الوقت – لا تريد روسيا بعد الان ان تكون مجرد متفرج على ما يجري في الشرق الاوسط كما كان يحصل سابقا، ففي الوقت الذي يتحدث فيه الكثير من المراقبين عن نهاية النظام الحدودي المرسوم في الشرق الاوسط حسب اتفاقية سايكس بيكو تسعى موسكو الى ان تكون لاعبة نشطة في الشرق الاوسط الجديد.
وفي الحقيقة إن التدخل العسكري الروسي في الازمة السورية لم يكن فقط بهدف محاربة الارهاب والحفاظ على حليف اقليمي اي بشار الاسد بل ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد ايجاد جبهة امام نفوذ الهيمنة الغربية في الشرق الاوسط بقيادة امريكا والتي تريد تغيير حتى الحدود الجغرافية في الشرق الاوسط.
وهكذا يمكن القول ان دخول روسيا الى الحرب الدائرة في سوريا والشرق الاوسط يمكن ان يشكل اهم عوامل انتهاء نظام سايكس بيكو، فيما يلخص الخبراء الاهداف الروسية الجديدة في سوريا على الشكل التالي:
1- ايجاد موازنة في محور اوكرانيا وسوريا، حيث تستخدم موسكو قضية سوريا كأداة لابعاد الغرب عن دائرة النفوذ الروسي في البلقان وخاصة في اوكرانيا.
2- الحضور في ساحة التطورات الجارية في الشرق الاوسط
نظرا الى التطورات الاخيرة خلال السنوات القليلة الماضية في الشرق الاوسط وعدم وجود دور روسي تاريخي في المعاهدات الدولية التي شكلت النظام العالمي فإن موسكو تريد في الألفية الجديدة ان تلعب دورا رئيسيا في التطورات وليس دورا هامشيا.
3- ان سيطرة الغرب على العراق وليبيا اللذين كانت لهما علاقات وثيقة مع روسيا في الماضي دفع بوتين والقوميين الروس الى التفكير بأن روسيا يجب ان لا تقف موقف المتفرج فيما يتعلق بمستقبل البلدان الحليفة معها ولذلك يعتبر المسؤولون الروس ان الاوضاع الحالية هي فرصة تاريخية لتأمين المصالح الاستراتيجية الروسية في العراق وسوريا.
وقد اوصل الدخول الحازم لروسيا الى ساحة الصراع في الشرق الاوسط المسؤولين الامريكيين الى نتيجة مفادها ان الحفاظ على الاوضاع الراهنة في الشرق الاوسط لم يعد ممكنا وان تقديم الدعم لاعداء بشار الاسد وهم الجماعات الارهابية المتطرفة مثل احرار الشام وجبهة النصرة وجيش الاسلام وغيرها لايلبي المصالح الحيوية الامريكية في مستقبل الشرق الاوسط.
وبات مسؤولو البيت الابيض مقتنعين الآن ان سقوط نظام الاسد ليس فقط مضرا بحفظ الاستقرار في الشرق الاوسط والمصالح الامريكية بل ان السيطرة المحتملة للمعارضة على دمشق يمكن ان تشعل حرب استنزاف يديرها المتطرفون، وان حرب العراق ونهايتها السيئة بالنسبة للامريكيين جعلت المسؤولين الامريكيين يفكرون بيقظة اكبر تجاه الاحداث في سوريا ومستقبلها.
ورغم ان المعارضة العراقية كانت من المعتدلين والمسالمين مثل الشيعة والاكراد لكن محصلة الاحداث في العراق لم تكن الاستقرار السياسي واستقرار الديمقراطية ما يعني ان خارطة الطريق الامريكية في العراق ظلت فاشلة رغم وجود جهات وشخصيات عراقية تتبع النهج العقلاني، فكيف بسوريا التي تشكل الجماعات المتطرفة جبهة المعارضة فيها؟
ان المسؤولين الامريكيين باتوا يعتقدون اكثر من اي وقت مضى بأنه من الضروري اعادة النظر في سياساتهم المتبعة وحتى النظم الموجود في الشرق الاوسط ليتبلور نظم جديد تكون روسيا احد محاوره الاصلية.
ويمكن القول ان امريكا وروسيا اللتين تتواجهان اليوم في المنطقة يمكن ان تتفقا فيما بعد لترسما خارطة الشرق الاوسط من جديد وبحدود جغرافية جديدة وربما يبدأ هذا الامر بلقاء بين بوتين واوباما او حتى وزيري الخارجية الامريكي والروسي.