الوقت - بعد تدهور صحة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز البالغ من العمر 80 عاماً، كثر الحديث عمّن سيخلفه في حال وفاته. وانحصر الإهتمام بشخصين؛ الأول ولده محمد الذي يشغل منصب ولي ولي العهد ووزير الدفاع، والآخر محمد بن نايف ولي العهد.
وتشير التقارير إلى أن الملك سلمان يعاني من أمراض خطيرة بينها مرض الزهايمر ويخضع لمراقبة طبية مستمرة، فيما ذكرت مصادر بأنه فاقد الوعي منذ مدة ولا يشعر بما يدور حوله.
ورغم ان الأسرة الحاكمة في السعودية تسعى لإخفاء حقيقة الوضع الصحي للملك سلمان، إلاّ أن ما تسرب من أخبار بهذا الخصوص حتى الآن يحكي عن أنه بات في وضع حرج وقد يعلن عن وفاته في أي لحظة.
والسؤال المطروح: من سيخلف سلمان في حال وفاته؟
الإجابة عن هذا التساؤل وحسبما يعتقد المراقبون تنحصر في شخصين؛ الأول إبنه محمد، والآخر ولي العهد محمد بن نايف.
فمحمد بن سلمان البالغ من العمر 30 عاماً والذي يشغل منصب ولي ولي العهد ووزير الدفاع في الحكومة الحالية هو الولد الأكبر للملك سلمان من زوجته الثالثة ويحظى بمنزلة خاصة عند والده، ولهذا تم تفويضه من قبله للقيام بالعديد من المسؤوليات، خصوصاً عندما كان سلمان وزيراً للدفاع بين عامي 2011 و بداية 2015. وكان محمد في تلك الفترة يتمتع بسطوة على القيادات المهمة في الوزارة، وتمكن من إزاحة أربعة من أولاد الأمراء من مناصبهم في هذه الوزارة خلال الفترة بين نيسان / ابريل 2013 وحزيران / يونيو 2014.
ويتميز محمد بن سلمان بسلوكيات تنم عن غروره ومحاولة تمسكه بالسلطة وسعيه لتهيئة الظروف الملائمة لخلافة والده وتولي عرش السعودية بعد مماته.
ويعتقد بعض المراقبين أن محمد بن سلمان يسعى أيضاً لتولي منصب رئاسة الوزراء الذي يشغله حالياً محمد بن نايف البالغ من العمر 65 عاماً، كي يتمكن من تقوية نفوذه في مختلف مفاصل الدولة إستعداداً للاستحواذ على مصادر القرار في كافة المجالات، في خطوة تهدف إلى تقليص نفوذ محمد بن نايف حتى وإن تمكن الأخير من تولي عرش السعودية خلفاً لسلمان بن عبد العزيز.
ورغم التوتر الحاصل بين السعودية وإيران على خلفية جريمة إعدام عالم الدين الشيخ نمر باقر النمر على يد سلطات الرياض، والإحتجاجات الشعبية الواسعة التي شهدتها إيران تنديداً بهذه الجريمة وإقتحام السفارة السعودية في طهران من قبل بعض المواطنين الإيرانيين الغاضبين، لازالت الأزمة التي تعاني منها السعودية جراء عدوانها المتواصل على اليمن منذ 10 أشهر والذي كبّدها خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات تحتل الصدارة في سلسلة أزمات الرياض الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى الأزمة الإقتصادية الحادة التي تواجهها نتيجة إنخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية. وجميع هذه الملفات مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بفشل محمد بن سلمان في كيفية إدارته لها بإعتباره وزيراً للدفاع من جانب، والمشرف المباشر على الشؤون الإقتصادية في البلد من جانب آخر.
هذه الإخفاقات الناجمة عن قلّة خبرة محمد بن سلمان وتهوره في إتخاذ القرارات تسببت بتقليص حظوظه لخلافة والده في تولي عرش السعودية، خلافاً لمحمد بن نايف الذي لم يتورط بشكل مباشر في إدارة الملفات العسكرية والاقتصادية، بالإضافة إلى ما يتمتع به من خبرة تؤهله لأن يكون هو الخليفة للملك سلمان في المستقبل.
ولكن رغم هذه الفوارق بين محمد بن نايف ومحمد بن سلمان يبدو أن الأخير هو المرشح لتولي منصب الملك، خصوصاً وأن الإدارة الأمريكية التي تلعب دوراً مباشراً في حسم هذا الموضوع، توليه أهمية خاصة، وهو ما تجلى بوضوح خلال الأزمة السياسية الأخيرة بين السعودية وإيران، حيث تعاطت الإدارة الأمريكية مع هذا الملف من خلال مباحثات وزير خارجيتها جون كيري مع محمد بن سلمان ولم تولِ اهتماماً لمحمد بن نايف أو غيره من الأمراء السعوديين في هذه القضية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن إحتمال حصول إنقلاب من قبل أشخاص آخرين من داخل الأسرة الحاكمة في السعودية للإستحواذ على المناصب العليا بما فيها منصب الملك أمرٌ غير مستبعد، وهذا يعني أن مجيء شخص آخر لخلافة سلمان أمرٌ وارد جداً، وحينها ستكون أحلام محمد بن سلمان ومحمد بن نايف لتولي هذا المنصب في مهب الريح، سيّما وأن تاريخ آل سعود مليء بالمفاجآت وحافل بالتغييرات السريعة، كما حصل بعد تسلم الملك سلمان منصبه قبل نحو عام، حيث أجرى سلسلة من التغييرات المهمة طالت رؤوساً كبيرة في الدولة في مقدمتها عزله لأخيه غير الشقيق مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد وتعيين محمد بن نايف خلفاً له، وتعيين السفير السعودي السابق لدى واشنطن عادل الجبير لتولي حقيبة الخارجية بدلاً من سلفه المخضرم سعود الفيصل.