الوقت - تعود جذور الخلافات بين قطر والسعودية إلى بداية القرن العشرين وتحديداً إلى عام 1913، وذلك عندما طالبت الرياض بضم قطر لها بإعتبارها جزءاً من إقليم الأحساء. وبعد سنتين من ذلك تم الإعتراف بحدود قطر بتدخل مباشر من الحكومة البريطانية.
وإثر إكتشاف النفط في قطر، أصبحت مسألة تنقيبه بمساعدة الشركات الأجنبية مثار جدل، وهو النزاع الذي وقفت خلاله بريطانيا إلى جانب قطر حتى حصولها على الإستقلال في عام 1971م. وقبل ذلك وقّعت قطر والسعودية إتفاقاً يقضي بترسيم الحدود بين البلدين، ولكن لم تتم المصادقة عليه بشكل كامل.
حادثة مركز (الخفوس) الحدودي
تدهورت العلاقات بين قطر والسعودية بسبب حادثة مركز (الخفوس) الحدودي عام 1992، حيث إتهمت الدوحة السعودية بمهاجمة قواتها في هذه المنطقة بمساندة قبيلة آل مرة.
وبحسب الرواية القطرية، عمدت السعودية إلى استغلال بعض أفراد قبيلة آل مرة في عملية الإنقلاب عام 1995 ضد الحكومة القطرية بالتعاون مع الأمير السابق خليفة بن حمد آل ثاني، وأدى ذلك إلى إسقاط جنسية وتهجير المئات من رجال القبيلة إلى السعودية. وبقيت مشكلة قبيلة آل مرة جزءاً من الخلاف القطري السعودي ضمن ملفات أخرى لم تحسم بعد.
وتعتبر منطقة (خوفوس) غنية إفتراضياً بطبقات من النفط، وقد شهدت نزاعات حدودية بين قطر والسعودية في أكتوبر 1992 ومارس 1994، وقُتل خلالها عدد من القطريين.
وفي عام 1996 بدأت السعودية وقطر بتأشير الحدود بينهما، وتوصلتا في آذار 2001 إلى إتفاق نهائي بشأن 60 كلم من الحدود البحرية والبريّة التي تسكنها بصفة أساسية قبائل بدوية.
وفي ديسمبر 1996 إختارت قمة مجلس التعاون التي عقدت في مسقط الشيخ جميل الحجيلان أميناً عاماً للمجلس مقابل مرشح قطر في ذلك الحين عبد الرحمن العطية - الأمين العام السابق - فإحتج أمير قطر حمد بن خليفة على ذلك وقاطع الجلسة الختامية للقمة.
وفي ديسمبر 2008 أعلنت السعودية وقطر التوصل إلى سلسلة من الإتفاقيات حول مواضيع مختلفة على رأسها إتفاق تسوية الحدود البرية والبحرية، حيث وقّع ممثلون عن البلدين في مارس 2009 في مقر الأمم المتحدة بنيويورك على هذا الإتفاق، وطرحت دولة الإمارات ملاحظات على الإتفاق منها أن حقوقها في منطقة الحدود الواقعة بين قطر والسعودية قد خُرقت.
سحب السفراء
قررت السعودية في مارس 2014 سحب سفيرها من الدوحة بعد أن إتهمتها بالتدخل في شؤونها الداخلية بشكل مباشر أو غير مباشر سواءً عن طريق العمل الأمني أو عن طريق محاولة التأثير السياسي أو دعم الإعلام المناوئ. وفي حينها تحدثت أنباء عن أن السعودية سعت لإخراج قطر من مجلس التعاون.
وإنعكست مظاهر التأزم في العلاقات القطرية السعودية في الحملات الإعلامية المتبادلة، فقد شنّت صحف محسوبة على قطر هجوماً على السعودية، فيما ردّت صحف الأخيرة على ذلك بهجوم شرس على أبرز شخصيتين غير قطريتين تلعبان دوراً كبيراً في توجيه سياسة قطر الخارجية والإعلامية هما الدكتور عزمي بشارة المستشار الأهم لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، والإخواني يوسف القرضاوي.
ولعبت الكويت دوراً فاعلاً في إبعاد شبح صدام عسكري بين قطر والسعودية عندما غضبت الأخيرة من قطر لبث قناة "الجزيرة" فيلماً وثائقياً بعنوان "سوداء اليمامة" تحدثت فيه عن صفقات الأسلحة السعودية، وشبهات فساد تورط فيها أمراء كبار في الأسرة السعودية الحاكمة، خاصة سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع وولي العهد الأسبق وبعض أولاده.
وفي إحدى المرات وصف رئيس جهاز الإستخبارات السعودي السابق بندر بن سلطان قطر بأنها عبارة عن محطة تلفزيون وثلاثمائة مواطن، ما أغضب الدوحة بشدة.
وإنعكس الخلاف السعودي القطري أيضاً في الأزمة المصرية حيث دعمت قطر حركة الإخوان المسلمين والرئيس السابق محمد مرسي بينما وقفت السعودية بقوة إلى جانب المؤسسة العسكرية والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ودعمته بأكثر من سبعة مليارات دولار. وفي هذا مؤشر على أن النزاع القطري السعودي سياسي أكثر من كونه نزاعاً حدودياً.
يذكر أن السعودية وقطر وقعتا على الخرائط النهائية لإتفاق ترسيم الحدود البرية بينهما في 30 أبريل/ نيسان عام 2000. وتبدأ هذه الحدود من منفذ مركز "سلوى" الحدودي السعودي إلى منفذ مركز "العديد" الحدودي القطري، وتم تسليم وزارة خارجية كلا البلدين آنذاك نسختين من الخرائط الجديدة لشريط الحدود الدولية لإيداعهما كوثائق لدى المنظمات الدولية والإقليمية.
وفي الفترة الأخيرة شهدت العلاقات السعودية القطرية توتراً كبيراً، حيث أكدت مصادر أن مسؤولاً سعودياً سلّم إلى أمير قطر رسالة عاجلة من الحكومة السعودية تتضمن مراجعة الرياض لعلاقتها مع الدوحة.
وأضافت المصادر -حسب صحيفة العرب- أن السعودية تستعد لاتخاذ إجراءات تتعلق بعلاقتها مع قطر تتمثل في إغلاق الحدود البرية ومنع إستخدام المجال الجوي السعودي في عمليات النقل من وإلى قطر، مشيرة إلى أن هناك قرارات أخرى منها تجميد رخصة الخطوط القطرية التي فازت بها لتدشين خطوط نقل جوية داخلية بين المدن السعودية، وكذلك تجميد إتفاقات تجارية جرى التوقيع عليها منذ عام 2006.
وتجدر الإشارة إلى أن كلاً من السعودية وقطر تسعيان إلى لعب دور شرطي المنطقة، ولهذا تشهد العلاقات بين البلدين توترات متكررة، خصوصاً فيما يتعلق بموقفهما من التيارات السلفية وموقع كل منهما في المشروع الأمريكي في المنطقة.