الوقت- لا تزال قضية مقتل العميل الروسي "الكسندر ليتفينينكو" تتواصل في أروقة السياسة الخارجية بين لندن وموسكو، حيث أكد القاضي البريطاني "أوفن" المسؤول عن متابعة قضية مقتل "ليتفينينكو" أنّ "لوغوفوي" النائب في مجلس الدوما الروسي عن الحزب الليبيرالي الديمقراطي قد وضع مادة بولونيوم 210 في أبريق الشاي في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2006. و أكد القاضي أنه قام بذلك بنية تسميم ليتفيننكو". وأضاف أن "الأدلة التي أقدمها تؤكد بوضوح مسؤولية الدولة الروسية في مقتل ليفتيننكو". فیما تصريح القاضي "أوفن" أشعل النار بين الدولة الروسية و البريطانية فكيفك كانت ردود فعل الطرفين؟
ردود الأفعال البريطانية
عبّر "كامرون" عن قلقه اتجاه استنتاجات التحقيق العام في قضية "ليتفينينكو"، حيث ذكر مكتب رئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون" أن استنتاجات "التحقيق العام" التي قدمت في التقرير الأخير، مقلقة للغاية، و أضافت المتحدثة باسم "كاميرون" إن "التقرير يؤكد للأسف ما كانت حكومتنا والحكومات السابقة تعتقده حتى الآن"، مشيرة إلى أن ذلك سبق أن دفع بلندن إلى اتخاذ "إجراءات" ضد موسكو في عام 2007، تمثلت في طرد 4 من العاملين في السفارة الروسية في بريطانيا، وتشديد قواعد منح تأشيرات الدخول للدبلوماسيين الروس وتقليص التعاون الاستخباراتي.
بدورها أعلنت وزيرة الداخلية "تيريزا ماي" أن الخزانة البريطانية ستفرض عقوبات على لوغوفوي وكوفتون تتمثل في تجميد أصولهما في المصارف البريطانية.
ردود الأفعال الروسية
في دورها اعتبرت موسكو أن التقرير الذي قدّمه قاضي التحقي العام البريطاني "أوفن" بأنه "مسيس للغاية وغير شفاف"، وأعربت عن أسفها "لإلقائه بظلاله على العلاقات الثنائية". و جاء الرد الروسي على لسان "ماريا زاخاروفا" الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية التي "شككت في احتمال تقديم تقرير موضوعي وغير منحاز في ختام مثل هذه القضية المسيسة وغير الشفافة التي مثلها ما يسمى التحقيق العام في قضية "ليتفينينكو"، علما بأنه كان مصمما منذ البداية ليؤدي إلى النتيجة المرجوة".
و أضافت "زاخاروفا": "يبقى الموقف الروسي من هذه المسألة دون تغيير وهي معروف جيدا. ونحن نأسف لتسييس هذه القضية التي تحمل طابعا جنائيا بحتا ولإلقائه بظلاله على الجو العام في العلاقات الثنائية".
و اعتبرت "زاخاروفا": أنه من الواضح أن قرار لندن بإيقاف التحقيق الجنائي الرسمي في القضية وإطلاق "جلسات عامة" جاء لتحقيق أهداف سياسية بحتة".
و شككت "زاخاروفا" بشفافية التحقيق حيث قالت: "العملية (التحقيق العام) رغم تسميتها لم تكن شفافة بالنسبة للجانب الروسي أو بالنسبة للمجتمع، نظرا لدراسة المواد وراء الأبواب المغلقة بذريعة كونها سرية".
و قال مصدر روسي رفيع المستوة في الكراملين في تصريح لوكالة "تاس" أنّ "نشر التقرير الأخير بشأن قيضة "ليتفينينكو" وقرار لندن وضع صفة السرية على كافة المواد في إطار القضية، لن يمر بلا عواقب جدية بالنسبة للعلاقات الثنائية بين البلدين".
و تابع قائلا: "من الواضح أن الجانب البريطاني غير مستعد على الإطلاق للكشف عن المواد المتعلقة بـ"ألعابه" مع ليتفينينكو وبعض المواطنين الروس الآخرين المقيمين في بريطانيا. ومن الدلائل الأخرى على ذلك ما تقدم عليه لندن من محاولات "إغلاق" قضبة "ليتفينينكو" على حسابنا، بالتزامن مع أحاديثها عن عدم "الرغبة" في تصعيد العلاقات. وفي حقيقة الأمر من الواضح تماما أن الحكومة البريطانية غير مستعدة لحوار منفتح ومتكافئ ومتبادل الاحترام مع روسيا حول المسائل المهمة".
و اعتبر"لوغوفوي" النائب في مجلس الدوما الروسي و المتهم الأول بالقضية أنه "في عام 2013 تم وضع صفة السرية على ما كانوا يعتبرونه المواد الأساسية في القضية، ومن ثم تم وضعها في الخزانة وأغلقت القضية لمدة عام ونصف العام. وفي عام 2014 فقط، عندما شهدت العلاقات الروسية-البريطانية توترا جديدا وظهرت قضية القرم، والأزمة الأوكرانية، وبعد تحطم الطائرة الماليزية في أوكرانيا، قرر القضاء البريطاني إخراج هذا "الهيكل العظمي" من الخزانة من أجل تحقيق أهداف سياسية".
وجاء في تقرير القاضي "أوفن": "إنني واثق من أن السيد "لوغوفوي" والسيد "كوفتون" كانا على علم بأنهما استخدما مادة سامة وأنهما كان ينويان قتل السيد "ليتفينينكو". لكني لا أعتقد أنهما يعرفان طبيعة المادة التي استخدماها أو تأثيراتها". و أكد "أوفن": "بأن لوغوفوي وكوفتون كان يعملان بتكليف آخرين، ربما بأمر من هيئة الأمن الفدرالي الروسية". وأضاف: "من المحتمل أن تكون عملية هيئة الأمن الفيدرالي الروسية لاغتيال "ليتفينينكو" جرت بموافقة السيد "باتروشيف" والرئيس "بوتين".
وكان الكسندر "ليتفينينكو" يعمل في الجيش الروسي (الاستخبارات) وهو برتبة ضابط ، قد هرب من روسيا في عام 2000 إلى بريطانيا بعد أن اتضح أنه كان يعمل لدى الاستخبارات البريطانية والأمريكية والإيطالية. وتوفي "قتلاً بالسم" في لندن يوم الـ23 من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2006، عن عمر ناهز 44 عاما.