الوقت - تتصاعد المأساة الإنسانية في قطاع غزة يوماً بعد يوم مع استمرار العدوان الإسرائيلي الذي تجاوز عامه الأول، لتطال آثاره مختلف فئات المجتمع، وفي مقدمتها الأطفال الذين يواجهون مستويات خطيرة من الجوع وسوء التغذية وانعدام الرعاية الصحية الأساسية.
وأوضح المدير العام لجمعية العودة الصحية والمجتمعية، رأفت المجدلاوي، أن أوضاع الأطفال في غزة بلغت مستوى من الألم والمعاناة “يفوق التصور”، مشيراً إلى أن الأرقام المسجّلة “تكشف حجمًا صادمًا من الانتهاكات” التي يتعرض لها الصغار في ظل استمرار الحرب والحصار، بحسب “الجزيرة”.
وأكد المجدلاوي أن 154 طفلاً فقدوا حياتهم نتيجة سوء التغذية، بينما يتلقى أكثر من 51 ألف طفل العلاج في المراكز الصحية والمستشفيات بسبب أمراض ناتجة عن نقص الغذاء وسوء الوضع الصحي.
وأوضح أن كل يوم في أثناء العدوان يشهد فقدان 77 طفلاً أحد والديهم، ما يجعلهم أيتامًا في ظل غياب مقومات الحياة الأساسية، مضيفًا أن 16 حالة إجهاض تُسجّل يوميًا بفعل الجوع وانعدام الرعاية الطبية للحوامل.
وتحدث المجدلاوي عن استشهاد أكثر من ألف رضيع تقل أعمارهم عن ستة أسابيع، إلى جانب مقتل 450 جنينًا في بطون أمهاتهم، مشيرًا إلى أن نحو 12 ألف حالة إجهاض سُجلت منذ بداية العدوان بسبب تدهور الأوضاع الصحية وفقدان الخدمات الطبية.
وأشار المدير العام لجمعية العودة الصحية إلى أن نصف مليون طفل في غزة حُرموا من التعليم للعام الثاني على التوالي بعد تدمير المدارس أو تحويلها إلى ملاجئ للنازحين، ما يهدد مستقبلهم الدراسي ويضاعف معاناتهم النفسية والاجتماعية.
كما لفت إلى أن 40 ألف طفل دون عام واحد يحتاجون يوميًا إلى الحليب، بينما يبلغ عدد الأطفال المحتاجين إليه 107 آلاف، في وقتٍ تعاني فيه السوق المحلية من شحّ الكميات وارتفاع أسعارها بما يفوق قدرة العائلات المنكوبة.
وبيّن المجدلاوي أن الأزمة لم تقتصر على الجانب الغذائي، بل امتدت لتشمل اضطرابات نفسية عميقة بين الأطفال الذين يعيشون يوميًا مشاهد القتل والدمار، محذرًا من أن هذه الصدمات ستترك آثارًا طويلة الأمد على جيلٍ كامل ما لم تُقدَّم له تدخلات عاجلة في الدعم النفسي والاجتماعي.
وشدّد على أن الأطفال في غزة بحاجة إلى خطة إنقاذ إنسانية متكاملة تشمل الدعم النفسي والتأهيل المجتمعي، معتبرًا أن هذه الجوانب أصبحت “ركنًا أساسيًا من أي جهد إغاثي حقيقي”.
وفي حديثه عن التحرك الدولي المطلوب، دعا المجدلاوي المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لتبني خطة شاملة لمعالجة تداعيات الكارثة، مؤكدًا أن وقف العدوان وحده لا يكفي ما لم تُتخذ إجراءات ملموسة لإغاثة الأطفال وإنقاذ حياتهم.
وبيّن أن نحو 5200 طفل جريح بحاجة إلى إجلاء طبي فوري إلى خارج القطاع، في ظل عجز المنظومة الصحية عن توفير العلاج اللازم لهم، مشددًا على ضرورة إنشاء مراكز إيواء آمنة للعائلات التي تضم أطفالًا لتوفير بيئة تحميهم من الخوف والنزوح المستمر.
وختم المجدلاوي بالتأكيد على أهمية إعادة تأهيل المدارس وتجهيزها لاستقبال أكثر من نصف مليون طالب، لضمان استئناف التعليم وتعويض الفاقد الدراسي الذي تسببت به الحرب والحصار خلال العامين الماضيين.
