الوقت-على الذين ينتظرون تسوية رئاسة الجمهورية، سواء بنكهتها «الفرنحية» أو «العونية»، الإنتظار بعض الشيئ الذي بدأت بوادره بالخروج إلى العلن إثر تأكيد مصادر عدّة نيّة «الحكيم» إعلان ترشيحه للجنرال عون ردّاً على تسوية الحريري.
ما تؤكده العديد من المصادر المطّلعة، ترتيب جعجع للخطوات التقنية لاعلان ترشيح رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، بصرف النظر عن كون القرار نابع من منطلق الـ"نكاية" بسبب الثأر الشخضي بين الحريري وجعجع الذي نما مع تسوية فرنجية، أو بسبب قناعة جعجع بمشروع العماد عون، رغم أنه أمر مستبعد، أو بسبب إحتراق أوراقه الذي أجبره على إنتخاب «الجنرال» كأهون الأمرين، أمام «البيك» المسيحي.
إلا أن هذه المصادر تلتقط أنفاسها قليلاً لتؤكد أن «الحكيم» لا يريد «الخروج من المولد بلا حمّص» خارجياً، بعد أن خسر معركته الرئاسية داخلياً، وبالتالي «بالتزامن مع الترتيبات القائمة بين القوات والتيار» والتي قد تفضي إلى «شبه تحالف» بين جعجع وعون، فإن رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية ينتظر أي تبني خارجي لمبادرته التي سترد الصاع صاعين للحريري وتسيربالعلاقة بين المستقبل والقوات نحو الهاوية التي تفتح إشكالٍ مباشر مع السعودية، وهذا ما ترفضه الأخيرة، خاصّة في ظل إحتدام الإنقسام الإقليمي بعد الأزمة الاخيرة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
تلويح جعجع بتبني الجنرال يعني، بشكل أو بآخر، ضرب «الحكيم» على وتر الحريري الصعب الذي يهدف إلى تعريته داخلياً وإقتلاع «مبادرته من جذورها»، لأن موقفه هذا، لو حصل، سيكون القشة التي تقصم ظهر 14 أذار وما يسمى بـ«ثورة الأرز».
بالفعل، تتجه الأمور حالياً إلى وضع الحريري في خانة «اليك»، بعد أن وضع الأخير جعجع، في خانة «اليك» إثر تسوية فرنجية، الأمر الذي لم يمرّ مرور الكرام عند رئيس حزب القوات اللبنانية، الذي ملّ من التذبذب الحريري وسياسته «الجنبلاطية» التي تستسهل نقل البارودة من كتف إلى آخر.
إن إمتعاض جعجع من الحريري بسبب تهميش الأخير للأول والتصرف معه كملحق في الفترة السابقة عموماً، وموضوع الرئاسة على وجه الخصوص، قد يؤدي إلى فك الإرتباط بين الحريري وحليفه المسيحي الأبرز. لكن العديد من المصادر تؤكد أن جعجع لن يعلن ترشيح عون «رسمياً» من دون الرجوع إلى الحريري، إلا إذا أعلن الأخير «رسمياً» ترشيح «سيلمان بيك» إلى الرئاسة، وهذا ما يعني قطع «شعرة معاوية» بين تياري المستقبل والقوات اللبنانية، وردّ «تحيّة الحريري بأحسن منها».
لا ينحصر موقف جعجع برد الصاع الحريري، بل يهدف من خلال هذا الدعم للحصول على تطمينات عونية بترشيحه في الدورة الرئاسية القادمة، خاصّة أن «الجنرال» مستعد لدفع كافة التكاليف مقابل الوصول إلى قصر بعبدا قبل أن يفوت الآوان. جعجع، اليوم في عجلة من أمره كي لا يفوته القطار، فقناعته بصدق موقف حزب الله مع عون الأمر الذي يعني إسقاط مبادرة الحريري فرنجية، يقابله إصرار من الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط على دعم مبادرة «الشيخ سعد» التي أكد الوزير نهاد المشنوق، بعد زيارته أمس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، أن «الحريري مستمر في ترشيحه النائب سليمان فرنجية».
سقطت حظوظ جعجع من خلال معركة «الأوراق البيضاء»، لذلك يسعى لإعادتها اليوم بترشيح الجنرال مقابل جملة من الضمانات الخارجية والداخلية، سواء بما يخص الواقع القواتي المسيحي، أو دعمه للرئاسة في الدورة المقبلة، خاصةً أنه يدرك جيداً أن ترشيح الجنرال عون لا يؤثر على النتائج النهائية للأزمة الرئاسية سوى إنتقال دفّة تأمين النصاب من طرف إلى آخر(معركة ما بعد الدورة الأولى، أي الثانية والثالثة وما بعدها، هي معركة "نصاب" اي تأمين الثلثين بعد ان أصبح الانتخاب بالنصف زائدا واحدا اي 65 نائبا).
الكرة الرئاسة في معركة «عض الأصابع» تارة تنحو صوب الرئيس فرنجية المدعوم من المستقبل وجنبلاط والرئيس برّي، وتارة الجنرال المدعون من حزب الله، وجعجع في حال أعلن ترشيحه. الجنرال بالنسبة إليه اليوم، المعركة هي معركة تتعدى «عض الأصابع» إلى كسر العظم، وبالتالي تؤكد مصادر عونية «وجود قناعة لدى الجنرال أن ثباته على الرئاسة دفع بالحريري لطرح فرنجية مُكرها، وبالتالي ثبات ثلاث أشهر إضافية قد يكره الحريري، مجدّداً، على طرحه».