الوقت - يحتل أمن المعلومات مكانة هامة في العالم الرقمي، ورغم كثرة الشركات الأمنية التي تطرح نماذج مختلفة من أنماط حماية المستخدم ومعلوماته، إلا أن الجهود المبذولة لم ترتقِ إلى عمل مثمر يحول دون عمليات الخرق التي تحصل، ولا زالت الأجهزة الذكية تعاني من ضعف الحماية وسهولة الاختراق، والتحديثات التي تطرأ على أنماط الحماية في الأجهزة الذكية أقرب إلى تحديثات تجارية منها إلى تحديثات أمنية.
في 2008 دخلت طريقة النمط (pattern) لتصبح الأكثر استخدامًا متفوقة على كلمة المرور، وبعد ذلك حدثت قفزة في هذا المجال حيث دخلت تقنية البصمة fingerprint)) والتي تعد أكثر أمنًا من الطرق المتبعة سابقًا، وبدأ الحديث عن تقنية مسح الشبكية (Retina) والذي يقدر أنه سيدخل السوق في الأعوام المقبلة، وتشير بعض الأبحاث القائمة إلى أننا سنشهد في المستقبل أشكالا جديدة لتقنية أكثر أمنًا من مثيلاتها وتدعى تصوير الدماغ، أو تخطيط الدماغ.
لا تزال هذه التقنية في بداية طريقها ولم تبلغ النور بعد، ولن تصل إلى الأجهزة الذكية في وقت قريب، إذ لا يزال بعض الباحثين والخبراء يعملون على تطوير هذا المشروع، ورغم أن الطريق لا يزال طويلا وغامضًا أمام هذه التقنية، إلا أنها تعطي تفاؤلا في مستقبل تكنولوجي آمن نسبةً إلى الوقت الراهن الذي يعتمد على تقنية البصمة (fingerprint) والتي كشفت امكانية اختراقها مجموعة (Chaos Computer Club)، ودخول مسح الدماغ إلى الخدمة سيضمن استحالة فتح أو اختراق أي جهاز محمي بهذه التقنية العالية الأمنية.
تقوم فكرة هذه التقنية على مبدأ بسيط وعبر استخدام جهاز التخطيط الدماغي والذي يدعى (electroencephalogram)، إذ يتم إرسال 500 صورة بتواتر صورتين في الثانية، ويقوم عندها عقل المستخدم بإظهار ردة فعل مناسبة لكل صورة ويتم حفظ ردود الأفعال التي أظهرها المخ في تطبيق خاص مهمته التعرف على الشخص صاحب ردود الفعل هذه، وتشير الدراسات إلى أن هذه الطريقة تستطيع التعرف على الشخص الحقيقي من 30 شخص بنسبة نجاح 100%.
وعن تفاصيل هذا المشروع وآلية عمله، يقول الباحثون إنه يعتمد على اختلاف ردات أفعال البشر تجاه الصور التي يرونها، ومن خلال تسجيل ردات فعل شخص ما تجاه عدد كبير من الصور، فإننا سنحصل على شيفرة ذات معنى تمكننا من العمل عكسيًا لكشف صاحب هذه الشيفرة، وكلما كان عدد الصور التي تُعرض للشخص أكثر، كان احتمال اختراق نظام الحماية هذا أصعب وأكثر تعقيدًا.
ويعمل الباحثون على تطوير هذا النظام وتحسينه والتحقيق في ثغراته وامكانية اختراقه، وحتى الوقت الراهن أثبت هذا النظام كفاءته العالية، إذ بدا عصيًا أمام محاولات الاختراق، ويرى المطورون أن هذا النظام يحوي ميزات كثيرة، فإضافة إلى الأمان الذي يوفره للمستخدمين، يمكن القول إن هذا النظام تخلص من مشكلة نسيان كلمة المرور، أو النمط، فلا يمكن للعقل أن ينسى ردود أفعاله، وإحدى الميزات المهمة هي أنه لا يستطيع أحد أن يجبر المستخدم بالسلاح أو العنف على فتح جهازه، فأمواج الدماغ تتغير عند الإضطراب والخوف الشديدين.
في المقابل يأتي على رأس قائمة عيوب هذا النظام عدم توافقه مع جميع الأجهزة رغم سعي المطورين إلى تهيئته بشكل بسيط ليشمل أكبر عدد ممكن من الأجهزة الحديثة، كما يتساءل الكثيرون أنه كيف سيفتح المستخدم جهازه في حالات الطوارئ عند الخوف والتوتر الشديدين كالحوادث والزلازل والحرائق وغير ذلك، وكذلك في بعض الحالات المرضية العصبية التي تترافق مع تغير كهربائية الدماغ، كالتشنج، وبعض أنواع الصداع النصفي، هذا بالإضافة إلى أن هذه التقنية الحديثة ستتسبب في ارتفاع أسعار الأجهزة الذكية بشكل كبير.
التقنية قيد الدراسة وإيجابية المعطيات التي توصل لها فريق الباحثين لا تعني الجزم بأنها ستدخل السوق، فالطريق لا يزال في بداياته، ولا تزال الكثير من جوانب وتفاصيل هذه التقنية مجهولة، وهل ستتقبلها الشركات المصنعة للهواتف الذكية، وخاصة إذا كانت هذه التقنية تحتاج إلى معدات كبيرة الحجم نسبيًا تتسبب في زيادة وزن الهواتف الذكية وسماكتها، الأمر الذي يمكن أن ينعكس سلبًا على مبيعات الشركات وأرباحها.