الوقت- كتب توماس فريدمان: إذا كنت مرتبكًا بشأن استراتيجيات الرئيس ترامب المتعرجة بشأن أوكرانيا، والرسوم الجمركية، والشرائح الدقيقة، والعديد من القضايا الأخرى، فهذا ليس خطأك؛ المشكلة فيه؛ الرئيس، الذي ترشح لإعادة انتخابه من أجل تجنب الملاحقة القضائية والانتقام من أولئك الذين اتهمهم زوراً بتزوير انتخابات عام 2020، ولم تكن لديه قط رؤية متماسكة للاتجاهات الأكثر أهمية في العالم اليوم وكيفية التكيف معها على أفضل وجه لتحقيق النجاح في القرن الحادي والعشرين، كان هدف ترامب من الترشح لمنصب الرئاسة شيئا آخر، وعندما فاز، أثيرت الخلافات والهواجس السابقة مرة أخرى، بما في ذلك قصة التعريفات الجمركية، والمواجهة بين فلاديمير بوتن وفولوديمير زيلينسكي، والقضية الكندية.
لقد ملأ الحكومة بعدد غير مسبوق من الأيديولوجيين المتطرفين، وكان معيار الاختيار الوحيد هو الولاء المطلق لترامب ومطالبه، والنتيجة هي ما تراه؛ مزيج فوضوي من التعريفات الجمركية المفروضة اليوم والتي سيتم رفعها غداً، والمساعدات غير المستقرة لأوكرانيا، والتعديلات المتقطعة على البرامج والمنظمات في الداخل والخارج.
لن يستمر هذا الوضع في السنوات الأربع المقبلة، وفي ظل ظروف "عدم اليقين"، سوف تصل الأسواق إلى انهيار نفسي، وتدخل في أزمة، وسيشعر المستثمرون بخيبة الأمل، وسوف يصبح الحلفاء نادرين، وسوف ينزلق النظام العالمي إلى أزمة، وفي ظل هذا الوضع، أصبح من المستحيل حكم أمريكا، أو أن تصبح حليفاً لأمريكا، أو أن تظل شريكاً تجارياً طويل الأمد لأمريكا.
ترامب يهدد أوكرانيا وروسيا ثم يسحب تهديده ضد روسيا، يفرض رسوماً جمركية باهظة على المكسيك وكندا ثم يؤجل تنفيذها، ويهدد بفرض المزيد من الرسوم الجمركية على أوروبا وكندا، وقال كبار المسؤولين من أقدم حلفائنا في تصريحات خاصة إنهم يشعرون بالقلق من أن أمريكا لم تصبح غير مستقرة فحسب، بل أصبحت عدوهم فعليا.
يشعر خبراء الاقتصاد بالقلق، إن حالة عدم اليقين الشديدة التي أدخلها ترامب إلى الاقتصاد قد تؤدي إلى خفض أسعار الفائدة لأسباب غير مبررة، إن عدم اليقين المفرط بين المستثمرين يؤدي إلى انخفاض النمو الاقتصادي، وتشمل آثار عدم اليقين الاقتصادي انخفاض الاستثمار، وانخفاض استهلاك الأسر بسبب الخوف من المستقبل، وتباطؤ النمو الاقتصادي، وزيادة التقلبات في الأسواق المالية، إن هذا الوضع ليس مجرد حالة من عدم اليقين المؤقت، بل إنه يخترق عميقا في البنية ويشير إلى انهيار بنية عمرها 80 عاما على يد الرئيس نفسه، الشخصية الأهم هي التي لا تعرف ماذا تفعل وتحيط بها مجموعة من المتملقين والجهلة.
إن الصورة الأمريكية التي عرفها العالم تلخصت في مقتطفات من خطاب تنصيب كينيدي التاريخي في 20 يناير/كانون الثاني 1961: "فلتعلم كل أمة، صديقة كانت أم عدوة، أننا سندفع أي ثمن، ونتحمل أي عبء، ونتحمل أي مشقة، وندعم أي صديق، ونعارض أي عدو لضمان بقاء الحرية وتقدمها".
لقد قلب ترامب ونائبه غير المؤهل هذه الرسالة رأسا على عقب، ووصفتهما هي: "فلتعلم كل أمة، صديقة كانت أم عدوة، أن أمريكا اليوم لن تدفع ثمناً، ولن تتحمل أي عبء، ولن تتحمل أي مشقة، ولن تتخلى عن كل صديق، وستقترب من كل عدو لضمان البقاء السياسي لإدارة ترامب"، "لا يهم إذا اختفت الحرية من العالم."
لقد كانت الولايات المتحدة بمثابة عامل استقرار منذ عام 1945، حيث دفعت حصة أكبر من التكاليف بالتعاون مع مؤسسات مثل حلف شمال الأطلسي، ومنظمة الصحة العالمية، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية لتعزيز التماسك العالمي، وعندما تخرج مثل هذه الدولة عن دورها وتصبح مفترسًا، فإن هذا يثير القلق.
إن فلسفة السياسة الخارجية التي ينتهجها ترامب ليست "الاحتواء والمشاركة"، بل "المراوغة والمخادعة"، ترامب هو لص جيوسياسي، يريد أن يضع جرينلاند وبنما وكندا وغزة في جيبه دون أي تكلفة والعودة إلى ملاذه الآمن، لن يتذكر حلفاؤنا أبدًا مثل هذا الأمريكي، إن ما قاله ليون ويسلتير ذات مرة عن بنيامين نتنياهو هو أكثر صدقًا مما قاله بيبي عن ترامب: "إنه رجل متواضع في وقت صعب"، قال أبراهام لنكولن في يناير 1838، "القوة الوحيدة التي يمكنها تدميرنا هي أنفسنا".