الوقت- مع توقف الحرب في غزة، سعى قادة الكيان الصهيوني إلى التركيز على اليمن لشن معركة مباشرة ضد حركة أنصار الله اليمنية، ورغم نجاح المواجهات بين اليمن والكيان الصهيوني، يعتزم قادة الكيان تمهيد الطريق لمعركة جديدة مع حركة أنصار الله اليمنية، خلال حرب "إسرائيل" التي استمرت عامين على شعب غزة، فرضت حركة أنصار الله اليمنية، لدعم المقاومة الفلسطينية، حصارًا بحريًا على الصهاينة بجعل البحر الأحمر غير آمن، ما أدى إلى خسارة الاقتصاد الصهيوني مليارات الدولارات وإغلاق ميناء إيلات، لذلك، يعتزم الصهاينة الرد على الإجراءات اليمنية بمعركة منفصلة في المستقبل القريب.
وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة "الأخبار" بعد وقف إطلاق النار وتوقف الحرب في غزة، أن جهاز الموساد يسعى لتجنيد مرتزقة في اليمن لجمع معلومات تمهيدًا لتصعيد التوتر العسكري مع هذا البلد مستقبلًا، ووفقًا للصحيفة، يسعى الكيان الصهيوني إلى فصل ملف اليمن عن ملف الحرب على قطاع غزة تمهيدًا لتصعيد التوتر العسكري ضد صنعاء، ولهذا الغرض، تسعى "إسرائيل" لتجنيد جواسيس في اليمن، وأضافت الصحيفة: أطلق جهاز الموساد حملة تجنيد واسعة النطاق خلال اليومين الماضيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، داعيًا من يصفهم بـ"معارضي حركة أنصار الله اليمنية" إلى الانضمام إلى وحدة الموساد 504.
كما شدد داني سيترينوفيتش، رئيس قسم إيران في قسم أبحاث "أمان" التابع للجيش الإسرائيلي، في مقال له على موقع "إسرائيل اليوم" الإلكتروني العبري، على ضرورة زيادة التركيز على اليمن لمواجهة أنصار الله بفعالية، مشيرًا إلى الفرصة التي أتاحها وقف الحرب في غزة.
ويظل اليمن أيضًا تحديًا كبيرًا ولا تزال تصريحات كبار المسؤولين اليمنيين بعد وقف إطلاق النار في غزة واضحة: لا يمكن استعادة "العملاق اليمني" الذي خرج من القمقم في حرب "السيوف الحديدية"، ولا ترى القيادة اليمنية نفسها حاميةً للفلسطينيين في غزة فحسب، بل حاميةً لمحور المقاومة بأكمله، ويهدد كبار المسؤولين اليمنيين بمهاجمة "إسرائيل"، ليس فقط إذا لم تلتزم بوقف إطلاق النار، بل حتى إذا واصلت هجماتها على لبنان.
ووفقًا لهذا الخبير الصهيوني، "حتى الآن، ورغم الهجمات الإسرائيلية العديدة على اليمن والحرب الأمريكية على أنصار الله، لم تنجح "إسرائيل" في خلق "توازن ردع" يمنع اليمنيين من إشعال النار في إسرائيل والسفن المارة عبر مضيق باب المندب".
تجدر الإشارة إلى أن القناة 12 التابعة للكيان الصهيوني أكدت في الأيام الأخيرة أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تخطط لمواصلة العمليات ضد اليمن حتى بعد انتهاء الحرب في غزة، نقلت الشبكة الصهيونية عن مسؤول أمني رفيع المستوى في الكيان، لم تُكشف هويته، قوله: "بعد مناقشات مكثفة جرت مؤخرًا داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، تقرر فصل قضية اليمن عن قضية غزة، بحيث تستمر المواجهة العسكرية مع اليمن بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة".
وكما يتضح من تصريحات وأفعال قادة الكيان الصهيوني، تستعد "إسرائيل" لشن سلسلة من الهجمات والعمليات العسكرية ضد اليمن بهدف إضعاف حركة أنصار الله، وليس من المستبعد أن نشهد خلال الأشهر المقبلة بداية سلسلة من المواجهات العسكرية المباشرة بين الكيان الصهيوني وأنصار الله في اليمن.
وفي حال اندلاع مواجهات مباشرة بين الكيان الصهيوني وأنصار الله في اليمن، يمكن توقع عدة سيناريوهات، ومن المحتمل أن يستخدم الكيان الصهيوني مزيجًا من جميع السيناريوهات، الضربات الجوية المباشرة وجيش الكيان الصهيوني جيشٌ يعتمد على الطيران، ويعتمد بشكل رئيسي في عملياته العسكرية على سلاحه الجوي، خلال العامين الماضيين، شنّ جيش الكيان هجماته المتقطعة على اليمن مستخدمًا القوة الجوية فقط.
ومن بين الإجراءات التي سيتخذها جيش الكيان قصف أهداف مثل قواعد الصواريخ ومستودعات الأسلحة ومراكز إنتاج الأسلحة، بالإضافة إلى مهاجمة بنى تحتية رئيسية مثل مطار صنعاء وموانئ الحديدة ومحطات الطاقة، كما سيحاول الكيان اغتيال القادة العسكريين اليمنيين من خلال هجمات مُستهدفة.
