الوقت- بدأت هجمات أنصار الله اليمنية الصاروخية ضد الأراضي المحتلة في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بعد بدء الغزو البري الإسرائيلي لقطاع غزة، ولقد أصبحت هذه الهجمات ناقوس الخطر والأرق وهروب المستوطنين الصهاينة إلى الملاجئ أمرا مستمرا ويكاد يكون يوميا في الأراضي المحتلة؛ وتكثفت هجمات الجيش اليمني الصاروخية على جنوب وشمال الأراضي المحتلة ومدن رئيسية مثل تل أبيب وحيفا.
الصهاينة الذين لا يستطيعون مواجهة اليمن بشكل مباشر بسبب المسافة التي تصل إلى 1800 كيلومتر، والذين أملهم الوحيد هو الأنظمة المضادة للصواريخ، يطلبون بشدة من الولايات المتحدة قمع القدرات الصاروخية للجيش اليمني ومنع استمرار الهجمات والضغط النفسي والاقتصادي الشديد على الحكومة الإسرائيلية، لكن الهجمات التي يشنها الجيش الأمريكي، سواء في عهد جو بايدن أو خلال رئاسة ترامب، فشلت في منع إطلاق الصواريخ الباليستية من الأراضي اليمنية باتجاه "إسرائيل".
وانطلقت يوم امس صفارات الإنذار من هجوم صاروخي في ميناء حيفا شمال "إسرائيل"، وأطلقت دفاعات الكيان المضادة للصواريخ عدة صواريخ اعتراضية للتصدي للصاروخ اليمني، ولم يمر سوى أقل من ساعة منذ تصريح الجيش الإسرائيلي الرسمي وادعائه بنجاحه في اعتراض صاروخ يمني، حيث تم هذه المرة استهداف قاعدة رامات دافيد العسكرية في قلب الأراضي المحتلة بصاروخ باليستي من طراز فلسطين 2 فائق السرعة، وزعم الصهاينة اعتراض الصاروخين، لكن صورا لانفجار وحريق في المكان التقريبي للهدف نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
16 شهرًا من القصف الأمريكي وإطلاق الصواريخ الباليستية المتواصل من اليمن!
بدأت هجمات أنصار الله اليمنية الصاروخية على الأراضي المحتلة في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2023، بعد بدء الغزو البري الإسرائيلي لقطاع غزة، وبعد تعطيل التجارة البحرية الإسرائيلية على طول طريق البحر الأحمر، ونشاط ميناء إيلات، وأمن المستوطنين الصهاينة في قلب الأراضي المحتلة بشكل كبير، بدأت القوات الجوية الأمريكية والبريطانية قصف الأراضي اليمنية في الأول من يناير/كانون الثاني 2024، متعهدة بقمع قدرات الصواريخ والطائرات من دون طيار في البلاد ومنع الهجمات على السفن التجارية الإسرائيلية والهجمات الباليستية على الأراضي المحتلة.
خلال فترة العام من الغارات الجوية على اليمن في عهد جو بايدن، تم تنفيذ آلاف الطلعات الجوية بواسطة طائرات مقاتلة أمريكية أو طائرات من دون طيار قتالية أو إطلاق صواريخ كروز من مدمرات البحرية، كما تم إطلاق مئات الصواريخ الدفاعية أيضًا للدفاع عن السفن التجارية الإسرائيلية أو الأمريكية أو لاعتراض الصواريخ اليمنية المتجهة نحو "إسرائيل".
وكانت كل الإجراءات المذكورة أعلاه بلا جدوى، وغادر جو بايدن البيت الأبيض بخيبة أمل تامة إزاء قمع القوة العسكرية لأنصار الله، وبوعد مماثل وعبارات مضحكة مثل "الجحيم" و"قصف لم يسبق له مثيل"، أمر الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب ببدء حملة جوية جديدة ضد الشعب اليمني اعتبارا من الـ 18 من مارس/آذار 2025.
وحسب مصادر أمريكية، فقد تم تنفيذ أكثر من 700 غارة جوية ضد الأراضي اليمنية حتى نهاية أبريل/نيسان، وقتل في هذه الهجمات 600 من قوات الحوثيين (أي المدنيين اليمنيين الأبرياء)، لكن النتيجة النهائية لهذه الهجمات لم تكن فقط وقف الهجمات الصاروخية على "إسرائيل"، بل حتى أسطول حاملة الطائرات هاري ترومان نفسه عانى من خسائر خلال الهجمات الصاروخية للجيش اليمني، مثل خسارة طائرتين مقاتلتين من طراز إف-18 سوبر هورنت، ويتواجد هذا الأسطول حاليا على بعد 1000 كيلومتر من السواحل اليمنية خوفا من ترسانة الجيش اليمني المضادة للسفن.
تآكل حاد في احتياطيات الدفاع الصاروخي للكيان الإسرائيلي
وإضافة إلى الضغوط النفسية الكبيرة على المستوطنين الصهاينة، فإن تكلفة رد الجيش الإسرائيلي على الهجمات الصاروخية التي شنتها جماعة أنصار الله في اليمن كانت هائلة أيضاً، ورغم أن هذا الكيان يحصل في نهاية المطاف على الأسلحة التي يستخدمها، حتى صواريخ آرتس 2 وآرتس 3 الاعتراضية، من الولايات المتحدة مجاناً، فإن المسألة المهمة هي أن القدرة الإنتاجية السنوية لهذه الصواريخ محدودة للغاية، والآن يواجه الصهاينة خطر مواجهة أزمة نقص الصواريخ الاعتراضية في المستقبل القريب وصراع محتمل مع إيران.
ولقد تسببت العمليتان الصاروخيتان الرئيسيتان، وعد الحقيقة 1 و2، وإطلاق العشرات من الصواريخ الباليستية من الأراضي اليمنية باتجاه "إسرائيل"، في انخفاض حاد في احتياطيات الدفاع الإسرائيلية، وحتى نشر كيان الدفاع الجوي الصاروخي "ثاد" في صحراء النقب من قبل الجيش الأمريكي لا يكفي للمساعدة في تحسين الوضع، لأن بعض الهجمات الصاروخية للجيش اليمني على المناطق الشمالية أو الجنوبية من الأراضي المحتلة تقع خارج مدى القتال لكيان "ثاد".
إن استمرار هجمات الجيش اليمني يوميا وإطلاق المزيد من صواريخ آرتو 2/3 الإسرائيلية في كل مرة سيقلل من قدرته على التصدي لهجمة صاروخية واسعة النطاق (مثل وعد صادق) مستقبلا وسيزيد من عدد الإصابات الناجحة والأضرار المترتبة عليها.
