بمجلس الأمن.
دعونا لا نعاتب الإمم المتحدة ومجلس الامن وأمريكا والدول الغربية علی تواطؤها مع السعودية في تدمير الیمن وقتل أبنائه بالسلاح المحرم كما يفعل دائما الكيان الإسرائيلي تجاه سكان قطاع غزة، ولهذا نقول دعونا لا نعاتب هؤلاء علی تواطؤهم، لان الشعوب العربية والإسلامية أيضا الیوم تتواطأ مع العدوان السعودي ضد الیمنيين ما عدی القليل من هذه الشعوب. الصمت العربي والإسلامي بحد ذاته يعتبر أكبر دعم للسعودية لمواصلة جرائمها في الیمن، لا بل يعتبر مبررا في غاية الأهمية تستفيد منه الرياض لتبرير ما فعلته في الیمن.
صحيح أن الشعوب العربية وبسبب فساد أنظمتها والاسر المستبدة والرؤساء الخائنون، أصبحت شعوب تعاني من أعلی درجات التخلف والجوع والمرض، وهي مغلوبة على أمرها ومسلوبة الإرادة، لكن رغم كل ذلك فان الشعب الیمني والذي هو أحد هذه الشعوب العربية، سيظل يتذكر خذلانه من قبل الشعوب العربية والإسلامية، ولا يمكن لهذا الشعب أن ينسی صمت هذه الشعوب تجاه ما ترتكبه أسرة آل سعود وآل خليفة والاسر المالكة العربية الاخری، ضد الشعب الیمني.
السعودية تخدع الشعوب العربية بانها تحارب جماعة أنصارالله وتزعم بانها تريد تخليص الشعب الیمني من هذه الجماعة!. وفي الحقيقة هذا مكر تعلمته السعودية من الكيان الإسرائيلي، حيث أن هذا الكيان قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين بذريعة أنه يحارب الفصائل الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي، ولا يستهدف الشعب الفلسطيني!. في حال أن هذه الفصائل جاءت لتضحي بنفسها للدفاع عن الشعب الفلسطيني. هذا هو ما يحدث بالضبط في الیمن، حيث أن جماعة أنصارالله تقاتل من أجل الدفاع عن الشعب الیمني ولهذا تسعی السعودية تشويه سمعة هذه الجماعة. ودعونا نسأل، هل كان بامكان جماعة أنصارالله والجيش الیمني لوحدهما أن يفشلوا جهود السعودية ومرتزقتها، دخول العاصمة الیمنية صنعا، لو أنهم لم يحظوا بدعم قوي من الشارع الیمني؟، الجواب: كلا. إذن هذا الدعم القوي من الیمنيين لانصارالله هو دليل علی أن الحركة هي حركة شعبية ومنبثقة من المجتمع الیمني وهدفها الدفاع عن الیمن وليس كما تروج السعودية.
لکننا بالرغم من کل ذلک فاننا نعتقد أن الشعب الیمني ورغم عتبه الشديد علی الشعوب العربية والإسلامية بسبب صمتها علی العدوان السعودي، فانه لازال يعلق آمالا كبيرة علی صحوة الشعوب العربية والإسلامية، لتستيقظ من سبات نومها، كي تحاسب النظام السعودي علی ما فعله بالشعب الیمني والشعوب الاخری مثل الشعب السوري. ولاشك أن استمرار العرب والمسلمين بصمتهم الحالي سيجعلهم شركاء في جميع الدماء التي أراقتها السعودية في اليمن. فمتی ستستيقظ شعوبنا العربية والإسلامية؟ عسی أن يكون ذلك قريبا لأن الوقت اوشك علی الانتهاء.