الوقت- منذ اللحظة الأولى لانطلاق شرارة الثورات الشعبية أو ما أسموه بـا"لربيع العربي" في تونس ومصر وليبيا واليمن وخوفاً من تفشى ( تفشي ) ذلك الى سائر الأنظمة العربية الموروثية خاصة في البلدان الخليجية، توغلت عناصر المخابرات الامريكية والغربية والاسرائيلية والعربية الرجعية لحرف مسارها والسيطرة على قرارها ودفعها نحو الاتجاه المخطط له من قبل وهو تنفيذ مشروع "الشرق الأوسط الكبير" الذي أعلنته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "كونداليزا رايس" عام 2005 فجاء الرد القوي والصفعة الصاعقة من المقاومة الاسلامية في لبنان بقيادة حزب الله في حرب الـ33" يوماً مع العدو الاسرائيلي ليفشل ما تم التخطيط له منذ عام 1991 باحتلال الكويت من قبل نظام الطاغية المعدوم "صدام" .
الهدف من كل ذلك هو القضاء على محور المقاومة والممانعة في المنطقة المتمثل بسوريا وحزب الله وايران والفصائل الفلسطينية حيث انضم العراق بعد السقوط اليه، ودفع الشعوب العربية والاسلامية نحو الانصياع والركوع للقوة الأقوى في منطقة الشرق الأوسط ألا وهي الكيان الاسرائيلي والتمهيد لقيام دولة "اسرائيل الكبرى" من النيل الى الفرات حيث الأنظمة العربية الحاكمة غالبيتها المنطلقة منبطحة بالتمام والكمال الى هذا القرار ومنذ أن وهب الملك السعودي "عبد العزيز" فلسطين لليهود عام 1915 في رسالته للسيد "برسي كوكس" مندوب بريطانيا العظمى في الشرق الأوسط .
لكن مشيئة الباري عزوجل وعزم وإرادة الرجال المؤمنين محور المقاومة بدل الإذلال العربي الى علو نجمه وسطوعه في الآفاق وأخذ يحقق النصر تلو النصر على الأعداء بداية من بالعملية التي استهدفت قوات المارينز الامريكية والمضليين الفرنسيين في 23 من أكتوبر عام 1983 ببيروت ووصولاً الى الانتصارات التي يسجلها في سوريا ولبنان بمحاربة الارهاب التكفيري وإركاعه للإندثار والتراجع من المناطق التي يسيطر عليها يسحب من ورائه ذيول الفشل والاندحار والإنكسار، مروراً بإجبار الجيش الإسرائيلي على الانسحاب من الجنوب اللبناني في مايو / أيار من عام 2000، وتكبيده الخسائر الفادحة والكبيرة في صفوفه خلال حرب تموز 2006 وهو ما اعتبرته تل ابيب إخفاقات خطيرة وتهديد وجودي لـ«إسرائيل» كدولة.
وكان تحرير منطقة القصير جنوبي سوريا قرب الحدود مع لبنان بداية انتصارات حزب الله اللبناني على الارهاب التكفيري في لبنان وسوريا الذي ذهب اليها للدفاع عن خلفية المقاومة وإفشال مخطط الأعداء بالالتفاف عليها من عدة جهات كي ينقض العدو الاسرائيلي عليها وينتهي الأمر وهو المراد؛ الى جانب إنقاذ حياة عشرات آلاف اللبنانيين القانطين بتلك المناطق الحدودية والدفاع عنهم باختلاف ديانتهم ومذاهبهم؛ فجر ذعراً وفزعاً شديديين لدى أعداء محور المقاومة.
