الوقت - طوّر فريق بحثي نظامًا طبيًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكنه التنبؤ بخطر الإصابة بأكثر من ألف مرض مختلف قبل ظهور الأعراض بعشرين عامًا.
يُعرف النظام باسم Delphi-2M، وقد حقق دقة بلغت 76% في التوقعات القصيرة المدى، ودقة تقارب 70% في التوقعات المستقبلية الطويلة المدى. ويتفوق على أدوات التنبؤ التقليدية التي تركز عادةً في التنبؤ بخطر الإصابة بمرض واحد فقط، إذ يستطيع النظام الجديد تقييم احتمالات الإصابة بمجموعة واسعة من الأمراض في الوقت نفسه.
نُشرت الدراسة الخاصة بهذا النظام في مجلة Nature في 17 سبتمبر، وسنوضح فيما يلي المزيد من التفاصيل المتعلقة بنظام Delphi-2M:
نظام Delphi-2M للتنبؤ بالإصابة بالأمراض
يعتمد Delphi-2M على منهجية مشابهة لتلك المستخدمة في معالجة النصوص في النماذج اللغوية الكبيرة، فكل تشخيص طبي يُسجل في السجل الصحي للمريض مع العمر الذي شُخص فيه يُحوَّل إلى (رمز) Token، ثم يقرأ النظام هذه السلسلة من الرموز الطبية ويحللها، ثم يحدد المرض التالي الذي من المُتوقع أن يُصاب به الشخص، وموعد ظهوره المُتوقع.
على سبيل المثال: قد يُظهر النظام لشخص يبلغ 60 عامًا ويعاني السكري وارتفاع ضغط الدم أن خطر إصابته بسرطان البنكرياس أعلى بـ 19 مرة. وإذا شُخص بالسرطان، يرتفع خطر وفاته إلى نحو 10,000 مرة مقارنة بالشخص العادي.
النموذج مبني على بُنية المحولات (Transformers) التي تحلل عدة عناصر مختلفة لتحديد العلاقات بينها، وتحلل هذه البُنية في نظام Delphi-2M الرموز الطبية وعوامل نمط الحياة مثل: التدخين ومؤشر كتلة الجسم، بالإضافة إلى البيانات الديموغرافية، لتوقع الإصابة بأمراض معينة.
النتائج مقارنة بالأدوات الأخرى
قارن الباحثون بين أداء نظام Delphi-2M وأدوات طبية أخرى تعتمد على التعلم الآلي وتُستخدم للتنبؤ بالإصابة ببعض الأمراض، وكانت النتائج على النحو التالي:
توقع الإصابة بأمراض القلب: سجل النموذج الجديد قيمة تبلغ 0.70 وفق مقياس (AUC) مقابل 0.69 لأداة AutoPrognosis و 0.71 لأداة QRisk3.
توقع الإصابة بالخرف: حقق النموذج الجديد قيمة تبلغ 0.81 مثل أداة UKBDRS.
ومع أن أداء النظام الجديد قريب من الأدوات التقليدية، فإن هذه الأدوات تركز في مرض واحد فقط، وأما Delphi-2M فيقدم تحليلًا متزامنًا لمجمل المخاطر الصحية، ويمكنه التنبؤ بالإصابة بأكثر من مرض في الوقت نفسه.
القيود والتحديات
يواجه النظام الجديد عددًا من القيود، أبرزها:
تنخفض دقة التنبؤات الطويلة المدى (20 عامًا) إلى نسبة تتراوح بين 60% و 70% تقريبًا.
صعوبة التنبؤ بالأمراض النادرة أو المرتبطة بالبيئة.
الاعتماد على قاعدة بيانات محدودة من البنك الحيوي البريطاني (UK Biobank)؛ مما يفرض الحاجة إلى توسيع نطاق التجارب العملية، واختبار النظام على مجتمعات متنوعة لاكتساب بيانات جديدة.
التطبيقات المستقبلية
يمكن أن يساهم نظام Delphi-2M مستقبلًا في إحداث نقلة نوعية في مجال الطب الوقائي والتشخيص المبكر، إذ يمكن استخدامه لمساعدة الأطباء في تحديد المرضى الأكثر عرضة للإصابة بأمراض مزمنة قبل ظهور أعراضها بسنوات طويلة، مما يتيح التدخل المبكر وتخصيص الخطة العلاجية أو نمط الحياة الوقائي لكل مريض على حدة.
كما يمكن دمجه في أنظمة الرعاية الصحية الإلكترونية لمتابعة الحالات باستمرار وتحديث التوقعات مع كل زيارة طبية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذا النظام توفير بيانات مهمة لشركات الأدوية والتأمين والجهات الصحية العامة.
لكن أمامه عقبات قبل اعتماده سريريًا، مثل: التحديات المتعلقة بالخصوصية، وصعوبات الدمج مع أنظمة الرعاية الصحية، والحاجة إلى إثبات دقته في التنبؤ بالأمراض في مجتمعات متنوعة حول العالم.