الوقت - في هذه الايام نری ان التخبط السعودي قد زاد في الكثير من المجالات خاصة بعد فشل جميع خطط الرياض العدوانية والتدخلية في سوريا والیمن وكذلك البحرين وصولا الی فشل سياساتها داخليا. حيث ان الرياض اصدرت مؤخرا حكما جائرا وسياسيا ضد احد ابرز علماء الدين في العالم الاسلامي وهو الشيخ المجاهد والمناضل «نمر النمر» عالم الدين السعودي.
حيث ان السعودية حاولت خلال الايام الماضية عبر اصدار حكما يقضي باعدام الشيخ النمر تعزيریا، تعويض هزائمها النكراء التي منيت بها خاصة في سوريا وكذلك الیمن. وبعد ماصرفت السعودية وكذلك دول عربية اخری عشرات المليارات من الدولارات خلال الاعوام الثلاثة الماضية لاسقاط حكومة الاسد، فقد فشلت جميع هذه المساعي السعودية الخبيثة وبقی نظام الاسد قويا متجاوزا حقبة الانهيار والسقوط عبر الضغوط الاجنبية. وبعد هذه الهزيمة من العيار الثقيل التي منيت بها السعودية، واجهت هذه الدولة المصابة بمرض الشيخوخة، هزيمة نكراء اخری لا تقل عن هزيمتها العظمی في سوريا، وهي لم تكن سوی الهزيمة في الساحة الیمنية، حيث ادی سقوط الحكومة الموالیة للسعودية في الیمن الی اشعال غضب ملوك السعودية ولم يجدوا مكانا لتفريق هذا الغضب سوی اصدار حكم الاعدام ضد فضيلة الشيخ نمر النمر المعتقل منذ فترة طويلة في زنازين سجون السعودية.
لكن السعودية من المفترض ان تعرف جيدا ان تنفيذ حكم الاعدام بحق شخصية بثقل الشيخ النمر سيكون كالعاصفة التي ستنزل علی رؤوس آل سعود ولم تتوقف قبل اسقاط مملكتهم المنهارة من الاساس. نعم اي مساس بهذه الشخصية الاسلامية الكبيرة من قبل اسرة آل اسعود سيؤدي دون شك الی انهيار هذه الاسرة الفاسدة والدكتاتورية التي نهبت وسرقت خيرات شعب الجزيرة العربية (والتي تم تغيير اسمها ظلما من قبل اسرة ال سعود) منذ عدة عقود. حيث سوف لم تبقی الاحتجاجات منحصرة علی سكان المناطق الشرقية في السعودية بل وكما اصبحت الیوم فان هذه الاحتجاجات ستكون دولية خاصة في ايران ودول الخليج الفارسي. الیوم مئات الملايين من المسلمين في شتی بقاع العالم يدافعون عن الشيخ نمر ويطالبون بانهاء عقوبة السجن ضده.
والكثير من المتابعين يصرحون بان السعودية تعرف جيدا انه ليس بمقدورها القيام باي مساس تجاه الشيخ النمر وكل هذه الضجة المفتعلة هي مناورة سياسية واعلامية لتدعي السعودية ان الغضوطات الخارجية لم تؤثر علی قرارها، لكن في الواقع الاعلان عن حكم الاعدام من قبل السعوديين في حق الشيخ المعتقل يدل وبوضوح علی ان السعودية ارتبكت سياساتها وفقدت زمام الامور في الكثير من الملفات الداخلية والخارجية التي تهمها.
وإذا ما اردنا ان نلقي نظرة واقعية ودقيقة علی المشاكل الداخلية التي تعاني منها السعودية فاننا سنری ان هذا البلد يعاني من ازمة طاحنة داخليا بسبب عدم وجود العدالة وانتشار الفساد في جميع الاصعدة خاصة من قبل الامراء ورأس القيادة المتمثل في الملك السعودي. فان الشعب السعودي وفي الكثير من المناطق السنية والشيعية يعاني من نسبة البطالة المرتفعة وارتفاع باهض في نسبة الاجار بسبب عدم وجود مساكن كافية رغم مبيعات مئات المليارات من الدولارات سنويا من النفط.
فنظرا لهذه المشاكل والازمات الداخلية تظن الاسرة الحاكمة في السعودية ان اعدام الرموز الدينية والسياسية من الممكن ان يودي الی اخماد نيران الاحتجاجات الشعبية وهذا خطأ استراتيجي قاتل دون اي شك. الشعب السعودي سيزداد اكثر غضبا وسيخرج الی مقاتلة النظام السعودي حتی لو انه لم يمتلك سلاحا حيث سيقاتل بصدوره العارية وسيقف امام رصاص قوی الامن السعودي دون اي خوف. كما ان الشعب السعودي له دول وشعوب كثيرة في العالم ستدعم نضاله الشرعي ضد اسرة آل سعود الجائرة.
كما ان اصدار حكم الاعدام بحق الشيخ نمر يعتبر ارهابا منظم من قبل الحكومة السعودية بسبب ان فضيلة الشيخ لم يرتكب اي مخالفة قانونية هذا إذا كان في السعودية قانونا عادل اصلا. فان هذا الحكم غير العادل صدر بسبب مناهضة الشيخ للسياسات الجائرة التي تفرضها السعودية ضد الشعب السعودي سواء كان سنيا او شيعيا. فضيلة الشيخ النمر فقط يطالب بان تكف السعودية عن سياساتها القمعية والامنية تجاه الشعب وان تعطي هذا الشعب حقوقه التي كفلتها الاعراف السماوية والقوانين الدولية لا اقل ولا اكثر.
ومن المضحك ان تقول ما تسمی بالسلطة القضائية السعودية ان الخروج علی ولي الحكم وتعني هنا بالطبع الملك السعودي كان احد اسباب هذا الحكم الجائر الصادر بحق الشيخ النمر، فنسئل هنا اي ولي امر هذا وهل تم انتخابه من قبل الشعب عبر الطرق الديمقراطية ام انه تم تنصيبه من قبل القوی الاستعمارية علی مقدرات الشعب السعودي؟. الاجابة علی هذا السؤال واضحة جدا انه لا يوجد ملك ولا امير ولا اميرة في السعودية منتخبة من قبل الشعب بل جميع هؤلاء وضعوا انفسهم علی الشعب عبر ممارسة سياسة النار والحديد. إذا كيف يكون من الملزم طاعة هولاء الذين فرضوا انفسهم علی الشعب السعودي؟.
واخيرا يجب علی السعودية ان تعلم ان اي تاخير في عملية اطلاق سراح الشيخ النمر او لا سمح الله المساس به سيكلف السعودية دون اي شك اثمان باهضة سيكون انهيار نظامها بالكامل اقل هذه الاثمان. كما ستشتعل السعودية داخليا وسيصبح وضعها أسوء من وضع الیمن خلال الاشهر الماضية. إذاً خير مايمكن ان تفعله السعودية لتفادي اثارة مزيدا من الغضب الشعبي هو اطلاق سراح الشيخ النمر باسرع وقت ممكن دون اضاعة الفرصة، وإلا فان العالم الاسلامي سيلقن اسرة آل اسعود دروسا لم تنساها ابدا.