الوقت- يعيش اليمن منذ بدء ما يمسى بـ الربيع العربي حالةً من عدم الإستقرار والفلتان الأمني، هناك إن إختلفت الأساليب تتحد الأهداف، ولاشك في أن ظهور أنصار الله بقوة على الساحة اليمنية جعل هذا البلد محل إهتمام مختلف الدول الإقليمية والعالمية، لأن اليمن لم يعد لقمة سائغة لدى الجار الخليجي عموماً، والسعودي على وجه الخصوص، فما هي السيناريوهات أم المخططات التي واجهها الشعب اليمني منذ الثورة الشعبية وظهور أنصار الله؟
تنقسم الدول التي تتآمر على اليمن إلى قسمين الأولى إقليمية وتتمثل بدول مجلس التعاون برئاسة السعودية، والثانية عالمية متمثلةً بأمريكا وأوروبا عبر بوابة مجلس الأمن، ولكن تمتلك دول مجلس التعاون التي تعمل وفق الأجندة الأمريكية "حصة الأسد" في هذا التآمر، فلطالما اعتبرت السعودية اليمن بمثابة حديقة خلفية، والملك السعودي هو الآمر الناهي في صنعاء لذلك لا بد من إستعراض مختلف المخططات تجاه اليمن، التي هي كالتالي:
المبادرة الخليجية الأولى
تعتبر المبادرة الخليجية الأولى في العام 2011-2012 أولى المخططات العربية تجاه اليمن، حيث أرادت السعودية آنذاك الإلتفاف على الثورة اليمنية عبر عزل صالح وترتيب انتقال السلطة إلى آخر، لكنها لم تنجح في استبدال الرئيس السابق بإبنه "أحمد علي" رغم الترويج الإعلامي للأخير في السعودية، لأن وعي الشعب اليمني من ناحية وحكمة أنصار الله المكون الأقوى على الساحة اليمنية من ناحية أخرى أفشلت المخطط السعودي-الخليجي، وبالتالي انتقلت السلطة إلى نائب صالح آنذاك الرئيس المستقيل حالياً عبد ربه منصور هادي الذي كان المرشح الوحيد للرئاسة في اليمن.
تسليح القبائل و دعم الحراك الجنوبي
سارعت السعودية بعد الإنتصارات المتتالية التي حققها أنصار الله في اليمن إلى تأمين الدعم المالي والعسكري لمختلف القبائل اليمنية لتقويض فرصة أنصار الله هناك، في هذا السياق أوضحت وكالة «أسوشيتدبرس» الأمريكية إن السعودية «تسلح» رجال القبائل الموالية لها والتابعين لتنظيم القاعدة في اليمن عبر حدودها الجنوبية، لدعمهم ضد المقاومة الشعبية وأنصار الله.
ونسبت الوكالة إلى مسؤولين يمنيين، طلبوا عدم كشف هويتهم، قولهم إنه «بينما يتقدم المقاتلون من أنصار الله للسيطرة على المزيد من الأرض، كانت السعودية، الحليف القوي لأمريكا، ترسل الأسلحة والأموال لرجال القبائل في محافظة مأرب، شمالي اليمن.
في السياق نفسه وبعد سطوع نجم أنصار الله في اليمن، وفي إطار مخططها لضربهم ومعاقبتهم على الحراك الثوري، الذي لقي دعمًا شعبيًا من مختلف قطاعات اليمن السعيد، عملت السعودية على تأليب القبائل خاصة القبائل الجنوبية على الجماعة، زاعمة أن الجماعة تقوم بحراك مذهبي، رغم أن المطالب التي نادى بها أنصار الله لم تخرج عن المطالب التي رفعتها الثورة في بداية الأمر في العام 2011 .
لم تكتف السعودية ووسائل الإعلام المدعومة منها ماديا بإشاعة أن الثورة التي يقودها أنصار الله “حراك مذهبي”، بل تحاول الرياض محاصرة الحركة من كل الاتجاهات، ففي الجنوب دعمت الحراك الذي يطالب بالانفصال عن اليمن، والحصول على حق الحكم الذاتي، وهو ما دفع المئات من مؤيدي الحراك الشعبي للنزول للشوارع والاعتصام للمطالبة بالانفصال، بدلا من الجلوس على الطاولة مع الأشقاء لبحث الحلول المتاحة للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد.
