الوقت - يضم تنظيم داعش الإرهابي - التکفيري الذي استولى على مساحات كبيرة من سوريا و العراق، آلاف من المقاتلين من الدولتين ومجندين أجانب من أنحاء العالم وتتشكل قيادته من متشددين، اكتسبوا خبرة في القتال في العراق والشيشان وغيرها، لعل من أبرزهم أبو عمر الشيشاني الذي تدرب على العمليات الاستخبارية من قبل الأجهزة الأميركية والبريطانية فمن هو " أبو عمر الشيشاني"؟
ولد أبو عمر الشيشاني واسمه الحقيقي " طارخان باترهيفيلي"، في جورجيا عام 1986 في أسرة مسيحية لأم مسلمة، وكان حليفا للولايات المتحدة الأمريكية في الوقوف بحزم ضد التدخل الروسي في جورجيا قبل تبنيه عقيدة جهادية يحارب من خلالها الأمريكان والروس وكل من يراه "كافرا" حسب وصفه.
نقلت صحيفة "نيوزويك" الأميركية عن والد القائد الميداني في تنظيم "داعش" الإرهابي، أنه تدرب على العمليات الاستخبارية من قبل الأجهزة الأميركية والبريطانية، وذلك خلال انتسابه إلى الجيش الجورجي، وأن أخاه الأكبر "تماز" هو العقل المدبر لداعش وهو المقاتل السابق في الشيشان.
ونقلت الصحيفة الأسبوعية في نشرتها الإلكترونية "ذي ديلي بيست" بعد توجه ثلاثة صحافيين إلى مسقط رأسه في جورجيا وتحدّثوا مع والده وأهل المنطقة التي نشأ فيها في سهل بانكيسي على الحدود مع الشيشان.
«هذه الأيام، يبدو بانكيسي أقرب الى سوريا من جورجيا»، كتب الصحافيون، والسبب هو تحوّل أغلبية الشباب هناك الى وهّابيين متطرّفين بدل المذهب الصوفي الذي كان منتشراً عند أغلبية السكّان». ومنذ سنوات، بات للمنطقة وشبابها «أسطورة» يريدون التمثّل بها، وهو أبو عمر الشيشاني. سكّان بانكيسي يتناقلون روايات عديدة حول «الأسطورة» تارخان، «عن فيلّته الفخمة وممتلكاته والحرملك الخاص به، وعن ۴۰ حارسا شخصيا، وأخيراً عن زوجته الشيشانية».
وأوضح الأب أن طارخان (27 عاماً) عمل فترة من الزمن مع وحدة النخبة في الاستخبارات الجورجية، تدعى سبيتزناز، وبإصرار يؤكد أن نجله كان موظفاً لدى وزارة الداخلية الجورجية "كودي"، المعروفة بقسوة أساليبها.
وأردفت "ديلي بيست" إن طارخان انتسب لقوات الجيش الجورجي عام 2006، والذي تشرف الولايات المتحدة على برامج تدريبه، وسرعان ما وقع عليه الاختيار للانضمام إلى طاقم الاستخبارات "سبيتزناز"، وأوكلت له مهام استطلاع واستكشاف كتيبة دبابات روسية عام 2008، خلال الحرب بين جورجيا وروسيا.
وقال الأب إن نجله الأكبر تماز هو الذي انضم للقتال في غروزني بالشيشان، في بداية القرن الحالي، ونقل أسرته بكاملها إلى سوريا فيما بعد، ونجى من اشتباكات غروزني، وهو الآن في سوريا "ولا يظهر أبداً"، وأوضح أن تماز هو "العقل المدبر للعناصر الشيشانية المنخرطة في تنظيم داعش" في العراق وسوريا، ولا يرتدي الملابس العسكرية في تحركاته.
أما زوجة طارخان الحالية، سيدا دودوركيفا وباتت تعرف باسم عائشة، فهي كريمة الوزير السابق في الحكومة الشيشانية، آسو دودوركيفا، والذي تم اعفاءه من المنصب من قبل الرئيس رمضان قديروف لدواعي أمنية تخص ابنته سيدا "المقربة من الوهابيين".
اصدقاء "الشيشاني":
يصفه زملاءه انه لم يكن شديد التدين ولكنه كأي شيشاني يريد محاربة الروس اذا ما اتيحت له الفرصة.