العملية المعقدة أربكت العسكريين الغربيين والاسرائيليين في منطقة قبل الارهابيين الذين كانوا يفرضون سيطرتهم على المنطقة ولم يتمكن الجيش السوري بكل امكاناته من تحريرها طوال سنتيين، حيث تمكن حزب الله لبنان وبعدد قليل من أفراد قواته الزبدة وخلال 18 يوماً وباسناد الجيش السوري ضمن مخطط ثلاثي الأضلاع شكل غرفة عمليات محور المقاومة للاشراف على العملية وتحرير القصير من براثن عملاء ما يسمى بـ"الجيش الحر" وارهابيي "جبهة النصر" ذراع «تنظيم القاعدة في بلاد الشام»؛ ووجه صفعة قوية لداعمي المجموعات المسلحة التي تقاتل في سوريا ومنها تركيا والسعودية وقطر وأخواتهما الخليجيات.
في هذا الاطار يقول الشيخ "أبو مالك التلّي" أمير "جبهة النصرة" في ريف "القصير" بحسب ما سربت مصادر أمنية بعد اعتقاله، "لقد سقطت جميع محاور ريف القصير التي قمنا بتجهيزها لمدة سنتين من خنادق وأنفاق وسلاح وعتاد ومسلحين بسرعة فائقة .. اني شاركت في اضخم العمليات العسكرية المعقدة في افغانستان والعراق وقاتلت القذافي في ليبيا لم اشاهد في حياتي رجال يتقدمون الى المعركة في القصير بكل ثقة وبلا خوف بل تفوقوا علينا حتى في الموت.. هربت عناصر النصرة من القصير في الضربات الاولى وفقدنا السيطرة والتحكم بالمعركة عندما دخل رجال حزب الله وكنا نسمع عنهم ونتجاهل ما يقال ولكن الواقع كان اقرب للتصديق".
هذا الانتصار يعد بداية لانتصارات اخرى سجلها ويسجلها أبطال حزب الله في بلاد الشام التي بدأت تتحقق بعد رسائل طهرن ( طهران ) الى واشنطن في خضم ايام التهديدات والتحشيدات الامريكية في البحر الأبيض المتوسط في سبتمبر/ايلول 2013 بهدف الهجوم العسكري على سوريا وإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد وتسليم سوريا الى المجموعات الارهابية المسلحة التي رفعت الراية البيضاء أمام العدو الاسرائيلي منذ بدء عملياتها الدموية التدميرية ضد الشعب السوري وحكومته المنتخبة والتي حملها السلطان "قابوس" سلطان عمان خلال زيارة غير عادية لايران في 26 اغسطس 2013؛ وبعد التهديد الذي أطلقه قائد "فيلق القدس" للحرس الثوري الايراني بقوله: "على كل جندي أمريكي ينزل من طائرته أو يغادر بارجته إلى سوريا، أن يحمل تابوته معه"، مؤكداً أن "سوريا خط أحمر، وبلاد الشام هي معراجنا الى السماء، وستكون مقبرة الامريكيين" .
وجاءت معركة "يبرود" وتحرير المناطق الشاسعة المحيطة بها في مارس /آذار الماضي بالتعاون بين قوات حزب الله لبنان و"كتائب أبو الفضل العباس" العراقية والجيش السوري والتخطيط والأشراف الايراني طبعاً من قبل قيادة "فيلق القدس" للحرس الثوري التي كبدت المجموعات الارهابية المسلحة ومنها "النصرة" و"الحر" وغيرهما خسائر فادحة في المقاتلين والمعدات وولوا هاربين يحملون أذيال الخيبة والانكسار وراء ظهورهم .
الانتصار رسم الخوف على وجه الارهاب التكفيري وحماته العرب والاجانب والاقليميين وحتى العدو الاسرائيلي الذي وصفها بأنها "ضربة قوية للجماعات المسلحة" حسب موقع "ديبكا" الاسرائيلي المقرب من الدوائر الاستخباراتية الذي أوضح نقلاً عن قادة تل ابيب: "أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه موشيه يعالون بجانب العديد من المسؤولين البارزين في تل أبيب فشلوا في الحرب ضد الرئيس بشار الأسد والذي كان الهدف منها كسر محور المقاومة " .