هجوم إعلامي ووقف الدعم المالي
لم تتوقف الأبواق السعودية في يوم من الأيام عن الهجوم على ثورة الشعب اليمني،وإلصاق التهم بأنصار الله، فعلى سبيل المثال لا الحصر روّج الإعلام المحسوب على السعودية نية أنصار الله للسيطرة على مضيق باب المندب وبالتالي جر الجيش المصري إلى هناك،لأن القاهرة لا يمكن أن تقبل بوجود ما يهدد قناة السويس، أو السفن المارة عبرها من خلال التحكم في مضيق “باب المندب”، لأن ذلك المضيق يعتبر أمن قومي لمصر، حيث تتأثر قناة السويس بشكل مباشر من أي تدخلات في المضيق، لكن مصر رفضت التدخل هناك لإدراكها أن هذه الإدعاءات لا تعدو أن تكون "هبروجه إعلامية".
مالياً كشف مسؤولون يمنيون وسعوديون، ان المملكة، أوقفت منذ فترة حصة كبيرة من مساعداتها إلى اليمن، بعدما وسّع أنصار الله نفوذهم وسلطتهم السياسية هناك، وقال مسؤول رفيع بالحكومة اليمنية إن "السعوديون اشترطوا تطبيق الاتفاق لتقديم المساعدات، مشددة على ضرورة أن يرحل أنصار الله قبل أن يدفعوا السعوديون ".
المبادرة الخليجية الثانية
كشف مسؤول يمني رفيع المستوى رفض الكشف عن إسمه، عن المسودة الأولية لـ «المبادرة ثانية» كانت حصيلة للمحادثات التي تمت بين الرئيس عبد ربه منصور هادي ومبعوثين سريين من سلطنة عمان والسعودية والمحادثات بين صنعاء والعواصم الخليجية وبين المبعوث الاممي مع قوى يمنية جنوبية وشمالية. ونصت «المبادرة ثانية» على أن يقسم اليمن الى إقليمين في إطار دولة اتحادية فيديرالية: اقليم جنوبي، متمثل في الرقعة الجغرافية بالحدود الجيو - سياسية المعروفة بجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية قبل العام 1990، واقليم شمالي، متمثل في الرقعة الجغرافية بالحدود الجيو - سياسية المعروفة بالجمهورية العربية اليمنية قبل 1990 .
إستقالة هادي والحكومة
بعد الفشل الخليجي في ضرب اتفاق السلم والشراكة الذي وقع عليه كافّة الأطراف في اليمن، قام الرئيس هادي وحكومة بحاح بتقديم إستقالتهم للضغط على أنصار الله بسبب رفضهم لتقسيم اليمن إلى 6 أقاليم تنفيذاً لأجندة خارجية، أما آخر فصول المؤامرة الخليجية على اليمن تمثّلت أولاً في الشكوى التي تقدمت بها دول مجلس التعاون إلى مجلس للأمن للتدخل تحت الفصل السابع، وثانياً عبر التهديدات المبطّنة لدول مجلس التعاون بالتدخل العسكري في اليمن.
المؤامرة الدولية
على الصعيد الدولي تحاك العديد من المخططات تجاه اليمن، ولا شك في أن المؤمرات الخليجية على اليمن تتقاطع مع المؤامرة الأمريكية، لا بل أن أجندة دول مجلس التعاون أمريكية بإمتياز، لذلك تقوم واشنطن أيضاً وعبر بوابة مجلس الأمن بحياكة المؤامرات على اليمن عبر الإدانة والضغط على الأطراف اليمينة للقبول بالمبادرة الخليجية من ناحية، والتهديد وفرض العقوبات على بعض الاطراف السياسية في اليمن من ناحية أخرى.
في السياق نفسه يعتبر مشروع إغلاق السفارات في صنعاء الذي قامت به امريكا وحذت حذوها بعض الدول الغربية، حلقةً جديدة في مسلسل التآمر على اليمن.
في الخلاصة، نجح الشعب اليمني في التغلّب على العديد من المؤمرات الخارجية، ولا شك أن دول مجلس التعاون التي تطبّق الأجندة الأمريكية في المنطقة، تنتظر حلقة جديدة من مسلسل التآمر الأمريكي-الخليجي على اليمن، لذلك فإن الوحدة والتكاتف ونبذ الفرقة هي السبيل لإنقاذ اليمن والسير به إلى شاطئ الامان.