الوقت- أظهرت دراسة حديثة لمجلة عسكرية متخصصة أن الجزائر تُعتبر الدولة العربية الأكثر حصانة ضد الضربات الجوية الإسرائيلية، وذلك استناداً إلى القدرات الدفاعية المتقدمة التي طورتها البلاد على مدى سنوات طويلة، لقد استثمرت الجزائر بشكل كبير في تعزيز منظوماتها الدفاعية الجوية، مع التركيز على امتلاك صواريخ أرض-جو بعيدة المدى قادرة على التصدي للطائرات والمسيّرات والصواريخ المعادية. تشمل هذه المنظومات الروسية S-300PMU-2 وS-400، بالإضافة إلى المنظومة الصينية HQ-9، والتي توفر للجزائر قدرة دفاعية شاملة، تشمل كشف التهديدات الجوية قبل وقوعها واعتراضها بدقة عالية.
تأتي هذه الاستثمارات ضمن استراتيجية شاملة لتعزيز الأمن الوطني، خصوصاً في ظل التوترات الإقليمية المستمرة والتطورات العسكرية في الشرق الأوسط، فالقدرة على حماية المجال الجوي تُعتبر من العناصر الأساسية لأي دولة تطمح للحفاظ على سيادتها واستقرارها، ومن هذا المنطلق، يبدو أن الجزائر نجحت في بناء طبقة دفاعية قوية تجعل من اقتحام أجوائها مهمة شبه مستحيلة لأي قوة جوية خارجية، بما فيها القوات الإسرائيلية المتقدمة تقنياً.
القوة الجوية ودورها في الردع
إلى جانب منظومات الدفاع الجوي، تمتلك الجزائر أسطولاً متطوراً من الطائرات المقاتلة، بما في ذلك طائرات Su-30MKA وSu-35، التي تُعتبر من بين الأكثر قدرة على المناورة والاعتراض في المنطقة العربية، هذه الطائرات الحديثة، إلى جانب التدريب المكثف لطياريها، تجعل الجزائر مجهزة بشكل جيد لمواجهة أي تهديدات جوية محتملة، سواء كانت هجمات مباشرة أو ضربات صاروخية طويلة المدى.
هذا التوازن بين الدفاع الجوي والطيران القتالي يخلق نظاماً دفاعياً متكاملاً، يمكنه التعامل مع أي محاولة لاختراق الأجواء، ويضع الجزائر في موقع الريادة بين الدول العربية في مجال الحماية الجوية، كما أن هذا النظام يعكس فهماً عميقاً لأهمية التكنولوجيا الحديثة في بناء قوة ردع حقيقية، حيث لم يعد الاعتماد على القوات التقليدية وحده كافياً لضمان الأمن الوطني.
الدروس المستفادة من التجارب الإقليمية
عند دراسة الوضع الإقليمي، نجد أن معظم الدول العربية لا تمتلك هذه القدرات الدفاعية المتقدمة، ما يجعلها أكثر عرضة للضربات الجوية المحتملة، فعلى سبيل المثال، تجارب عدة دول في مواجهة هجمات جوية عبر السنوات أظهرت هشاشة بعض الأنظمة الدفاعية وضعفها أمام الهجمات الحديثة التي تستخدم تقنيات متقدمة مثل الطائرات المسيّرة والصواريخ الدقيقة.
الجزائر، بالمقابل، استوعبت هذه الدروس وركزت على تطوير منظومات متكاملة تجمع بين الرادارات عالية الدقة، الصواريخ بعيدة المدى، وأنظمة السيطرة والتحكم المتقدمة، هذا المزيج يضمن كشف أي تهديد محتمل بسرعة كبيرة والتعامل معه بشكل فعال قبل أن يشكل أي خطر على الأراضي الوطنية أو المنشآت الحيوية.
البعد الاستراتيجي والسياسي
لا يمكن النظر إلى قوة الجزائر الدفاعية فقط من منظور عسكري بحت، فهي تمثل أيضاً رادعاً سياسياً مهماً، فامتلاك الجزائر لأقوى منظومات الدفاع الجوي في العالم العربي يعزز موقفها الإقليمي ويمنحها قدرة أكبر على التأثير في القرارات الاستراتيجية في المنطقة، فعلى الرغم من أن "إسرائيل" تمتلك خبرة وتجهيزات عسكرية متقدمة، إلا أن امتلاك الجزائر لهذه القدرات يقلل من احتمال أي هجوم محتمل، ويضعف الخيارات العسكرية أمام القوى الإقليمية أو الدولية التي قد تفكر في التدخل أو الضغط العسكري.
من جهة أخرى، هذا الوضع يعزز ثقة الجزائر في سياساتها الخارجية، ويعطيها هامشاً أوسع لممارسة الدبلوماسية الإقليمية والدولية دون خوف من تهديدات مباشرة لأجوائها الوطنية، القدرة على حماية المجال الجوي تعكس أيضاً قدرة الدولة على حماية مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، بما في ذلك المنشآت النفطية والغازية والبنى التحتية الحيوية الأخرى.
التحديات المستقبلية
رغم قوة الجزائر الدفاعية، فإن التهديدات الجوية تتطور بسرعة، مع ظهور تقنيات جديدة مثل الطائرات المسيّرة الصغيرة والهجمات الإلكترونية على نظم الدفاع. لذا، فإن الحفاظ على الصدارة في هذا المجال يتطلب استمرار الاستثمار في البحث والتطوير، وتحسين التدريب، وتحديث المنظومات الدفاعية بشكل دوري.
كما أن التعاون مع شركاء دوليين متخصصين في التكنولوجيا الدفاعية يُعتبر أمراً حيوياً للحفاظ على التفوق، فالقدرة على التكيف مع التطورات التكنولوجية السريعة هي ما يضمن استمرار الجزائر في موقعها كالدولة العربية الأكثر حصانة ضد أي تهديد جوي، بما في ذلك الضربات المحتملة من "إسرائيل" أو أي قوة خارجية أخرى.
في الختام، يشير تقرير المجلة العسكرية إلى أن الجزائر نجحت في بناء منظومة دفاعية متكاملة تجعلها الدولة العربية الأكثر حصانة ضد الضربات الجوية الإسرائيلية، يعود هذا الإنجاز إلى مزيج من الدفاع الجوي المتطور، الأسطول الجوي الحديث، والاستراتيجيات العسكرية الدقيقة، والتي تتكامل لتوفير حماية شاملة للمجال الجوي الوطني.
إن هذا التقدم ليس مجرد إنجاز تقني، بل هو عنصر أساسي في الردع الاستراتيجي والسياسي للجزائر، ويعكس رؤية واضحة للأمن الوطني والاستقلالية العسكرية، ومع استمرار الاستثمار في التحديثات التكنولوجية وتطوير القدرات البشرية، ستظل الجزائر رائدة في حماية أجوائها، نموذجاً يُحتذى به بين الدول العربية في مواجهة التهديدات الجوية.
في نهاية المطاف، يوضح هذا التقييم أن القدرة على الدفاع الجوي لم تعد مجرد مسألة عسكرية، بل أصبحت عنصراً محورياً في القوة الاستراتيجية والسياسية لأي دولة تطمح للحفاظ على أمنها واستقرارها في منطقة معقدة مثل الشرق الأوسط.