حسب قائده في الجيش، أن ابو عمر الشيشاني كان هادئا وله شعبية بين زملاءه وابتعد عن مناقشة الدين،وقد ترقى سريعاُ في الجيش الجورجي وتم ترقيته لرقيب في وحدة استخبارات جديدة في الجيش و كان راتبه 700 دولار وهو اكثر راتب مما كان من أي وقت مضى في حياته.
يتابع قائده في الجيش ويقول: عندما أمرت القوات الجورجية للهجوم على الاقليم الانفصالي المدعوم من روسيا وأوسيتيا الجنوبية في عام 2008، كان Batirashvili (ابو عمر الشيشاني)بالقرب من خط الجبهة، حيث قام بالتجسس على القوات الروسية وترحيل الإحداثيات الخاصة بها إلى وحدات المدفعية الجورجية في حرب استمرت خمسة أيام.
عام 2010 كان تحولاً أساسياً اذ تم اكتشاف انه مصاب بالسل وتم اعفاءه من الجيش لعدم اللياقة الصحية.
اصبح عصبيا و قلقاً بسبب غياب دخله كما يقول قائده السابق، و حاول مساعدة الاسلاميين في روسيا وطلب من قائده بعض الخرائط العسكرية، و بعد ذلك في أيلول 2010 القي القبض عليه بتهمة حيازة اسلحة بصورة غير مشروهة وحكم عليه بالسجن 3 سنوات أي حتى أيلول 2013.
قال ابن عم ابو عمر الشيشاني، انه أوائل 2012 اي بعد 16 شهر فقط اي اقل من نصف المدة ، تم الإفراج عنه،و في احدى المقابلات مع ابو عمر في الانترنت يقول ان السجن كان نقطة تحول له وانه نذر لله في السجن إن تم الافراج عنه سيذهب " للجهاد في سبيل الله".
الانتقال الى سوريا:
انتقل الشيشاني إلى سوريا من خلال الحدود التركية في مارس 2012 . وبعد إعلان إنشاء تنظيم "داعش" الإرهابي بايع زعيمها أبو بكر البغدادي ليصبح منتسبا إلى التنظيم رسميا ثم عُين أميرا للمنطقة الشمالية قبل أن يصبح قائدها العسكري.
تزعم الشيشاني في البداية جيش المهاجرين الأنصار الذي يعد الأشرس بين الجماعات المسلحة حيث شارك في عدد كبير من عمليات ذبح الأسرى من الجيش السوري أو المسلحين من طوائف أخرى.
بعدها تولي منصب المسئول العسكري لداعش بشمال العراق عام 2013، كما تعتبر سوريا أول بلد نفذ فيها نشاطه الجهادي بعد أن تحول لهذا التوجه عقب فقدانه عمله ووالدته.
أوامره تترجم للغات متعددة :
أوضح مراسل صحيفة الغارديان البريطانية بمدينة "حلب" بسوريا الذي أجرى لقاءات مع بعض جهاديي سوريا عام 2012، أوضح أن الشيشاني يصدر أوامره باللغة العربية للمقاتلين ثم تترجم بعد ذلك إلى مجموعة من اللغات المختلفة منها الشيشانية، والطاجيكية، والتركية، والفرنسية، واللهجة السعودية، والأردو.
كما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تصريحات بعض من خدموا في قوات قادها "الشيشاني" أكدوا أنه لم يتسم أبدا بالتعصب أو التطرف الديني، ولكنها تساءلت عن سبب انضمام الشيشاني للحروب التي تتخذ الدين شعارا لها على الرغم من كونه محاربا بالجيش الجورجي في الأساس.
وشارك الشيشاني في العامين الأخيرين في معارك عديدة داخل سوريا كاقتحام مطار "منج" العسكري في ريف حلب، والهجوم على كتيبة الطعانة، ومناطق الشيخ سليمان، كما كانت أنباء قد تواردت عن مقتله على يد جبهة النصرة بسوريا ما أثار صراعا بين الفصائل الجهادية هناك، ويقود حالياً "ابو عمر"عمليات التنظيم ضد الأكراد في كوباني "عين العرب".
وكان أمير "داعش" أبو بكر البغدادي قد أوكل للشيشاني مهمة قيادة العناصر الإرهابية في سيناء، لإتمام ما أطلق عليه عملية فتح مصر، ضمن خطة ما يسمى بإقامة الخلافة الإسلامية، حيث كان من المقرر أيضا أن يتولى الشيشاني إمارة مصر.
الجدير بالذكر أن أمير "داعش" أبو بكر البغدادي هو الأخر قد تلقى تدريباً من قبل الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية وخضع لدورات أمنية مشددة.