الوقت- بعد مرور عام على سيطرة جمهورية أذربيجان بشكل شبه كامل على إقليم كاراباخ، لا يزال الوضع في هذه المنطقة غير واضح، وبموجب شروط اتفاق وقف إطلاق النار، كان من المفترض أن تنسحب القوات الأرمينية وتنزع سلاحها، وهذا ما حدث منذ عام ، كما استمرت المناقشات بشأن إعادة دمج منطقة كاراباخ في أذربيجان خلال العام الماضي.
في 28 سبتمبر/أيلول 2023، أصدر زعيم جمهورية آرتساخ (ناغورنو كاراباخ) المعلنة من جانب واحد، صموئيل شهرامانيان، بيانًا أكد فيه أن جميع مؤسسات الدولة الأرمنية المستقلة في كاراباخ سيتم حلها بحلول الأول من يناير/كانون الثاني 2024، وبعد ذلك ستتوقف الدولة الأرمنية عن الوجود، لقد مر أكثر من عام ولم ترد أي أنباء عن الحكومة الأرمنية المحلية المعلنة من جانب واحد في كاراباخ، وهذه المنطقة تحت السيطرة الكاملة لباكو، ولكن لا توجد حتى الآن أي أنباء عن السلام الكامل بين جمهورية أذربيجان وأرمينيا.
أحدث الإحصائيات عن سكان قره باغ
منذ الاحتلال الكامل لإقليم كاراباخ من قبل جمهورية أذربيجان، دعا المجتمع الدولي البلاد إلى ضمان حقوق وأمن الأرمن في كاراباخ وتقديم المساعدة الإنسانية الفورية ودون عوائق في هذه المناطق، وفي الوقت نفسه، قالت جمهورية أذربيجان إنها ستضمن حقوق وأمن الأرمن في كاراباخ، مثل الأقليات العرقية الأخرى في أذربيجان، ومع ذلك، هناك مستوى عال من عدم الثقة بين الأرمن في كاراباخ والحكومة الأذربيجانية، وفي العام الماضي، وفي خضم انعدام الثقة، حدثت هجرة جماعية من المنطقة، حيث أفادت التقارير بأن ما لا يقل عن 80 ألفاً من أصل 120 ألفاً من سكان منطقة كاراباخ الأرمنيين غادروا إلى أرمينيا، ومع ذلك، لا يزال بعض الأرمن يقيمون في منطقة كاراباخ.
ومن ناحية أخرى، تسعى حكومة جمهورية أذربيجان إلى إعادة السكان الأذربيجانيين إلى كاراباخ، وحسب الإحصائيات الرسمية، عاد أكثر من 8000 نازح داخلي إلى المناطق المستعادة في كاراباخ حتى سبتمبر/أيلول 2024، وأعلنت الحكومة الأذربيجانية أيضًا أنها تخطط لتسهيل عودة 40 ألف شخص آخرين بحلول نهاية عام 2026، ومع ذلك، لم يتم الإعلان بوضوح عن تفاصيل كيفية تحقيق هذا الهدف وآليات تنفيذه.
مليارات الدولارات التي تم إنفاقها على إعادة الإعمار
لقد كان حجم الاستثمار الذي قدمته الحكومة الأذربيجانية في إعادة إعمار كاراباخ كبيرًا جدًا، وحسب إحصاءات أعلنتها وسائل إعلام مقربة من باكو، فإن الميزانية المتوقعة لإعادة إعمار قره باغ بين عامي 2021 و2023 تبلغ نحو 12 مليار مانات (ما يعادل 7.1 مليارات دولار)، وفي عام 2024 نحو 4.8 مليارات مانات (ما يعادل 2.83 مليار دولار)، وفي عام 2025 تبلغ الميزانية المتوقعة لإعادة إعمار قره باغ 4 مليارات مانات (ما يعادل 2.35 مليار دولار)، وقيل إن هذه الأموال الضخمة أنفقت بشكل رئيسي على إعادة بناء وتشييد البنية التحتية للنقل (الطرق والسكك الحديدية والمطارات) والطاقة والاتصالات والتعليم والصحة، كما يتم إعداد وتنفيذ "خطط التنمية الشاملة" للمدن المهمة مثل خانكندي وخوجالي وخوجاوند وأغدر، على سبيل المثال، تم إنشاء مصنع للخياطة في خانكيندي بطاقة تشغيلية تبلغ 400 شخص، وهناك خطط لزيادة هذه القدرة إلى 800 شخص.