إلا أن هذا الإجراء له حدود بالنسبة للصهاينة، منها التكلفة الباهظة لرحلات العودة المستمرة لجيش الكيان من الأراضي المحتلة إلى الحدود، والتي، بالإضافة إلى تكلفتها الباهظة، تنطوي على احتمال تضرر الطائرات المقاتلة أو إسقاطها بواسطة الدفاعات اليمنية، لذلك، قد يكون هذا خيارًا مناسبًا لشن الهجمات، لكن الصهاينة بحاجة إلى خطط أخرى أيضًا.
عمليات برية محدودة
كما ذُكر، لا تكفي العمليات الجوية وحدها للصهاينة لقتال اليمنيين، لذا سيحاولون استخدام قواتهم الخاصة لتنفيذ عمليات محدودة، مستخدمين جزءًا منها لضرب أهداف محتملة أو اغتيال أفراد، وكما حدث في الحرب السعودية اليمنية، كانت قوات خاصة أمريكية صغيرة موجودة في الميدان.
لكن مثل هذه العمليات لن تكون كافية أيضًا، فنظرًا للظروف الجغرافية المعقدة لليمن، والمستوى العالي من المهارة القتالية للمقاتلين اليمنيين في المعارك البرية، والخبرة المكتسبة من الهزيمة الساحقة التي مُني بها التحالف السعودي في حربه مع اليمن، فإن خطر تنفيذ مثل هذه العمليات في مناسبات متعددة مرتفع للغاية. وفي أحسن الأحوال، ستتمكن القوات الخاصة التابعة لجيش الكيان الصهيوني من تنفيذ مثل هذه العمليات في حالات محدودة، بغض النظر عن احتمالية الفشل أو النجاح.
استخدام القوات البحرية
يمتلك جيش الكيان الصهيوني العديد من السفن الحربية التي لم تشارك بعد في العمليات البحرية ضد أنصار الله اليمنيين. في أي معركة مستقبلية محتملة، من المرجح أن يكون للبحرية الإسرائيلية حضورٌ قويٌّ في تنفيذ هجمات صاروخية أو صد هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ التي تشنها جماعة أنصار الله اليمنية لدعم العمليات العسكرية ضد اليمن، وبالطبع، ونظرًا لصغر حجم البحرية التابعة للكيان، فمن غير المتوقع أن تلعب دورًا حاسمًا في العمليات البحرية ضد اليمن، وتشير التقييمات إلى دورها في دعم العمليات العسكرية أو عمليات الاعتراض.
استخدام القوات الإرهابية والمرتزقة
سيكون دعم المتمردين والقوات المعارضة لأنصار الله أحد الخيارات الممكنة للصهاينة، والذي يعتقد قادة هذا الكيان أنه سيكون له دورٌ خاص. في أجزاء مختلفة من اليمن، توجد حاليًا جماعات إرهابية ومتمردة معارضة مدعومة من دول، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أو منظمات شبه عسكرية أخرى، وقد تعاون الكيان الإسرائيلي سابقًا بشكل كبير مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في هذا المجال ضد جماعة أنصار الله اليمنية.
ومن السيناريوهات التي راهن عليها الصهاينة بشكل خاص، توفير الأسلحة والتدريب للإرهابيين والمتمردين لمهاجمة مناطق سيطرة أنصار الله في اليمن، أو التعاون مع تحالف عربي لتنظيم الجماعات الإرهابية لشن حرب برية واسعة النطاق.
كما ذُكر سابقًا، من الممكن أن يشن الكيان الصهيوني حربًا باستخدام جميع السيناريوهات المتاحة لمواجهة أنصار الله في اليمن على نطاق واسع، لأن المهارة العالية للمقاتلين اليمنيين ومعداتهم الخاصة، بالإضافة إلى خبرتهم المكتسبة من حرب السنوات الثماني مع التحالف السعودي، قد أوصلت حركة أنصار الله إلى مستوى معين من القوة العسكرية يصعب على الصهاينة مواجهتهم مباشرة.
وبالطبع، يجب ألا ننسى كيف، خلال حرب السنوات الثماني للتحالف السعودي على اليمن، والتي كان الصهاينة حاضرين فيها أيضًا، اضطر عدو أنصار الله في اليمن، الذي كان يمتلك جميع الإمكانيات العسكرية والتسليحية في العالم ويحظى بدعم كامل من القوى الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، إلى مغادرة الأراضي اليمنية وطلب وقف إطلاق النار مع حركة أنصار الله في اليمن، ولعل من الضروري لقادة الكيان الصهيوني أن يراجعوا ذكريات الحرب التي استمرت ثماني سنوات في اليمن، وأن يفكروا أكثر في العواقب والتداعيات المحتملة للعمل العسكري ضد المقاتلين والمجاهدين اليمنيين، حتى لا يقعوا في مستنقع أكثر صعوبة بعد غزة.
