الوقت- شهدت الجولة الثالثة عشرة لجلسة الحوار الوطني اللبناني التي عقدت الاثنين في عين التينة سجالات سياسية بشأن التوتر الحاصل بين إيران والسعودية على خلفية إرتكاب الإخيرة جريمة إعدام "الشيخ نمر باقر النمر" وما تبعها من إحتجاجات شعبية واسعة في إيران والتي تخللها إقتحام السفارة السعودية في طهران من قبل بعض المواطنين الإيرانيين الغاضبين.
وعقدت الجلسة بحضور رئيسي مجلسي النواب والوزراء اللبنانيين "نبيه بري" و"تمام سلام"، ورؤساء الكتل النيابية. ومثّلَ رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب "ميشال عون" في هذه الجلسة وزيرُ الخارجية "جبران باسيل"، فيما مثّل زعيمَ "تيار المردة" النائب "سليمان فرنجية "الوزيرُ السابق "يوسف سعادة".
وناقش الحوار مجمل قضايا الساعة محلياً وإقليمياً، لاسيّما ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية اللبنانية ومحاولات إحداث ثغرة في جدارها، والحاجة الملحة لتفعيل الحكومة المعطلة لمنع حصول إنهيارات على أكثر من صعيد، مروراً بالتوتر الدبلوماسي بين إيران والسعودية.
وخلال الجلسة أوضح "جبران باسيل" موقف لبنان بالامتناع عن التصويت لصالح القرار الذي أصدره وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماعهم الطارئ الذي عقد الاحد في القاهرة، علماً بأن تقارير عديدة كانت قد تحدثت في وقت سابق عن مصادر رئيس الحكومة اللبنانية ان ما قام به "باسيل" وهو رئيس التيار الوطني الحر جاء بالتنسيق مع رئيس الوزراء وتم التفاهم عليه سلفاً.
واكد وزير الخارجية اللبناني ان قرار الجامعة العربية الذي تضامن مع السعودية وهاجم إيران لا ينسجم مع سياسة حكومة بلاده في الابتعاد عن التدخل في شؤون الدول الاخرى واعتماد سياسة النأي عن الأزمات، فيما اعترض رئيس كتلة "المستقبل" النيابية "فؤاد السنيورة" قائلاً : " كنت أفضل تبني قرار الجامعة العربية وعدم الامتناع عن التصويت على البيان الختامي".
وجاء موقف "السنيورة" متناغماً مع موقف رئيس تيار المستقبل النائب "سعد الحريري" الذي أشاد في بيان صادر عن مكتبه بقرار وزراء الخارجية العرب، وأعرب عن أسفه لامتناع باسيل عن التصويت على قرار الجامعة.
وكان "باسیل" قد دعا خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب الى التهدئة بين إيران والسعودية، وأكد على ضرورة إنتهاج الطرق الدبلوماسية والسلمية في حل النزاعات حرصاً على دوام الأمن والاستقرار في المنطقة. واضاف: "لنقطع رأس الفتنة التي لن يستفيد منها سوى المتربصين بدولنا وشعوبنا، وفي مقدمتهم الكيان الاسرائيلي العنصري من جهة، والإرهاب الداعشي التكفيري من جهة اخرى".
كما رفض وزير الخارجية اللبناني ربط اسم حزب الله بالأعمال الإرهابية وتضمين ذلك في البيان الختامي لوزراء الخرجية العرب، فيما أكد الكثير من المراقبين والمحللين بأن اقحام هذا الموضوع في جدول أعمال الاجتماع العربي جاء بناء على رغبة سعودية.
من جانبه وصف رئيس الحكومة اللبنانية "تمام سلام" موقف بلاده في الاجتماع العربي بشأن التوتر السعودي – الإيراني بـالممتاز، فيما أعرب النائب "وليد جنبلاط" ورئيس الحزب الديموقراطي النائب "طلال ارسلان" لدى مغادرتهما جلسة الحوار عن تفهمهما لموقف وزير الخارجية، مؤكدين في الوقت ذاته على أهمية مواصلة الحوار الوطني وحفظ التضامن الداخلي.
وفي وقت سابق اكد الرئيس اللبناني "ميشال سليمان" أن سياسة الحوار والتروي وعدم التدخل في شؤون البلدان الأخرى هي أفضل الحلول لإرساء السلام بين المجتمعات والدول كافة، كون الحروب والحروب المضادة لا تنتج سوى الدمار.
وتجدر الاشارة الى أن البیان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب کان قد تجاهل تماماً الاعتداء السعودي علی السفارة الإیرانیة فی العاصمة اليمنية صنعاء والذی أدی إلی وقوع إصابات في صفوف موظفي السفارة، وهو ما أثار اعتراضات من قبل وزیر الخارجیة اللبناني، تلاها الامتناع عن التصویت علی البیان، وهو ما شكّل صفعة كبيرة للسعوديين، نظراً لما يشكله لبنان من ثقل سياسي ودبلوماسي في العالم العربي بشكل خاص والمنطقة بشكل عام.
وتجدر الاشارة كذلك الى أن دولا عربية أخرى بينها العراق والجزائر اعترضت أيضاً على بيان الجامعة العربية بشأن التوتر الإيراني - السعودي وهو ما يرفض بشكل واضح مزاعم الرياض بأن هناك إجماعاً عربياً لدعم موقفها ضد طهران.