ومن ناحية أخرى، حاولت الحكومة الأذربيجانية دائمًا تصوير عملية عودة اللاجئين وإعادة إعمار كاراباخ باعتبارها قصة نجاح، لكن هذه الرواية واجهت انتقادات من بعض وسائل الإعلام الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، وفي الوقت نفسه، نُشرت تقارير تفيد بأن بعض اللاجئين العائدين يستأجرون منازل سلمتها لهم الحكومة.
التحديات المقبلة في كاراباخ
وفي الوقت نفسه، هناك تحديات تواجه تحقيق السلام الكامل بين جمهورية أذربيجان وأرمينيا:
الف- دستور أرمينيا: بعد حل الحكومة الأرمنية المتمتعة بالحكم الذاتي في ناغورنو كاراباخ، دخلت جمهورية أذربيجان وأرمينيا في مفاوضات سلام، وفي أبريل/نيسان 2024، وافقت أرمينيا على تسليم أربع قرى حدودية إلى جمهورية أذربيجان، ومن بين الانتقادات الرئيسية الموجهة لجمهورية أذربيجان ما يتعلق بمقدمة الدستور الأرمني، التي تشير إلى إعادة توحيد أرمينيا وإقليم ناغورنو كاراباخ (الدولة الأرمنية المتمتعة بالحكم الذاتي). وردًا على ذلك، وافق باشينيان على إطلاق استفتاء دستوري في عام 2027.
ب- ممر زانجيزور: تشكل خطط جمهورية أذربيجان لبناء ممر زانجيزور أيضًا عقبة كبيرة أمام تعزيز اتفاق السلام، وحسب خطة جمهورية أذربيجان، من المفترض أن يربط هذا الممر البر الرئيسي الأذربيجاني بمنطقة نخجوان، التي يفصلها عن البر الرئيسي الأذربيجاني حوالي ثلاثة وأربعين كيلومترًا عبر جنوب أرمينيا، وتسعى تركيا وبعض الدول الناطقة بالتركية في آسيا الوسطى إلى استكمال هذا المشروع، ومع ذلك، أعربت يريفان عن مخاوف أمنية بشأن مرور الممر عبر أراضيها، كما أعربت إيران أيضًا عن معارضتها للممر بسبب التغييرات الحدودية وفصل حدود إيران عن أرمينيا، ولذلك فإن تنفيذ هذا الممر لا يبدو ممكنا من الناحية العملية.
ج- النزاعات القانونية: لا تزال بعض قضايا النزاع بين البلدين مفتوحة، في أبريل/نيسان 2024، رفعت أرمينيا قضية أمام محكمة العدل الدولية، متهمة أذربيجان بالتطهير العرقي للأرمن في كاراباخ، وردت جمهورية أذربيجان على هذه الشكوى بتقديم دعوى مضادة، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قضت محكمة العدل الدولية بأن كلا الطرفين يمكنهما المضي قدما في دعاواهما القضائية، ورغم النزاع القانوني المستمر، لا تزال باكو تركز على إعادة بناء ناغورنو كاراباخ، وقد خصصت أكثر من 11 مليار دولار لإعادة تأهيل المنطقة، وفي عام 2025 أيضاً، بدأت جمهورية أذربيجان محاكمة ستة عشر مسؤولاً سابقاً من أصل أرمني من ناغورنو كاراباخ، وأبرزهم وزير الحكومة السابق في المنطقة، روبين فاردانيان، وانتقدت السلطات الأرمينية هذه العملية ووصفتها بأنها محاكمة صورية، مشيرة إلى تقييد الوصول إلى وسائل الإعلام والاتهامات الإرهابية التعسفية الموجهة إلى المتهمين، ولذلك، تستمر النزاعات القانونية بين الجانبين في المنطقة.
قضية الأسرى وأسرى الحرب: من ناحية أخرى، أعلن مسؤولون في الحكومة الأرمينية أن جمهورية أذربيجان لا تزال تحتجز العديد من أسرى الحرب، في حين تعترف جمهورية أذربيجان رسميًا بأسر 23 سجينًا أرمنيًا فقط، فإن منظمات حقوق الإنسان القريبة من الحكومة الأرمينية تقدر العدد الفعلي للسجناء الأرمن في جمهورية أذربيجان بما لا يقل عن 80 سجينًا، وذكرت الحكومة الأرمينية، نقلاً عن محامي المعتقلين، أن السجناء محتجزون في ظروف قاسية ويتعرضون للتعذيب، وتشكل هذه القضية أيضًا أحد النزاعات المتبقية بين جمهورية أذربيجان وأرمينيا.