اما معركة القلمون التي أرادت المجموعات الارهابية المسلحة من خلالها تحقيق أنتصار على حزب الله وحلفائه، فكانت هي الاخرى كماشة فقدت خلالها العديد من كبار قادتها وشكلت صدمة كبيرة لمعنوياتهم حيث قتل "كرم امون" قائد جبهة الفليطة و"ابو طه" قائد جبهة الغوطة الشرقية وآخرين هم من أبرز القادة الميدانيين في الصف الأول في "جبهة النصرة" بجرود عسال الورد، فيما خارطة الجبهات الاكثر اشتعالاً تركزت على محور الريحان تلكردي ومحور مخيم الوافدين سجن عدرا مزارع دوما، معركة شاملة أنهكت قوا المجموعات المسلحة وأضحوا كما وصفهم "ألوعد الصادق" السيد حسن نصر الله" أن مسلحي القلمون يقفون اليوم أمام مأزقٍ كبيرٍ يتمثل في خوضهم لمعركة حياة أو موت.." .
حزب الله وفي هذه العملية النوعية التي حاصر بها كهف لمقاتلي "النصرة" كان يوجد فيه اكثر من (130) مسلح أدت الى سقوط عشرات المسلحين بين قتيل وجريح منهم ابو بظاظة الحموي “قائد كتيبة “أحرار القلمون”، صالح إبن عبد الواحد اليمني وهو "المسؤول عن صنع العبوات"، جحدر السعودي ابن قوسان الماعزي وهو "منسق كتائب المرتدين الى رب العالمين"، وناصر ابن جابر الكوقازي وهو "قائد محور العرقوب"..وأسر أكثر من (50) آخرين بمن فيه قائد الموقع.
الأمر هذا أدى الى إنفجار الأمور بشكلٍ مفاجيء بين الكتائب المبايعة لتنظيم "داعش" في القلمون وبين رأس الهرم، ومنها مجموعة "فجر الإسلام" بقيادة الإرهابي “عماد جمعة" المعتقل لدى جهاز مخابرات الجيش اللبناني لتسببه في معارك عرسال مؤخراً، بالانشقاق عن "شورى تنظيم داعش" وأتخذاذ قراراً بالتفاوض على تحرير أسرى الجيش مقابل إخلاء سبيل زعيمها، ما أدى الى فصلها من جسم المجموعة الطاعشية العاملة في منطقة القلمون الغربيّ بريف دمشق. كما إنسحبت ما تسمى "كتائب القصير" (سابقاً) التي بايعت تنظيم "داعش" الارهابي مؤخراً من منطقة القلمون وتوجهت بأرتالها العسكري نحو محافظة درعا خوفاً من رجال حزب الله وحلفائه العراقيين والايرانيين والسوريين.
مسلسل انتصارات محور المقاومة يتواصل على جميع الجبهات السورية من الشمال وحتى الجنوب ومن الشرق حتى مياه الأبيض المتوسط دون توقف ما يدل على أن حسم المعركة لن يتم عبر الضربات الجوية العرجاء للتحالف الأمريكي - الغربي - العربية الرجعي، بل عبر معارك الرجال المقاومين المؤمنين الذي باعوا أنفسهم لله سبحانه وتعالى ولا يهابون غيره وبقوة من حديد يضربون بها رأس الأفعي الداعشي حتى يسحقونه بالكامل ويرمون بجسده الممزق الى أحضان من أنجبه ورعاه ورباه ودعمه وسلحه وموله.. جاك الموت يا تارك الصلاة تركيا أم الاردن أو السعودية أولاً، الأيام القادمة ستكون حاسمة لقرار خطير جداً نرى رأس أي من العملاء يسقط أولاً حيث معركة حلب على الأبواب وعين العرب والنبل والزهراء تصارع الارهاب وتدحره .